17 نوفمبر، 2024 11:18 ص
Search
Close this search box.

السعودية: تداعيات الحرب في اوكرانيا

السعودية: تداعيات الحرب في اوكرانيا

أنتجت الحرب الروسية في اوكرانيا حتى الآن، او الغزو الروسي لأوكرانيا الى هذه اللحظة، تداعيات كثيرة بأبعاد طويلة الأجل، على سبيل المثال، علاقة امريكا مع المملكة العربية السعودية، أو الشراكة الاستراتيجية بين امريكا والمملكة العربية السعودية.. منذ بدأت الحرب في اوكرانيا، أو منذ بدأ الغزو الروسي لأوكرانيا؛ والذي كان من نتائج هذا الغزو وبسبب العقوبات الغربية( الامريكية والاوربية) على الاتحاد الروسي؛ ارتفعت اسعار الطاقة الى مستويات غير مسبوقة، منذ عقد من الآن. للتغلب على ارتفاع اسعار الطاقة في اسواق الطاقة؛ اخذت امريكا بالضغط على السعودية، برفع الانتاج حتى تتوازن الاسعار، اي اسعار النفط . لكن هذا الضغط لم يأت بنتيجة، فقد رفضت السعودية حتى الآن؛ الرضوخ للضغط الامريكي. فقد استمرت بالإيفاء بالتزاماتها بسياسة الانتاج المتفق عليها بين اعضاء منظمة اوبك+. كما ان جميع دول الخليج العربي؛ اكدت عند زيارة وزير خارجية روسيا لهذه الدول، من انها لا يمكن ان تكون طرفا في العقوبات الاقتصادية الغربية على روسيا. ان موقف دول الخليج العربي هو عين الصواب، فليس لهم في الحرب الدائرة الآن في اوكرانيا؛ ناقة ولا جمل. كما ان الولايات المتحدة ليست موضع ثقة، حين تكون في موقف قوي، او لجهة التعبير الدقيق، والواقعي والموضوعي؛ انها عندما تكون في موقف لا تحتاج الى دعم دول الخليج العربي، وبالذات المملكة العربية السعودية؛ تتنصل عن التزاماتها مع الشريك الاستراتيجي السعودي بصورة خاصة وبقية دول الخليج العربي بصورة عامة. لكن هل تستمر دول الخليج العربي وبالذات السعودية على هذا الموقف، اي لا تنصاع الى الضغط الامريكي؟ لا يمكن معرفة الاجابة على وجه التأكيد واليقين في الوقت الحاضر؛ لأن هناك اوراق ضغط متبادلة، كما ان هناك ايضا مقايضات من هنا ومن هناك. لكن، في المقابل؛ ان مخارج هذا المشهد السياسي على ما تلتزمه، أو ما تقتضيه؛ هذه المخارج من مواقف بعينها، في المنطقة العربية بصورة عامة ودول الخليج العربي بصورة خاصة، وفي السعودية؛ اكثر تحديدا، الذي فرضته فرضا الحرب في اوكرانيا. هذا المشهد السياسي في العالم والمنطقة العربية وجوارها؛ فيه الكثير من التعقيد والصعوبة؛ بسبب تداخل واشتباك واختلاط الكثير من المواقف العربية واعني هنا مواقف جميع الانظمة العربية، وليس الانظمة في دول الخليج العربي فقط، بل جميع انظمة النظام الرسمي العربي.. كما ان هناك للكيان الاسرائيلي واسرائيل الظل؛ دورا حاسما وكبيرا ومؤثرا في تغيير بوصلة واتجاه واهداف حركة هذه المواقف.. ان قراءتي للمشهد السياسي، ازعم انها؛ قراءة محتملة وليس مستبعدة، وربما هي الاقرب الى الواقع؛ هي ان تعلب اسرائيل الظل أي اسرائيل العميقة بالإضافة الى (اسرائيل الرسمية)، واقصد بإسرائيل الظل؛ هي مجموعات الضغط الاسرائيلي، أي التي تعمل على دعم اسرائيل في امريكا وفي اوروبا وفي روسيا وفي المنطقة العربية( المقصود بالمنطقة العربية؛ الانظمة العربية.. وليس الشعوب العربية، مع مراكز التأثير الخفية في المجتمع العربي، في صناعة رأي عام في الظاهر؛ يدعوا للسلام، إنما في اعماق اهدافه وتوجهاته؛ يدعوا الى الاستسلام، والقبول المجاني بإسرائيل الطبيعية؟!..) وفي المحافل الدولية؛ عبر شخصيات اكاديمية واعلامية، أو مالية وتجارية واقتصادية من اصحاب الشركات العابرة للحدود والجنسيات التي تمتلك او تتبعها مراكز للبحوث والدراسات؛ من تلك، التي لها تأثر كبير جدا سواء في امريكا وفي بقية الدول العظمى والكبرى وحتى في دول المنطقة العربية. اسرائيل الظل ومعها كيانها الاسرائيلي اللقيط؛ تريد او هما أي الكيان الاسرائيلي واسرائيل الظل (الذي اعنيه بإسرائيل الظل؛ ليس الموساد على ما يقوم به من عمليات قذرة وخطيرة،؛ بل المؤسسات السرية في المجتمع العربي، وتحديدا في مجتمع الاعلام والدراسات والمسؤولين.. وايضا من مجتمع الخبراء في امريكا من الذين تباؤوا المسؤولية في امريكا، سواء في الادارة الرسمية او في مراكز البحوث الاستراتيجية..)؛ ان تجسر الهوة بين السعودية وامريكا بطريقة او بأخرى. أي ان تعلب دورا وهي كذلك ستعلب او هي الآن تلعب هذا الدور من وراء الاستار؛ بإعادة صياغة الشراكة الامريكية السعودية على اسس جديدة؛ تلبي حاجات السعودية الى الدعم والامن والحماية وتوفير مستلزمات امنها، والاخذ بالاعتبار والاهتمام هواجسها الامنية؛ بوضع قطار هذه الشراكة من جديد على سكة ثابتة ومستقرة. مارتين إنديك في مقابلة له على قناة الحدث قبل ايام؛ قال ان الشراكة الامريكية السعودية: بحاجة الى حزمة من التفاهمات تعيد الشراكة بينهما على السكة الصحيحة من جديد. ان هذه الشراكة بين الشريكين السعودي والامريكي قد تعرضت في السنوات الأخيرة وبالذات في ولاية بوش الابن، وفي ولاية اوباما، وفي الولاية الحالية الى هزات عنيفة، بما ادت الى توسعة مساحة التباعد بين الشريكين؛ لذا ( والكلام هنا لم يزل الى مارتين إنديك) فهي بحاجة الى حوار عميق بين الجانبين للتوصل الى حزمة من التفاهمات تضعهما على الطريق الصحيح على ضوء التغييرات والتحولات التي تحدث الان في العالم وستحدث مستقبلا. مارتين إنديك هو واحد من خبراء الاستراتيجية الامريكية، فهو الان نائبا لرئيس السياسة الخارجية في معهد بروكينغز في العاصمة واشنطن، كما انه قد كان سفيرا لأمريكا في اسرائيل، والمبعوث الامريكي للسلام في الشرق الاوسط للسنوات من 2000- 2013، وأيضا صاحب نظرية الاحتواء الثنائي او الاحتواء المزدوج أي احتواء ايران والعراق في تسعينيات القرن السابق. هذا يعني ما قاله في احدى القنوات العربية، قناة الحدث؛ لم يكن قولا، لا يستند على الواقع، بل هو قولا يعكس بقوة ان هناك عاملون من مجتمع الخبراء في امريكا، والذين هم؛ في القسم الاكبر منهم، من اصول يهودية وصهيونية، واعضاء في مجموعات الضغط التي تعمل لصالح استدامة الارتباط الاستراتيجي بين امريكا والكيان الصهيوني؛ على اعادة الشراكة الامريكية السعودية الى ما كانت عليه. ان تعمل الولايات المتحدة؛ على ان تأخذ بنظر الاهمية والجدية والاعتبار الهواجس الأمنية السعودية، بشكل الخاص وهواجس دول الخليج العربي بصورة عامة؛ في السياسة الامريكية، في المنطقة العربية، وفي جوارها. ووفقا لهذه القراءة؛ اعتقد ان العلاقة بين الدولتين سوف تشهد في الوقت القريب تحولا جديا؛ لأعادتها الى وضعها السابق. ان من بين ما سوف يتغير؛ هو الموقف السعودي من السياسة الانتاجية للنفط والغاز، أي السياسة الانتاجية، والسعرية التي ترتبط بالأولى. عندما ينخفض تصدير النفط الروسي الى اسواق النفط والغاز وسينخفض؛ ستكون هناك حجة شرعية للسعودية او غيرها من الدول المنتجة للنفط ؛ اوبك+؛ لتعويض النقص الحاصل، في امدادات النفط والغاز، بما يقود الى خفض الاسعار في اسواق الطاقة. فقد بدأت ملامح هذا التغيير في زيادة انتاج السعودية والدول الأخرى، ولو انها لم تكن زيادة حاسمة تفضي الى خفض الاسعار، لكنها تعتبر بمثابة فتح كوة صغيرة للشريك الامريكي؛ ربما هي بداية للحوار والتفاهمات الامريكية السعودية. عليه فان عدم الرضوخ السعودي للضغط الامريكي في الذي يخص انتاج النفط ؛ يقع في خانة التكتيك، وليس في خانة تغيير مسار هذه الشراكة مع امريكا او مسار هذه العلاقة. في هذا الصدد تحاول او تعمل ادارة بايدن على ترطيب الاجواء السياسية بينها وبين السعودية في الاسابيع الاخيرة، وبينها وبين اسرائيل الظل؛ لكسب دعم وتأييد الاخيرة في تليين الموقف السعودي. من بين اهم منصات الترطيب والتليين هذه؛ هو التحَول الامريكي التكتيكي والمناور، وليس تحولا حقيقيا، في التعامل مع ملف الصفقة النووية مع ايران.. ان هذه التطورات اعادت الدفء الى العلاقات او الشراكات الاستراتيجية بين امريكا والسعودية وبقية دول الخليج العربي. وحصريا لجهة الدقة والموضوعية في توصيف هذه العلاقة؛ هو إعادة الدفء الى هذه العلاقة بين هذه الادارة والشريك السعودي وبقية دول الخليج العربي، في ملفات اخرى في المنطقة العربية وفي جوارها، على سبيل المثال لا الحصر؛ ما يحدث في الوقت الحاضر في اليمن. وفي ايضا؛ لأكثر من الدفء؛ تغيير الموقف الامريكي، أي هذه الادارة من المملكة العربية السعودية، وهو تغيير بدرجة ميل 180درجة، بصرف النظر عن ما تصرح او صرحت به المتحدثة باسم البيت الابيض. حسب هذه القراءة المتواضعة للوضع الدولي والوضع في المنطقة العربية وفي الجوار العربي، الذي فيه من عناصر القلق والمفاجئات اكثر من عناصر الاستقرار والثبات؛ ستشهد العلاقة الامريكية السعودية؛ انفراج في الوقت المقبل. السؤال المهم هنا؛ هو من الذي يضمن ثبات الموقف الامريكي في المقبل من الزمن حين تتغير الاوضاع، التي ربما لم تعد امريكا بحاجة الى دعم واسناد المملكة ودول الخليج العربي الاخرى؛ في الذي يخص الطاقة، او في غيرها من تغيرات وتبدلات الاوضاع. امريكا ليست موضع ثقة، وهي في الاساس تفضل مصالحها على أي مصلحة اخرى، حتى لو كانت لحليف او لشريك حين تتقاطع مصالح هذا الحليف او الشريك مع مصالحها، أي ان دعمها له، حتى لو لم يصبح مكلفا لها، لكنه من جهة الثانية؛ يتقاطع مع مصالحها المستجدة، أو التي سوف تستجد، أو احتمال انها سوف تستجد في القادم من الزمن؛ مع ند او خصم او مقلق لأمن ومصالح الحليف او الشريك؛ تضع مصالح الشريك على رف الاهمال ولا تعير اية اهمية لهذا الشريك. كما وقد حدث في عهد بوش الابن وعهد اوباما، وهذه الادارة ايضا، التي كانت في تصريحاتها اشد جرحا للكرامة، أي كرامة السعودية، ولي العهد فيها، الامير محمد بين سلمان، عندما قال بايدن في وقت سابق: ان ولي العهد السعودي؛ يجب ان يدفع ثمنا باهضا، وان السعودية دولة منبوذة. ان هذه الادارة اشد تصلبا ووقاحة، من غيرها من الادارات السابقة، أي ادارة بوش الابن واوباما. عند متابعتي لاحظت ان هناك من يقول؛ ان من غير الممكن التخلي عن الحليف الامريكي (وهو من وجهة نظري، او في الحقيقة ليس حليفا بمعنى التحالف، وحتى ليس شريكا موثوقا..) بفعل ما يمتلك هذا الحليف من جيوش وقواعد وقدرات تفتقر لها بقية الدول العظمى، أي لا يمكن الاستغناء عنه، أي عن هذا الحليف الامريكي. ان هذا القول ما هو الاتبرير للخنوع والانبطاح والخضوع بلا ثمن او بالا مقابل ذات قيمة واعتبار وفائدة للدولة والشعب معا الا فائدة واحدة الا وهو دعم نظام الحكم. أما السياسة الصحيحة لتقوية السيادة والقرار المستقل السياسي والاقتصادي؛ هو بناء علاقة متكافئة ومتوازنة مع جميع الدول العظمى والكبرى وحتى متوسطة الوزن الدولي. بدل الاعتماد على شريك واحد، مهما كان قويا، لأن الاعتماد الوحيد او الشراكة وحيدة الجانب؛ تجعل الدولة واقصد هنا تحديدا السعودية؛ تخسر القدرة على المناورة بفقدانها لأوراق ضغط دولية، يمكنها استخدامها عند الحاجة والضرورة، كما ان الشريك في هذه الحالة يحسب لها أي السعودية الف حساب في التغييرات والتحولات المقبلة؛ لمعرفته بتعدد خياراتها في المجالين الدولي والاقليمي.

أحدث المقالات