في عالم اليوم هناك أكثر من 15000 رأس نووي، تملكها 9دول حصرا هي (روسيا – الولايات المتحدة – الصين – فرنسا – بريطانيا – باكستان – الهند – إسرائيل – كوريا الشمالية)تسمى هذه دول العتبة النووية كما في الجدول التالي : (nuclear threshold states)
رتبة |
دولة |
إجمالي الرؤوس الحربية النووية |
1 |
روسيا |
5,449 |
2 |
الولايات المتحدة |
5,277 |
3 |
الصين |
600 |
4 |
فرنسا |
290 |
5 |
المملكة المتحدة |
225 |
6 |
الهند |
180 |
7 |
باكستان |
170 |
8 |
إسرائيل |
90 |
9 |
كوريا الشمالية |
50 |
المجموع |
|
12,331 |
المصدر: اتحاد العلماء الأمريكيين حالة القوى النووية العالمية 2025
وهناك دولة أخرى، مثل بيلاروسيا، تملك أسلحة نووية لكنها تابعة لروسيا , ويوجد دول تمتلك التقنيات النووية والمواد الانشطارية الكافية لصنع السلاح النووي , لكنها لم تتخذ قرارا سياسيا او يسمح لها ان لتكون نووية ، وهي اليابان وكندا وألمانيا وهولندا وأستراليا وجنوب افريقيا وتايوان وجنوب كوريا,أما ايران فإنها تقترب من أن تكون من دول العتبة , لكن لطالما أصرت على أن برنامجها النووي للأغراض السلمية فقط ، لكنها في السنوات الأخيرة قامت بتخصيب اليورانيوم إلى درجة نقاء تصل إلى 60 %– أي ما يقارب 90 في المائة من مستويات صنع الأسلحة النووية
في تموز 2015 تفاوضت إيران وست قوى عالمية على اتفاق للحد من البرنامج النووي الإيراني وتعزيز الشفافية مقابل تخفيف العقوبات المفروضة عليها, لكن في أيار 2018 انسحبت الولايات المتحدة من خطة العمل المشتركة وأعادت فرض العقوبات على إيران.
وفي تقييم التهديدات العالمية لعام 2024 أشار مجتمع الاستخبارات الأميركي إلى أن إيران لم تستأنف أنشطتها الرئيسية المتعلقة بالأسلحة النووية ، لكن تقدمها النووي يجعلها في وضع أفضل لتطوير الأسلحة النووية إذا ما اتخذت القرار بذلك.
هناك سؤال يحتاج الاجابة عليه هو إذا كانت “القنبلة الفارسية” لا تناطح “القنبلة الصهيونية” فلماذا تتصدى إسرائيل وامريكا والغرب عموما لجهود ايران لحيازة السلاح النووي؟ الجواب هو أن هذا التصدي المحسوب هدفه إظهار اهتمام الغرب بالحفاظ على نظام منع الانتشار النووي، وثانياوهو الأهم، انهم يعرفون ان امتلاك ايران للسلاح النووي سيؤدي الى سعي الدول العربية الى امتلاك السلاح النووي وما يعنيه ذلك من حصول توازن “الرعب النووي” في المنطقة، لذلك الرئيس الأمريكي بايدن قالها صراحة : “في حال حازت طهران القنبلة النووية سيكون هناك سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط وهو آخر شيء نحتاج إليه في هذا الجزء من العالم , وان هذا الاعتقاد صحيح الا حد ما فقد أعلنت السعودية عام 2018 أنه إذا طورت إيران قنبلة نووية فسوف تتبعها السعودية, وتحدثت أخبار صحفية ان السعودية اتفقت مع باكستان انه في حالة حصول تهديد نووي من ايران فإن باكستان ستزود السعودية بصواريخ حاملة للرؤوس النووية في غضون ايام , ولهذا
فالولايات المتحدة تعلم أن حيازة الدول العربية للسلاح النووي يعني تعزيز استقلاليتها وقدرتها على الردع وانتفاء حاجتها لقواعد غربية على أراضيها أو اتفاقيات حماية مذلّة بالنسبة للدول العربية , لذا سيكون الحصول على أسلحة نووية لاي من الدول العربية هو خط أحمر لأنه يتعارض مع المبدأ الذي وضعته الولايات المتحدة قبل عقود طويلة، والذي يحرص على إبقاء تفوق عسكري نوعي لإسرائيل مقارنة بغيرها, فحصول دولة عربية على سلاح نووي يعني فقدان هذا الضمان لمعناه، والذي لن تقبل به لا الولايات المتحدة ولا اسرائيل إذن، لا يمكن لدولة عربية صناعة أسلحة نووية بشكل مكشوف، وكلنا نعلم ما حدث للعراق وليبيا عندما حاولت الدخول في هذا المشروع .
ان حقيقة التوجه الجديد لأمريكا في منطقة الشرق الأوسط هو نزع جميع أنواع الأسلحة وتفريغ المنطقة من أي قوة عسكريةمتطورة باستثناء إسرائيل , ففي عرفهم أن امتلاك أي دولةعربية لجيش قوي وسلاح نووي سوف يهدد السلام في المنطقة , أما امتلاك إسرائيل لأحدث أنواع الأسلحة بما في ذلك أسلحة الدمار الشامل من نووية وكيماوية وجرثومية , فإنه يحقق الاستقرار وهذه المفارقة ليست جديدة علينا لذلك انهم يصفون شارون بأنه حمامة السلام ويصفون أحمد ياسين وعبدالعزيز الرنتيسي بالإرهابيين ومنظمة حماس منظمة إرهابية , هذا هو الاجحاف والظلم وعدم التوازن والكيل بمكيالين , فأمريكا كما هو معروف تدعم إسرائيل من الإبرة حتى الصواريخ والطائرات والدبابات , وفي المقابل تضغط على الصين وكوريا الشمالية وروسيا بالحد من تسليح الدول العربية على الرغم من أن أسلحة تلك الدول غير متقدمة.
إن الحد من تسلح الدول العربية ودعم التسليح الإسرائيلي قد أحدث خللاً في موازين القوى العسكرية في المنطقة مما دفع بإسرائيل إلى العربدة غير المسبوقة بما في ذلك هدم المنازل واغتيال القيادات وحرق النسل والحرث في سابقة تاريخية لم تشهدها المنطقة من قبل
وقد عمدت إسرائيل إلى سياسة الغموض حول ترسانتها النووية وعبرت عن ذلك بالعبارة الشهيرة التي تقول (إن إسرائيل لن تكون الدولة الأولى التي تدخل السلاح النووي في المنطقة، ولكنها لن تكون الثانية التي تفعل ذلك) كما عمدت إسرائيل إلى محاربة امتلاك الدول العربية للأسلحة النووية وذلك من خلال اغتيال العلماء وتدمير أي مفاعل أو منشأة نووية وذلك مثل ما حدث باغتيال لعلماء كثيرين وتدمير المفاعل النووي العراقي عام 1981 فعيونهم ساهرة وعيون العرب في سبات عميق.
إن مما يؤكد أن الولايات المتحدة، والغرب عموما مهتمون بالتصدي لسعي العرب امتلاك السلاح النووي أكثر من تصديهم لإيران هو ما حصل مع العراق، حيث سعوا الى إعادة العراق الى عصر ما قبل الصناعة ودمروا بناه التحتية، وقتلوا وهجّروا علمائه، لإنه تجرأ على إجراء البحوث للوصول الى العقد الرئيسية للتقنية النووية العسكرية، من تخصيب اليورانيوم الى تصميم القنبلة إضافة الى بحوث أنظمة التوجيه والسيطرة للصواريخ القادرة على حمل نووية , ومن الشواهد أيضا على سعيهم لبناء جدار بين العرب والتقنيات النووية هو طلب الولايات المتحدة من بعض الدول العربية التخلي عن حقها في امتلاك دورة الوقود النووي للأغراض السلمية، مع أن ذلك الأمر يتعارض مع الحقوق غير القابلة للتصرف للدول العربية في إنماء بحوث وإنتاج واستخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية دون أي تمييز بموجب المادة الرابعة من معاهدة عدم الانتشار. وقد مارست الولايات المتحدة الضغوط على المملكة العربية السعودية والامارات والبحرين ودفعتها لتوقيع مذكرات تفاهم معها عام 2008 أعلنت فيها الدول الثلاث عزمها التخلي عن اقتناء تكنولوجيات دورة الوقود النووي بضمنها تخصيب اليورانيوم وفصل البلوتونيوم.
ان العرب اليوم أمام تحدّ تاريخي، فإما أن يستثمروا مواردهم الاقتصادية والبشرية وموقعهم الجغرافي في قلب العالم وتاريخهم كصناع للحضارة ليصبحوا قطبا دوليا، أو أن تبقى ارضهم مواردهم ساحة لمنافسات الأقطاب الدولية الأخرى.
وفي الختام لا يسعنا إلا أن نقول إن أمريكا وإسرائيل ومن يدور في فلكهما من الدول الكبرى والصغرى سوف تمنع الدول العربية من التسلح وامتلاك التقنية المتقدمة بكل ما أوتوا من قوة وإن لم يجهضوا الأسلحة التقليدية الحديثة التي تملكها بعض الدول العربية عن طريق الحرية فسوف يجهضون تلك الأسلحة من خلال احتكار قطع الغيار وبالتالي التقادم ومن ثمَّ عدم الصلاحية , أما إسرائيل فسوف تستمر تحدث ترسانتها بكل جديد وحديث ليس هذا فحسب بل إن مردود مبيعات السلاح الإسرائيلي يمثل جزءاً رئيسياً من ميزانية الدولة هناك وبالتالي ستظل لها الهيمنة على الدول العربية مجتمعة, لذلك فإن الدول العربية مندوبة لكي تنتبه لذلك الملعوب البعيد المدى وأن تعمل على امتلاك العقول القادرة على توطين التقنية بجميع أنواعها بل تطويرها مادام في الوقت متسع وإن لم يتم ذلك فلهم الويل والثبور لا قدر الله .
ان السبب الذي يدعوا الى التسابق في مجال السلاح النووي ليس للردع بل يخفي وراءه حقيقية هي أن السلاح النووي هو سلاح ردع حاسم عند من يمتلكه وليس من يستخدمه , ففي استخدامه كانت الكوارث من قبل امريكا على اليابان في تموز 1945، بألقاء قنبلتين ذريتين على مدينتي هيروشيما وناغازاكي وبعد أربع سنوات فقط، أجرى الاتحاد السوفيتي أول تفجير تجريبي نووي له. وتبعته المملكة المتحدة 1952 وفرنسا 1960 والصين 1964
ان ما استخدم او جرب من سلاح نووي سوف لا يتكرر مستقبلا لان فيه خطر على البشرية جمعاء بل الخطر حتى على من يستخدمه تصوروا هل يعقل استخدام سلاح نووي ضد إسرائيل والضحية هم ملايين الفلسطينيين والمسلمين بالشام ومصر والعراق والمنطقة كلها؟ .. كذلك من غير المعقول ان إسرائيل سوف تستخدم سلاح نووي ضد اي بلد عربي او ايران والاشعاعات سوف ستصل لإسرائيل نفسها.
*باحث اكاديمي وكاتب مستقل