22 ديسمبر، 2024 11:18 م

السلاح المنفلت وسياقات الدولة الهشة !!

السلاح المنفلت وسياقات الدولة الهشة !!

لنجب أولاً على السؤال التالي قبيل ان نلج الى خطورة السلاح المنفلت سياسياً ، لنكتشف ان كنّا نعيش تحت سقف دولة هشّة أم لا :

من هي الدولة الهشّة ؟

دون الدخول في فلسفيات التعريف ، نستطيع ان تلخص الاجابة على الشكل التالي :

هي دولة تتميز بضعف قدراتها على المستويات كافة ما يترك مواطنها عرضة لتأثيرات وسطوة قوى اخرى خارج مظلة الدولة . فهي عملياً دولة غير قادرة على تلبية احتياجات مواطنيها الخدمية بصورة كاملة وصحيحة ، بما فيها الاحتياجات الامنية ماتعني غياب الحماية الكافية لحقوق المواطنين ، وشرعياً تعاني هذه الدولة الهشة من ضعف تمثيلها الشرعي ، أي انها غير مقبولة من غالبية الجمهور !!

وحسب البنك الدولي على سبيل المثال فإن الدولةهشة إذا كانت مؤهلةللحصول على مساعدات و لديها بعثة أمم متحدة وحصولها على درجة حوكمةأقل ..!

وهي مواصفات مطابقة بالتمام والكمال على الدولة العراقية بشكلها ومضمونها الحاليين !!

بغض النظر عن أي سبب كان فان وجود السلاح المنفلت يهدد الدولة وهيبتهاواختصاصها الحصري في امتلاك السلاح واستخدامه ، ما حدث في ابوعيثةقبل اسابيع وما حصل في محافظة ميسان قبل ايام وما حصل قبلهما وسيحصل بعدهما ، دلالات خطيرة لاستمرار وتصاعد خطر هذا الانفلات في تهديده العلني للسلم المجتمعي أولاً واستهتاره بـ ” هيبة الدولة ” وانتزاعه لاختصاصها الحصري المطلق في احتكار العنف وادواته .

والأخطر من كل ذلك هو تحوّل قوات الدولة الأمنية الى ” حواجيز” وقوى ” خيّرة” تتدخل لفض النزاعات العشائرية منها والسياسية المسلحة ، بدل ان تكون قوى ردع تلجم هذه الاستهتارات حتى بواجبات القوى الامنية ومنها الاختصاصية ما يدعو الى الاستنجاد بقوات مسلحة من العاصمة بغداد لفض النزاع ومصالحة المتخاصمين ، فيما يبقى الحال على ماهو عليه ، وهو ان السلاح المنفلت يظهر وينتشر ويهدد بل ويتواجه مع القوات الحكومية بناءً على أوامر وتعليمات لاتصدر من الدولة وقوى حفظ الامن فيها !!

على الحكومة ان تصدر المزيد من القرارات الصارمة والحازمة التي تلجمانفلات السلاح واستخدامه في تفاصيل الحياة من أي تسمية وعنوان خارج عنوان قوات الدولة الرسمية المعروفة والمقرّة قانونيا وتشريعياً ، وفي غير ذلك فان الدولة الهشّة باقية تحت رحمة قوى مسلحة بمسميات خارج التوصيفات القانونية ، قوى مسلحة تتلاعب حتى بالتوجهات السياسية للحكومة وستراتيجيات الدولة !!

مازالت قوانين حصر السلاح بيد الدولة قاصرة عن علاج هذه الظاهرة غيرالحضارية لأنها لم ترتق بعد الى مستوى هذا الخطر الذي يهدد الامنالسياسي والمجتمعي في البلاد ، بل يهدد وجود الدولة نفسها ..!!

بكل وضوح :

سياسات الحكومات المتوالية حتى حكومة السوداني لم تتعامل مع هذا الملف الخطير بالجدية المطلوبة ، وتخضع في معالجاتها للعلاقات السياسية والتوازنات والتأثيرات الخارجية الواضحة ، رغم ان الحكومات السابقة وحكومة السوداني عانت من السلاح المنفلت بشقيه السياسي والعشائري ، وهي تأثيرات اطاحت بكل من عبد المهدي والكاظمي ولا نعرف ماذا ينتظر السوداني