23 ديسمبر، 2024 4:27 م

السلطة واظافر الاعلام الحر

السلطة واظافر الاعلام الحر

يتصور بعض المسؤولين ان مشكلة البلد ليست في تباطؤ الحركة العمرانية، ولا في الفساد ولا في كل ما يتغلغل داخل المجتمع من أزمات واحتقانات واحساس عام بخيبة التجربة ، وانما المشكلة فقط في الاعلام, هذا الذي كشف المستور وأشار الى مواطن الخلل والفساد، وهذا الذي فتح عيون الناس على كل شيء، وايقظ ضمائرهم وأسقط عنها الخوف.
وما دام ان الاعلام هو المشكلة كما يرى هؤلاء فان الحل المطروح على الطاولة الان هو الحد من نفوذه وقص أظافره، وازاحته من موقعه كمعبر عن الضمير العام، وكمرآة عاكسه لقضايا الناس، ومراقبة أداء السلطات ونقد اخطاء المسؤولين ، الى موقع آخر يمارس فيه وظيفة الصمت والخنوع على الخطأ، والتصفيق للجالسين في المقدمة، وازدراء مطالب الشارع، والعزف على أوتار انجازات المسوؤل ووعوده حتى لو كانت مجرد أوهام.
الآن، ثمة من يشعر بأن البغدادية أصبحت طرفاً مهماً في الصراع الدائر من اجل الاصلاح ومكافحة الفساد والتحول نحو ديمقراطية حقيقية من شأنها ان تغير المعادلات السياسية القائمة، وتعصف بالشراكات , التي اخذت بالوطن واستهترت بالناس، وبالتالي فان اشهار الحرب على البغدادية ومحاولة تطويق مكاتبها ومنعها واقصائها عن المشهد الاعلامي واشغالها بالدفاع عن نفسها، واغراقها في جدال طويل وتخويف المجتمع منها، هو أقصر الطرق للالتفاف على مطالب الناس ، وابقاء الوضع الراهن على ما هو عليه، كضمانة مفترضة لمنع اي محاسبة او مراقبة أو نقد قد يطال المتضررين من المحاسبة و الخائفين من موازين العدالة.
محاولة اسكات البغدادية ان نجحت, فانها ستفتح الشهية لالتهام ماتبقى من مبادئ واسس الاعلام الحر والجرئ ويكون اسكاتها حافزاً لبدء مرحلة جديدة في مواجهة الاعلام الناطق, و ستأخذ طرقاً واساليب اخرى ومتعددة،سيكون منها ما هو تشريعي, ومنها ما هو استرضائي ,ومنها ما يقع تحت طائلة التشويه والصاق التهم الباطلة، والاطراف التي ستشارك فيها ليست فقط الحكومة , وانما ستنظم اليها جهات ونخب مختلفة، يجمعها احساس واحد هو الانزعاج من الاعلام والخوف منه.
والحل المشترك  هواسكات كل من يتكلم بجرأة لكي تبقى اصداء اصوات الناس خافتة، لا تؤثر ولا يسمعها أحد.