19 ديسمبر، 2024 12:08 ص

السلفية الجهادية الغربية

السلفية الجهادية الغربية

عدة نماذج حركية لشعوب المنطقة ضد حكوماتها شهدناها منذ 2011م ، حظي بعضها بدعم دولي وشرعية غير مبررة كما في سوريا ، وبعضها تم حجبه دولياً مثلما عبّر نعوم تشومسكي كما في البحرين .
ان هذه الانتقائية الدولية في دعم أو رفض الحراك الجماهيري للشعوب تشير إلى خلل واضح في المنظومتين السياسية والإعلامية في العالم .
وعند متابعة تفاصيل ما جرى ومبررات الدعم أو الرفض الدوليين سوف نجد لاشك تناقضات غريبة وغير منطقية في السلوك الحقوقي والسياسي الرسمي العالمي . فقد تم دعم الجماعات المسلحة في سوريا غربياً وعربياً رغم أنها مصنفة ضمن قوائم الإرهاب في عربياً ودوليا ، وأنها تعترف علناً بتطرفها وتكفيرها غالبية سكان العالم . وهذا لا يعني إعفاء النظام السوري من المسؤولية الحقوقية أمام شعبه . وقد حظيت هذه الجماعات بحماية ورعاية تركية وأمريكية ، وضخ مالي وإعلامي خليجي ، حتى تم حجبها بعد هزيمتها . وكل ذلك والحكومة السورية لم تسقط .
فيما في اليمن سقط النظام السياسي وتم اختيار رئيس جديد للدولة ، واختارت المنظومة العسكرية الرسمية الالتحاق بقيادة الثورة وكذلك جميع المؤسسات الحكومية ، لكنّ كل ذلك لم يشفع للثوار دوليا ، واتفق المجتمع الدولي على تأسيس حكومة بديلة خارج البلاد ، مشتتة الولاءات وغير موجودة على الأرض اليمنية ، واضطر التحالف الدولي إلى شن حرب مباشرة ضد الثوار في ظاهرة غريبة ومكلفة .
وفي ليبيا دخل المجتمع السياسي الغربي وحليفه الخليجي في حرب مباشرة إلى جانب الثوار ضد نظام القذافي حتى اسقطوه ، ثم أسقطوا ليبيا .
وفي مصر كان المجتمع الدولي إلى جانب المنظومة العسكرية في انقلابها على الثوار .
وفي السودان كذلك أختار هذا المجتمع ذات الخيار المصري في الاستئناس بالمنظومة العسكرية .
وعلى ما يبدو ان الاختلاف بين اليمن وهذه الدول يكمن في العقيدة الشعبية ، وأن التحالف الدولي لا يدعم الحراك الشيعي .
لذلك تم تطويق الحراك الشعبي البحريني ، لا سيما إعلاميا ، ثم ضربه عسكريا ، وإلى جانبه أكبر قاعدة عسكرية أمريكية . وتم خذلان الشعب البحريني دوليا ، رغم أن ثورته تميزت وحدها بالسلمية والجماهيرية .
ان هذا السلوك الغربي يكشف عن أبعاد ما يجري في المنطقة من تحالفات على اساس الدين . فلو كان معيار دعم الثورات حمل السلاح ففي اليمن كانت مسلحة كما في سوريا وليبيا . وإن كان المعيار إسقاط النظام كما في النموذج الليبي ففي اليمن تم إسقاط النظام . وإن كان المعيار دعم المنظومة العسكرية للثورة كما في النموذج السوداني ففي اليمن تم ذلك . وإن كان المعيار هو السلمية ففي البحرين وحدها كانت سلمية وتم قصفها بضوء أخضر غربي .
ان هذا السلوك السياسي الدولي الطائفي خرج بالعقل الغربي من دائرة تنظيرات القرن التاسع عشر والعشرين إلى دائرة السلفية الجهادية ، وتدنى بالادبيات الدولية إلى مستوى اقل من الثقافة العثمانية .
منطقة المرفقات