يطلق مصطلحُ سفيرٍ على الأشخاصِ الذينَ يمثلونَ بلدانهمْ في الخارج، كما وردَ في نظامِ فيينا لعامِ 1815 إذ، يعدّ الشخصُ الأولُ في التمثيلِ الدبلوماسي، ويمثلَ دولتهُ لدى الدولةِ المعتمدِ إليها، ويتصفَ بدرجةٍ عاليةٍ منْ الثقافةِ والتجربةِ السياسيةِ في العملِ الدبلوماسيِ وإتقانِ لغاتٍ أجنبية، وكذلكَ ما صنفتهُ المادةُ (14 فقرةِ 1) منْ اتفاقيةِ فيينا للعلاقاتِ الدبلوماسيةِ لعامِ 1961، والحصاناتُ والامتيازاتُ التي منحتْ لهُ بموجبها للنجاحِ في مهامه.
أولاً. التعريفَ بمفهومِ السفيرِ في اللغة:
يعد السفير؛ الرسول، المصلحْ بينُ قوميين، السمسار، العالمُ بالأصواتِ الحاذقِ بها، الشريفْ العبقري. وكذلكَ يعني السافر: الذي هوَ أحدُ الملائكةِ الذينَ يحصونَ الأعمال ويدونونها، كما وردَ في قولهِ تعالى: (اللهُ يصطفي منْ الملائكةِ رسلاً ) ، وقولهُ تعالى: (بأيدي سفرةٍ ) . وكذلكَ قولهُ تعالى: (هوَ الذي بعثَ في الأميينَ رسولا منهمْ يتلو عليهمْ آياتهِ ويزكيهمْ ويعلمهمُ الكتابَ والحكمةَ وإنْ كانوا منْ قبلُ لفي ضلالٍ مبينٍ ) .
لقدْ بعثَ الرسولُ الكريمُ محمدْ (ص) رسلاً منْ أصحابه، وأرسلَ معهمْ كتبَ إلى الملوكِ يدعوهمْ إلى الإسلام. فتمثلَ هذهِ الرسائلِ ما يشبهُ المراسلاتِ الدبلوماسيةَ في وقتنا الحاضر.
يطلق قديما لقبَ السفيرِ على مندوبي الحكامِ والملوكِ وحتى القبائل، فهوَ النائبُ عنهم، وممثلهمْ لدى البلدانِ الأخرى، ويكلفَ بمهامَ محددةٍ في الخارج، وذلكَ بإرسالِ المبعوثينَ لحلِ بعضِ المشاكلِ العالقةِ ودرءِ الأخطارِ والحفاظِ ما أمكنَ على العلاقاتِ بينَ تلكَ القبائلِ والشعوبِ المختلفة، ويعدَ هذا قريبا منْ مفهومِ الدبلوماسيةِ الحديثة.
أما السفيرُ في القانونِ الدولي؛ فيعني المبعوثُ الشخصُ الذي يمثلُ دولتهُ لدى الدولةِ المبعوثُ إليها، أوْ الشخصِ المكلفِ بمهماتٍ دبلوماسيةٍ محددةٍ لدى دولةِ أوْ عدةِ دول، أوْ أنْ يكونَ معتمدا لدى دولةِ ما، وهيَ صفةٌ لأعلى الدرجاتِ الدبلوماسيةِ تسندُ لمنْ يمثلُ دولتهُ في الخارج، الذي تعينهُ دولتهُ وتمنحهُ صلاحياتٌ للقيامِ بتلكَ المهام. ويمتلكَ السفيرُ صلاحياتٍ فوقَ العادةِ لتمثيلِ بلادهِ لدى حكومةٍ أجنبيةٍ ما، كما يمتلكُ حصانةً دبلوماسية. حددتْ اتفاقيةَ فيينا للعلاقاتِ الدبلوماسيةِ لعامِ 1961 إطارا للعلاقاتِ الدبلوماسيةِ بينَ الدول، ومنحتْ امتيازاتُ البعثةِ الدبلوماسيةِ بما فيهمْ السفيرُ التي تمكنهمْ منْ أداءِ وظيفتهمْ في البلدِ المضيف، وتشكلَ الأساسَ القانونيَ للحصانةِ الدبلوماسية، وحجرَ الزاويةِ في العلاقاتِ الدوليةِ الحديثةِ ليسَ للدولةِ المعتمدةِ دونَ الحصولِ مقدما على موافقةِ الدولةِ المعتمدِ لديها أنْ تنشئَ مكاتبُ تابعةٌ لبعثتها في نواحٍ أخرى غيرِ التي توجدُ فيها البعثة.
هنالكَ شروطٌ عرفية لمعظمِ دولِ العالم، تتطلبَ في تعيينِ السفير، منها:
1- أنْ يكونَ حاصلاً على أنَ لا يقلُ عنْ شهادةِ البكالوريوس في تخصصِ الخدمةِ الخارجيةِ والدبلوماسية.
2- يمتلكَ معرفةَ وحضورَ العديدِ منْ المؤتمراتِ والمنتدياتِ والندواتِ التي تتعلقُ بالشؤونِ السياسية، ومعرفةُ واسعةٌ بتاريخِ وحضارةِ بلدهُ ودستورها وقوانينها، وكذلكَ بلدانُ العالم.
3- لديهِ خبرةُ عمليةٍ في السياسةِ الخارجيةِ ومهاراتِ الاتصالِ والتعاملِ معَ الآخرين.
4– إجادةُ الكتابةِ والتحدثِ باللغةِ الدبلوماسيةِ (الإنكليزيةَ أوْ الفرنسية) لتسهيلِ مهامهِ الدبلوماسية. 5- يمتلكَ مهارةَ القيادةِ وروحِ المبادرةِ والسيطرةِ والتوفيق.
ثانياً . السفيرِ في التشريعاتِ العراقية :
عرفَ قانونُ الخدمةِ الخارجيةِ رقمٍ (45) لسنةِ 2008 رؤساءِ البعثةِ السفيرُ والممثلُ الدائمُ لجمهوريةِ العراقِ لدى منظمةٍ دوليةٍ أوْ إقليمية، والقائمُ بالأعمالِ والقنصلِ العامِ في قنصليةٍ عامة، ورئيسَ شعبةِ رعايةِ المصالحِ ومنْ يقومُ مقامَ كلِ منهم. منحُ الدستورِ العراقيِ مجلسُ النوابِ الموافقةِ على تعيينِ السفراء، بناءٌ على اقتراحِ منْ مجلسِ الوزراء، وكذلكَ صلاحياتُ مجلسِ الوزراءِ بالتوصيةِ بمرشحي السفراءِ إلى مجلسِ النواب. وتخضعَ هذهِ الموادِ الدستوريةِ لقانونِ الخدمةِ الخارجيةِ رقمٍ (45) لعامِ 2008، إذ، تتمَ هذهِ التعييناتِ بمراسيمَ رئاسيةٍ بعد مصادقةِ مجلسِ النوابِ على التعيين. وأجازَ القانونُ التعيينُ منْ خارجِ موظفي وزارةِ الخارجيةِ بنسبةٍ تصلُ إلى (25 % ) منْ العددِ الإجماليِ للمرشحين، وبنفسَ شروط الوزارةِ منْ حملةِ الجنسيةِ العراقيةِ والعمرِ والشهادةِ والخبرةِ وإجادةِ إحدى اللغاتِ الدولية. لقدْ تضمنَ قانونُ الخدمةِ الخارجيةِ رقمٍ (45) لسنةِ 2008 التعريفَ بالسفيرِ وشروطِ تعيينهِ ومهامهِ وواجباتهِ آليةَ تعيينِ السفير، وأداءُ اليمين، وكيفيةُ الترشيحِ لوظيفةِ سفيرِ منْ السكِ الدبلوماسيِ أوْ منْ خارجه.
آلية ترشيح السفير: تناولت المادة (9) من قانون الخدمة الخارجية رقم (45) لسنة 2008، وكما يلي:
أولا- يعينَ السفيرُ بمرسومٍ جمهوريٍ بناءٍ على ترشيحِ الوزيرِ وتوصيةِ مجلس الوزراءِ وموافقةِ مجلسِ النواب.
ثانيا- يشترطَ فيمنْ يعينُ سفيرا أنْ يكون: أ- عراقي الجنسية. ب – حاصلاً على الشهادةِ الجامعيةِ الأوليةِ أوْ ما يعادلها في الأقل. ج- منْ ذوي الخبرةِ والاختصاصِ ومنْ المشهودِ لهمْ بالنزاهةِ والكفاءة. د – لا يقلُ عمرهُ عنْ (35) خمسةُ وثلاثينَ عاما. ه – أنَ لاتقل درجتهُ الوظيفيةُ عنْ درجةِ مستشار. و- أنْ يتقنَ إحدى اللغاتِ الحيةِ أوْ أنْ يكونَ لهُ إلمامٌ كافٍ بها في الأقل. ثالثا – يجوزُ معَ مراعاةِ الشروطِ المنصوصِ عليها في المادةِ (9/ ثانيا) باستثناءِ ما وردَ في الفقرةِ (ه) منها تعيينِ السفراءِ منْ خارجِ السلكِ الدبلوماسي، على أنَ لا تزيدُ نسبتهمْ على (25 % ) خمسُ وعشرينَ منْ المائةِ منْ مجموعِ السفراءِ بناءً على مقترحِ مجلسِ الوزراءِ ولمجلسِ الوزراءِ تعديلَ هذهِ النسبةَ متىْ ما وجدَ مصلحةً في ذلك.
الخاتمة والاستنتاج :
تعدّ هذهِ الشروطِ مشابهة- نوعا ما- إلى المعاييرِ الدوليةِ المطلوبةِ في منْ يتولى منصبَ سفيرٍ في وزارةِ الخارجيةِ في الدولِ الأخرى، لأنَ هذا المنصبِ يمثلُ واجهةَ الدولةِ في الخارجِ ويعبرُ عنْ رؤيةِ المجتمعِ الدوليِ خاصةً المنظماتِ الدوليةِ والإقليميةِ لهذا المنصب.
من خلالَ التجربةِ السابقةِ لعمل السفراء في وزارة الخارجية للمدةِ منْ بعدُ عامِ 2003 ولوقتنا الحاضر، فقدْ أبدعَ البعضَ منْ السفراءِ في إيصالِ رسالةِ العراقِ الجديدةِ إلى المجتمعِ الدولي، وتطبيقهم للقوانين والتشريعات الوطنية النافذة في عملهم الإداري،والتزامَهم بالمعاييرِ الدوليةِ لمهامَ وواجباتِ السفير.
في حين؛ أخفق البعضُ الآخرُ؛ في فهمِ مهام ووظيفة السفير، وأداء دورهِ الحقيقيِ لهذهِ المسؤوليةِ الكبيرةِ لتمثيلِ بلده أمام المجتمع الدولي أفضل تمثيل، وقضاها بمشاكلهِ الإداريةِ والماليةِ معَ موظفي البعثةِ، ومركز الوزارة، وطغى الجانب الشخصي على الرسميفي عمله الدبلوماسي، واشغلْ الوزارةَ باللجانِ التحقيقيةِ بين الحين والآخر، وأحرجها بتصرفاته غير الدبلوماسية، أمامَ الدولِة التي تتواجدُ فيها البعثةُالعراقية.