جار الزمان واصبح في المملكة سلطان كسول أضَر بفساده المملكة وضواحيها فقطع الخيرات واحرق البساتين وقطع السبل في وجه ساعيه وعاث هو وحاشيته في ترف الحياة على حساب جوع الشعب .
صحى الناس من نومهم ورأوا عتمة دارهم وانقطاع الكهرباء وسوء الطعام وتلوث المياه فثاروا على السلطان .
فجمعوا منهم حكمائهم وحشدوا الابناء لتكون هبتهم عارمة تهتز لها اركان السماء , سمع السلطان بما يحاك ضده فالعسس يجمعون له الاخبار من كل مكان فأعد الشعراء وألب الخطباء وزرعهم وسط الفيضان لينشدوا له امام خصومه .
و بدأت الثورة وتعالت الهتافات بسقوط السلطان وتجمع البشر من كل حدب وصوب بغضب عارم وعيون ملتهبة تقدح شرزا واصوات ترتفع مطالبها لتصل قصر السلطان .
فبرز الشعراء وامتطوا صهوات شعرهم كالابطال لينشدوا ولي نعمتهم في سوق عكاظ :
ايا ملك الزمان اعطينا الامان ومائة دينار لنقول فيك ما شاء الشعب , ماذا ؟
ايها السلطان اعطينا المسمار لندق الحقوق بالاخشاب . ما حل بالشعراء ؟
ايها الحاكم اعطينا الحبال لنرفع المشانق في وجه السراق والنهاب .
جارت علينا الضغوط والحروب دهرا واليوم تجور علينا الاحزاب .
اين حرية الانعام واين اعمار الديار واين ديمقراطية الاغراب ؟
حروفنا تصدح من اجل الشعب مبنية على الاموال والقافية والاعراب ؟
ضجت الاصوات كل يقول ما يريد , منهم من بدأ يلوم نفسه ومنهم من ضجت به الاصوات فأصبح يبكي من الضحك , وقرب ساقية يقف احد المنظمين وقد اخذ منه السكر مأخذه , فأصبح يسب ويلعن الشيطان الذي علمه لعبة الشرب , واخر يلعن المحيط بعد ان استعمره التجار .
ومثل كل مرة معروفة نهاية الثورة والزعماء امنون من الاعتصام , اتابع من بعيد هذه المسيرات المليونية وفي نفسي حسرة فبدل من اسقاط النضام شجعوه وبدل من نشر الحرية فرضوا الدكتاتورية .
امسكت سيكارتي وانا العن نفسي حين زرعت فيها الامل لربما ستنجح هذه المرة ويسقط السلطان ويأتي بدل منه ملك يحكمنا بالعدل , ولكن من نخدع سلطان جائر ام مهزلة ساخرة , اي جور فرضت علي هذه الافكار .
وبدأت انشد من حزني حكاية شعرية قلت في مطلعها :
اين من فرض الامان واين من سمى بالعنان
ونفسي تجيب : عندما حل الدمار وشائت الاقدار اصبح حاكمنا الحمار
ايها الشاعر اين شعرك قلت لست بشاعر وانما اضحك على نفسي واتلاعب بالكلمات من اجل ان يبقى السلطان على كرسيه , ثم ما دخلك انت يا فلان , اجابني وبصوته بحة , انا مسؤول العسس وقد اعجبني شعرك وسأرويه للسلطان .
دعاني السلطان لحديقته الخضراء وحين رأني مقبلا اشار اعطوه الف دينار , اغمضت عيني من شدة الفرح وقلت ها قد اثريت بشعري , فتحتها اذ الجلاد يقف فوق رأسي وبيده السيف قاطعا , ينزل نحو الرأس كالمقصلة . واطفئت روح شعري وحياتي لهيبها , والويل لمن يضع الامل في روحه ليزول السلطان>