لم يكن حدثا عابرا ولم يكن متوقعا إطلاقا , فما حدث في مدينة كربلاء وهتاف الكربلائيين بحياة قاتل العراقيين ودكتاتور العصر , أمر ينبغي التوقف عنده والوقوف على أسبابه ومسبباته الحقيقية , فهذا المشهد المؤلم للمشاعر بات مرشحا للحدوث في كل المدن العراقية دون استثناء , فالفوضى وفقدان الأمن والفساد المستشري وتردي المستوى المعاشي والخدماتي للناس , قد تجاوز حدود المعقول إلى حدود اللامعقول , في ظل انحسار كل المؤشرات التي تنهي هذه الفوضى , فالبلد يسير من سيئ إلى أسوء تحت راية حكومة المالكي الأفسد في التأريخ العراقي المعاصر . وأنّ استمرار أوضاع البلد بهذا الشكل يسير بالدولة العراقية إلى التفكك والانهيار , وهذه الهتافات هي بداية السقوط في المحظور .
فما يخشاه العراقيون بات أمرا واقعا , وإلا فمن يتوقع أنّ صدّام الذي قتل العراقيين وأذلهم ودمرّ البلد , سيتحوّل بعد سنوات قليلة من إعدامه إلى رمز لغضب العراقيين على حكومتهم الفاسدة ؟ كل هذا حدث بسبب سياسات حكومة المالكي الفاشلة وفساد حاشيته التي أهملت أوضاع الناس ومعاناتهم , فنهم حكومة المالكي ووزرائه وطاقم إدارته في نهب وسرقة أموال البلد جعلت الأوضاع تتفاقم والهوّة بين الفقراء والمحرومين وبين الطبقة السياسية الحاكمة تزداد اتساعا مع اتساع حجم الفساد المالي والإداري , فحادثة أصحاب البسطيات من الفقراء هي الشرارة التي أدّت إلى هذا الانفجار المدّوي , لكنّ الاسباب الحقيقية تكمن في التراكمات الكمية من المعاناة والتي أدّت لهذا الانفجار النوعي .
فاستمرار مشاهد القتل اليومي وانعدام الأمن وسرقة المال العام وعدم وجود خطط اقتصادية تعالج اوضاع الناس المعيشية وتضع حدا لمعدلات البطالة المرتفعة وتردّي القطاع الصحي والخدماتي , ستدفع الناس للانفجار بكل المدن العراقيى وليس فقط في مدينة كربلاء , وحينها لا ينفع القول بانّ مندّسين من بقايا البعث وأعوان النظام السابق هم من قام بهذا العمل .
ولا أعتقد انّ المالكي وحزبه قد تناسى ما كان يردده النظام السابق بأنّ أعوان إيران هم من يقف وراء انتفاضة الشعب العراقي ضد طغيان وجبروت هذا النظام الدموي , فهتافات الكربلائيين هي جرس إنذار للمالكي وحكومته الفاسدة , واتهام الناس بالبعث المجرم لن يجدي نفعا ولن يمنع خطر السقوط في المحظور , وما حصل في كربلاء هو ما كنّا نخشاه من أن يأتي يوما تترحم فيه الناس على صدّام وايام صدّام , فتبا لحكومة جعلت الناس تترحم على أقذر مجرم عرفته تاريخ البشرية والإنسانية , وحسبنا الله فيك يا نور المالكي ويا حزب الدعوة .