27 ديسمبر، 2024 6:22 ص

السعودية: إستثمار سياسي وأمني ومالي باهظ، لكنه غير مجدي!

السعودية: إستثمار سياسي وأمني ومالي باهظ، لكنه غير مجدي!

منذ مجيء الحكم الجديد في العراق، والسعودية تحاول بشتى الوسائل والطرق، إحتواء هذا الحكم وتجييره لمصلحتها، في سبيل تنفيذ أجندتها الخاصة بها، وهي إستخدامه كعصا لإرهاب دول المنطقة الضعيفة منهم والقوية، فهي تحاول إرهاب دول الخليج الأخرى، كونه دولة شيعية، وتحاول إرهاب إيران كونه حكومة سائرة في ركب السعودية، لكن الذي حصل أنها لم تفلح في الحالتين.
لم تجد المملكة بداً من إستخدام الورقة الطائفية في العراق، وشجعها على ذلك وجود نفس طائفي لدى بعض السياسيين المحسوبين على الطائفة السُنية الكريمة، بالإضافة الى تجاوزات حصلت من الحكومة السابقة.
إستخدمت السعودية نفوذها السياسي لدى بعض السياسيين (ومنهم شيعة) في محاولة لإفشال التجربة الديمقراطية في العراق، لتخوفها من مطالبة الداخل السعودي بتبديل نظام الحكم في المملكة، لذلك حاولت تأجيج الوضع الداخلي في العراق من خلال هؤلاء السياسيين، لتصوير الديمقراطية بأنها نوع من الفوضى، التي لا تجلب معها إلا الدمار للشعوب التي تطالب بها، لكنها طيلة سنوات مضت فشلت، لأن ذنوبها فشلوا في الترويج لهذه الفكرة البائسة.
ثم إستخدمت ماكنتها الإعلامية للترويج لتنظيم القاعدة، ومن بعده لتنظيم داعش الإرهابي، وتهويل هذا التنظيم وكأنه سوبرمان (كما في الأفلام الأمريكية)، وهنا نجح التنظيم في بادئ الأمر، عندما إستخدم الورقة الطائفية، وظهر للشارع السني وكأنه منقذ لهم من بطش الشيعة الصفويين، لكن مع إستتباب الأمر له في المناطق التي سيطر عليها، ظهر على حقيقته، فأخذ يتعامل مع من لا يتعاون معه بالنار والحديد، حتى أخذ أهالي هذه المناطق المغلوب على أمرهم التعاون مع الأجهزة الأمنية؛ لإخراج هؤلاء المجرمين من مناطقهم، وبالتالي سقطت هذه الورقة أيضا.
هنا تفتق ذهن حكام السعودية عن فكرة شيطانية أدهى وأمر، ذلك أنها لا تؤثر على العراق فقط، بل هي تؤثر عليهم أيضا، لكن بما أنهم يتمتعون بغطاء مالي كبير، فقد تصوروا أن المسألة ستكون ما يشبه النزهة بالنسبة لهم ويسقط العراق إقتصاديا؛ ويعود الى حضنهم العفن، كانت الفكرة هي إغراق السوق النفطي بملايين البراميل من النفط الخام، الأمر الذي يجعل سعر البرميل منخفضا لدرجة لن يتحملها الإقتصاد العراقي الذي يعتمد في تمويل موازنته العامة على تصدير النفط.
الذي حصل أن الفكرة إرتدت عليهم، عندما طال أمد الأزمة، وزاد في الطين بُلة، دخول السعودية في حرب تدور رحاها منذ ما يزيد على ثمانية أشهر ضد اليمن، بحجة إعادة الشرعية الحكومية في اليمن، حيث تتناول الأخبار أن خسائر السعودية جراء الحرب فقط يزيد على خمسين مليار دولار، عدا عن خسائرها في الأرواح، كما أن خسائرها من جراء هبوط أسعار النفط تجاوز أيضا مبلغ الخمسين مليار دولار، الأمر الذي يعني أن السعودية خسرت جراء مراهقتها السياسية ما يزيد على مائة مليار دولار، وهو أمر يضغط كثيرا على حكامها.
حاولت السعودية الهروب من الأزمة الى أمام، بتشكيلها التحالف الإسلامي، الذي مات في المهد، بعدها حاولت تشكيل تحالف إستراتيجي مع تركيا، ضد من تسميهم الإرهابيين، ولا أحد يعلم كيف تحارب السعودية وتركيا عناصر تقومان هما بتمويلهما (بحسب تصريحات وزارة الخارجية الأمريكية والبيت الأبيض، بالإضافة الى تقارير الصحافة الأمريكية والبريطانية) التي تؤكد أن أكبر داعم للإرهاب ماديا ومعنويا هما السعودية وتركيا.
بعد فشل جناحي التحالف الإستراتيجي في تحقيق مآربهما، نرى أن على السعودية أن تعترف بواقع الحال المفروض عليها، وتعلم أن قوانين الطبيعة تحتم عليها التسليم بالواقع الجديد، وأن رياح التغيير أتية لا محالة الى مملكتهم المتهالكة.