السياسة هي فن الممكن ، كيف تحقق اكبر قدر ممكن من المكاسب ، مع اقل قدر من الخسائر ، او بمعنى اخر اقل التنازلات الممكنة للطرف الاخر ، سواء اكان دولة ، او منظمة او شركات ، وهذا هو ما يحكم السياسة الخارجية الدولية ، فهي بنيت على المصالح ، اذ لا يوجد عدو دائم او صديق دائم ، وانما توجد مصالح دائمة ، وهذا قانون ثابت ، ومخالفوه اما يمرون بمرحلة تخبط ، او يحاولون إثبات ذاتهم على أساس مصالح بلدهم ، وفي كلتا الحالتين فهو يعتبر تشوه للسياسة الخارجية بكل ما للكلمة من معنى بعد ان نجى عنق السلطان من مقصلة الانقلاب ، اتجه نحو جيشه ليقلم اضفاره ويعيد هيكلته ، ليشكله وفق نظرية الولاء الشخصي ، او الولاء للسلطان الأوحد ، وهذا تطلب ان يجري عمليات كبيرة جداً على مستوى قيادات الجيش التركي البارزة ، وصلت حد البتر وزرع أطراف بغير مكانها ، مما جعل مؤسسته العسكرية تعاني كثيراً ، وستحتاج الى سنين عديدة من اجل استعادة الثقة ، بعدما كانت المؤسسة الاولى ، والسلطة الأعلى وصاحبة الكلمة العليا في تركيا ، وخصوصاً بعد الاذلال الذي تعرض له جنودها بعد فشل الانقلاب ، واعتداء بلطجية العدالة والتنمية على افراد الجيش العزل ، وقتل عدد كبير منهم ، والتمثيل بجثثهم ، وهم ابعد من اي وقت مضى عن خوض اي حرب او نزاع مسلح ، اي كان شكله وحجمه وموقعه
العراق يمتلك اكبر سلاح ردع ضد التجاوزات التركية ، واذا ما استخدمه فسيكون ضربة كبيرة للاتراك وسلطانهم ، السلاح الاقتصادي ، حيث يبلغ حجم الصادرات التركية الى العراق اكثر من ١٢ مليار دولار سنوياً ، وهذا السلاح ذاق طعمه السلطان سابقاً ، وكان شديد المرارة ، فعاد منكساً راْسه الى روسيا ، بعدما جرب حظه مع الأقطاب في مغامرته الرعناء ، والظروف الاستثنائية التي تمر بها تركيا تزيد من فاعلية هذه الورقة اذا ما قررت الحكومة العراقية استخدامها ، او التلويح بها نحن لسنا نداً لك ، وسنحرر ارضنا بعزيمة الرجال وليس بالسكايب ! ، انه رد مقبول ولكنه سيفتح باب حرب التصريحات ، وسيعطيه المجال للانتقاص من بلدنا ، محاولاً الهروب من شبح انقلابه ، ليوحد صفوف جيشه خلفه بعد ان فقد ثقتهم وكرامتهم في آن واحد ، كان على رئيس وزرائنا ان يلوح بشيء اخر ، اذا ما أراد ان يكون تلويحه ابعد وأعمق واكبر تأثيراً ، لان أمثال اردوغان لا يفهم بلغة اللسان ، والكلمات البليغة ، اذ لو لوح له ببضاعةً إيرانية بِِيده ، سيكون ذلك ابسط وأسهل وأعمق تأثيراً ، مما يتناسب مع مستوى ادراكه ، وهذا لن يجعلنا نرفع صورة الحشد لنعلمه بوجوده ، لانه لو كان يعلم بذلك لما تجرأ !