23 ديسمبر، 2024 4:15 م

السلطة والسيول !

السلطة والسيول !

التظاهرات والحركة الأحتجاجية السابقة التي اندلعت في محافظة البصرة كانت عاملاً فعّالاً وحيوياً في عدم اعادة انتخاب العبادي لدورةٍ ثانية , بالرغم من أنّ الرجل قدّم بعض المنجزات ذات التأثير المباشر على حياة العراقيين وبما لم يفعلها ايّ رئيسٍ وزراءٍ سابق , ويُسجّل له الأنتصار على داعش وتحرير الموصل وانقاذ الملايين من ذلك التنظيم , كما يُسجل له الغاء ” منع التجول ” بعد منتصف الليل الذي كان جاثماً على الرؤى والصدور , وما صاحب ذلك بألغاء وازالة اجهزة ” السونار ” الكاذبة والمزيفة من كل نقاط التفتيش , والتي كانت تستهين وتهين اوقات الناس وتهيج الأعصاب . ويتهم الكثيرون العبادي في فشله بالقضاء على الفسدة والفساد , وذلك أمر صائب , لكنما دون اعتبارٍ بأنّ لا رؤساء الوزراء السابقين ولا اللاحقين سيغدو بمقدورهم اجتثاث واقتلاع الفساد الحكومي المتجذر , وكان على العبادي أن يضحى الضحية , بل نضيف لذلك عدم مقدرته على فتح ملف التحقيق عن المسؤولين السياسيين ” الرفيعي المستوى ” والقادة العسكريين الذين تسببوا بسقوط الموصل وانسحاب الجيش وترك اسلحته قبل ايّ وجودٍ لساحة المعركة . وبالرغم من أذى تراجيدي للعوائل القاطنة هناك  والذي يفوق التصور لما مارسوه الدواعش , إنما < وكما اليوم > فلم تكن هنالك سيولٌ تجرف ولا أمطار وصواعق تسببت بموت البعض , ولم تكن آنذاك مخيماتُ نازحين تزاح عن بكرة ابيها وأمها جرّاء وازاء سيول الأجتياح او اجتياح السيول , وقد تلاشت عن الوجود 5000 خيمة في مخيمين اثنين فقط , وكلّ خيمة مكتظة بعائلةٍ واقاربها , كما لم يحصل آنذاك انقطاعاً كاملاً ومتكاملاً للكهرباء كما هو في بعض المحافظات الوسطى والجنوبية , والحديثُ طويلٌ ويطول اكثر وبأسىً وآلام لما جرى للمناطق والأحياء السكنية التي غرقت وبعضها غطست في ديالى وصلاح الدين وواسط وسواها .. المسألة هنا ليست سرد تفاصيل مذكورة ومنشورة في نشرات الأخبار , لكنّ ما يستفزّ الأعصاب ويُجسّم علائم الأستغراب أنّ أيّاً من رؤساء الرئاسات ورؤساء الكتل والتنظيمات لمْ يتفضّل بزيارة ميدانية واحدة وقصيرة لهذه المناطق المنكوبة ” ولو أمام عدسات وكاميرات وسائل الإعلام ” او حتى أمام كاميرات مكاتبهم الأعلامية ” .!

إنّ الصراع القائم حول تولية عددٍ محدودٍ لأسماءٍ محددة لوزارتي الدفاع والداخلية , لا يبرر ولا يسوّغ لرئيس الوزراء ولرئيس الجمهورية وللحلبوسي عدم اتخاذ الأجراءات الأستباقية والأحتياطات اللازمة للحؤول دون الذي حصل لآلاف البشر من المواطنين جرّاء هذه السيول والأعاصير التي لم تبدأ بعد , آخذين بالأعتبار وبشدّة وبحدّة أنّ ما يماثل ذلك وبأضعافٍ قد حصل وجرى في الكويت وبيروت والسعودية والأردن ” على الأقل ” ومنذ نحوِ شهر , فلماذا و علامَ لمْ تتّعظ الحكومة واحزاب السلطة وتستبق ما يمكن استباقه ولو بالحدّ الأدنى .! وتنقذ من يمكن انقاذهم من الموت والغرق والقلق .!

وكما أشرنا في اعلاه , فالهجوم والعدوان المائي ” جوّاً وبرّاً ” لم يبدأ عنفوانه بعد كما حصل لدول الجوار , ولربما قد يغدو تأخّره كعلاماتِ انذارٍ واختبارٍ للحكومة الحالية وخصوصاً لقادة احزاب الأسلام السياسي وتشكيلاتهم دونما استثناء .

تُزال كلّ انواع علامات التعجب والأندهاش اذا ما ارتبط مصير الحكومة الجديدة ورؤساء الرئاسات والقياديين الأسلاميين بالتطورات البيئية المفترضة والمحتملة ” سلباً ” , فالدول العربية التي تعرّضت للإعصار المائي تمتلك بنى تحتيّةً حديثة مكّنتها من استيعاب وامتصاص الهجوم ! , أمّا في العراق فقد امست واضحت البنى التحتية ” بعد الأحتلال ” مُهيّأة فنيّاً وتقنياً , وسياسياً حزبياً كآلاتٍ وادوات للموت الجماعي .! , ودونما ريبٍ فالحكومة الحالية قد غدت متأرجحة , واذا ما سقطت جرّاء هذه المتغيرات وغيرها ايضاً , فكيف سيكون لون ورائحة الحكومة المفترضة التي ستليها او سوف تعقبها ! وهل تُعاقبها .!