محاولة انصاف المضطهدين من زمن النظام السابق ،حق مشروع لايمكن لاحد تجاوزعليه ؛ لان هذه الشريحة عانت الكثير من الظلم وهي بحاجة الى نوع من الرد الاعتباري والمعنوي وانصافها عما لحق بها من حيف ومعاناة. ولعل تأسيس مؤسسة تعنى بهذا الشأن خطوة مباركة ،ولكن هل كل من انضوى تحت خيمة السجناء السياسيين هو فعلا يمكن ان ينطبق عليه هذا التوصيف حيث كان العراق فيما مضى عبارة عن سجن كبير ومفاتحيه بيد رجل مجنون لايعرف الرحمة.
حاول بعضهم القفزعلى عنوان السجين السياسي وركب الموجة مستغلا القانون الذي يؤمن بالوثائق الرسمية ,وهذا لايعني وجود قصور في عمل مؤسسة السجناء ،بل الامر ناجم عن جشع بعض الذين حشروا انفسهم في خانة السياسة معززين قولهم باوراق رسمية ومحاضر ومقتبس للاحكام الصادرة بحقهم . وبهذا تم سرقة حقوق اناس عرفوا لوعة الاضطهاد والمطاردة و (صوندات) رجال الامن ،على يد من اقحم نفسه في معترك السياسة لدرجة ان هؤلاء المدعين يشكلون رقما في المعادلة وناولوا حقوقا هم ابعد مايكونوا منها،ولعل بعض هؤلاء من الذين اطلق النظام السابق سراحهم تحت تسمية ( تبيض السجون) قبل سقوطه اشهر قليلة .
المهم في الامر ان كلا الصنفين : المجاهد الحقيقي والطارئ حصلوا على امتيازات قد تكون اليوم مبالغ فيها في ظل الازمة المالية التي تعصف البلد ،حيث اجاز قانون مؤسسة السجناء الجمع بين راتبين لمن يملك راتبا آخر ! هذا مخالف للمنطق الذي يقول : يخُير الشخص بين الراتبين حتى ان كان راتب السجين السياسي
لمدة عشر سنوات . ربما يتعرض بعضهم على الطرح بحجة انه تعويض عن سنوات الحرمان و الحصول على مثل هذه الحقوق ابسط شيء يمكن ان يقدم له اليوم . وقد يقول آخر ان من يقدم على خوض سوح الجهادي والنضالي لاينتظر مقابلا ماديا ،بل ان وراء هذا الدافع ايمانه بضرورة الخلاص من اعتى ديكتاتورية في العالم غير عابئ بما سيؤل اليه مصيره ،والبعض وضع اسمه في سجل الشهداء مقدما قبل ان يحين موعد الشهادة ، واعد نفسه واهله لابشع انواع الاضطهاد والاعتقال غيرها من الاساليب التي كانت تعتمد بحق من سلك هذا الطريق المقدس (( قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان )) .