الصحة هي إختيار، فتعلم كيف تختارها … من أجل صحتك، إذا قررت القيام بإجراء تغيير واحد فقط في النظام الغذائي الخاص بك، فليكن هو التخلص من أو على الأقل الحد من تناول السكر.
الناس في مجتمعنا يناولون كمية هائلة من السكر – ربما أكثر بكثير مما تدركون. وكما هو الحال في الغالب، فإن وجهة نظرنا هي المشكلة الحقيقية. نحن نعرف ما هو السكر لدرجة أننا لا نفكر فيه كتهديد صحي خطير. علاوة على ذلك ، لأنه بشكل أو بآخر، فإن عدداً هائلاً من الأغذية المصنعة تحتوي على السكر لدرجة يكاد يكون من المستحيل تجنبه.
السكر حتى بكميات صغيرة هو ضار. فقط ملعقتان صغيرتان من السكر (أقل بكثير من مشروب غازي عادي) لهما تأثير هرموني وتغذوي مهم لعدة ساعات، مما يسبب عدم التوازن في عمل أجهزة الجسم بحيث يصبح الجسم قي حالة من الفوضى الكيميائية الحيوية. إذا كنت تتناول السكر في الصباح والظهر والليل (كما يفعل الكثير من الناس)، فإن جسمك يبقى في حالة فوضى طوال اليوم، كل يوم. في هذه الحالة من الفوضى يحاول جسدك باستمرار استعادة توازنه ولكنه لن ينجح تماماً. إن السكر يدمر كيمياء الجسم لدرجة أنه في كتابه “صالح للحياة: بداية جديدة” ، يصف هارفي دايموند السكر المكرر بأنه “سم قاتل وفتاك”.
خلال آلاف السنين من التطور البشري، عاش أسلافنا بخير ومن دون أي سكر آخر غير السكريات التي توجد بشكل طبيعي في الفاكهة والتوت البري. يعتبر السكر المكرر اختراعاً حديثاً نسبياً، وأصبح غذائياً في الآونة الأخيرة فقط. عندما تم إدخاله في عام 1750 لأول مرة إلى أمريكا الشمالية، كان السكر سلعة نادرة ومكلفة، وحتى في عام 1900 كان الشخص العادي يتناول 10 أرطال (4 ونصف كيلو غرام تقريباً) فقط من السكر سنوياً. وبحلول عام 985 ، إرتفع إستهلاك السكر إلى 124 رطل (56 كيلوغرام) في السنة، وبحلول عام 2000، كان متوسط الاستهلاك الأمريكي يبلغ 160 رطلاً (73 كيلوغرام تقريباً) من السكر سنوياً! لا يستطيع معظمنا إستيعاب تناولنا لهذا القدر من السكر لأننا نفشل في إدراك أنه في كل نوع تقريباً من الأغذية المصنعة التي نتناولها. فمثلاً، يستهلك الفرد الأمريكي العادي الآن حوالي ربع سعراته الحرارية من السكر، ويستهلك الكثير من الأطفال ما يقارب نصف سعراتهم الحرارية من السكر.
إن جميع السعرات الحرارية من السكر هي سعرات حرارية فارغة، لا تحتوي على أي من العناصر الغذائية التي تحتاجها خلايا جسمك بشدة. علاوة على ذلك، فإن السكر هو مضاد للمغذيات، إذ أن تناول السكر يستنزف المغذيات من جسمك. هناك حاجة إلى بعض العناصر الغذائية (الموجودة في قصب السكر الخام ولكن ليس في السكر المكرر) بالنسبة لك لاستقلاب/تأيضالسكر. يجب أن يحصل جسمك على هذه العناصر الغذائية من مكان ما، ولأنه ليس في السكر فإنه يتم سلبه من أنسجتك – وبالتالي إستنزاف صحتك.
يساهم إستهلاك السكر ليس فقط في المشاكل الصحية الأكثر وضوحاً مثل السكري وتسوس الأسنان، ولكن أيضاً لأمراض القلب وهشاشة العظام والخلل الوظيفي في الجهاز المناعي. إذا كنت ترغب في تجنب نزلات البرد أو إذا كان أحد أفراد عائلتك أصيب بنزلة برد، فقم بإزالة السكر من طعامك/طعامه.
إن المجتمعات المتحضرة هذا اليوم قلقة باستمرار حول العلاقة بين ارتفاع الكولسترول والمنتجات الحيوانية وأمراض القلب، ولكن يبقى السكر هو السبب الأكثر خطورة. وكونه مضاداً للمغذيات، يؤدي السكر أيضاً إلى فقدان الكالسيوم في البول، مما يجبر الجسم على إزاحة الكالسيوم من العظام من أجل الحفاظ على مستويات الكالسيوم في الدم ضمن الحدود الطبيعية. بإخراج الكالسيوم من عظامك، يساهم تناول السكر في هشاشة العظام. ولهذا يجب على الأشخاص المهتمين أو الذين يعانون بالفعل من هشاشة العظام أن يزيلوا السكر من نظامهم الغذائي.
يسبب تناول السكر نقصاً في عدد من المعادن، بما في ذلك الكالسيوم والكروم والمغنيسيوم والزنك. وعندما لا يكون لديك ما يكفي من المعادن، فإن جسمك يعاني من صعوبة في إنتاج الإنزيمات الهضمية الكافية اللازمة للهضم الجيد. يمكن لجزيئات الطعام غير المهضومة الدخول إلى مجرى الدم مما يخلق مشاكل خطيرة مثل الحساسية وأمراض نقص المناعة. وهذا هو السبب في الأطعمة التي تستهلك السكر (مثل القمح والذرة والحليب والبيض) تصبح أكثر المواد المسببة للحساسية شيوعاً. إذا كنت تستمتع بتناول الأطعمة الخاصة بك ولا تريد أن تكون حساسية تجاهها، فتعلم أن تتجنب الجمع بينها وبين السكر.
في هذا العصر الحديث حيث ينتشر الإيدز وأمراض المناعة الذاتية وغيرها من أمراض الجهاز المناعي، يخلق السكر مشاكل خاصة. يدمر السكر خلايا جهاز المناعة لدينا، مما يخلق قابلية الإصابة بنزلات البرد والانفلونزا والأمراض الأخرى المرتبطة بالمناعة. يلعب السكر أيضاً دوراً حاسماً في تطوير مرض السكري، حيث تختل آليات التحكم في سكر الدم عند وجود مستويات عالية من السكر في النظام الغذائي. كما يتسبب السكر في حدوث عدم توازن بين الكالسيوم والفوسفور، مما يجعل الجسم أقل قدرة على تكسير البروتينات إلى الأحماض الأمينية المطلوبة لصنع مواد كيماوية أساسية. كما أنه حتى الأطباء التقليديون يعترفون بأن السكر يسبب تسوس الأسنان. ومن الناحية التاريخية، لم يكن لدى السكان الأصليين الذين تعرضوا للعالم المتحضر والسكر المكرر إلا القليل من تسوس الأسنان.
السكر سيء بما فيه الكفاية في حد ذاته، لكنه أيضا شريك خطير. يجب أن تتجنب بشكل خاص، على سبيل المثال، الجمع بين السكر والبروتين (مثل الحلوى بعد عشاء من شرائح اللحم أو عصير البرتقال مع البيض في الصباح) لأن تركيبة كهذه تسبب إنتاج مواد داخل الجسم تحفز الإصابة بأمراض القلب وإرتفاع ضغط الدم وإعتام عدسة العين والتهاب المفاصل.
تناول السكر المكرر (الأبيض الذي يستخدمه معظم الناس) هو مدمر لصحة الإنسان لأنه يسبب عدم التوازن في الفيتامينات والمعادن والهرمونات، مما يصيب الجسم بالفوضى الكيميائية الحيوية لعدة ساعات.
التوصية الغذائية الأكثر أهمية يمكنني أن أوصي بها على الجميع هو تخفيض كمية السكر (والأطعمة المصنوعة من السكر) من النظام الغذائي قدر الإمكان. هؤلاء الأطفال الذين يستهلكون ما يصل إلى نصف سعراتهم الحرارية من السكريات يصبحوا عرضة للعدوى والمشاكل الصحية المستقبلية مثل مرض السكري وهشاشة العظام والسرطان والتهاب المفاصل وأمراض القلب.
إن تناول السكر هو الموت بالتقسيط.
* أستاذ متخصص بعلم وظائف الأعضاء (الفسلجة الطبية)