هواء الصباح يشرح قلبي, ونعش انفاسي, فسعادتي لاتوصف
أهمس قلبي محدثةً اياه: اليوم سيكون مميز لي سوف أذهب لأحقق حلمي وأخيراً..
لبهجتي وعمق سعادتي ارتديت أجمل ماعندي
خرجت سرعةً وصوت العصافير تغرد فوق رأسي، وكأني أحلق معهم، رأوني جيراني في الشارع, كانت وجوههم وأعينهم شريرة وغاضبة كأنهم لم يتخلصوا بعد من نشوة النوم.
القيت بسلامي عليهم، كان جوابهم وكأني القيت عليهم عاصفة, فواجهوني بمثلها، سألوني الى أين ذاهبة في مثل هذا الوقت الباكر؟
اجبتهم: والابتسامة لاتفارق وجهي، انا احلق عالياً لاحقق حلمي.
سخروا مني! وقالوا؟
لايحق لك الحلم، عودي لرشدك ووعيك, فمنزلك هو مكانك
فزعت من صراخهم وهرعت مسرعة باتجاه “سيارة الاجرة” وهم يلحقون بي ويصرخون!
عودي عودي !!
فتحت باب السيارة بسرعة وركبت فيها وقلبي يرتجف خوفاً، من وهل الصدمة, قطعنا نصف الطريق كان الازدحام فضيع والناس في توتر، فالكل يريد إن يصل إلى وجهته بالوقت المحدد وينجز عمله، كان سائق التاكسي يتذمر من كثرة السيارات والتوقف لدقائق طويلة، وكأن اشارة المرور الخضراء قد اختفت، فالتوتر يعم المكان والناس جميعاً.
ما آلمني اكثر وزاد من حدة توتري هو أنني أعاني من رهاب الأماكن المزدحمة والمغلقة، لهذا تركت السيارة ونزلت لعلي اتنفس الصعداء، كان جو خانق، تشعر وكأنه يطبق على أنفاسك من شدة الحرارة والازدحام وكثرة السيارات، ابتعدت عن الشارع، وهرعت الى مكان هادئ لا أحد فيه سوى شمس ملتهبة ولاذعة ونيرانها المتأججة والحارقة في درجة حرارة تجاوزت “50 درجة مئوية” حاصرتني كلاب سائبة نظرت يميناً وشمالاً وقلبي يخفق بشدة، باحثةً عن متنفس يدفعني للنسيم، لاأحد معي سوى هذه الكلاب تجري ورائي وبشكل مرعب ومخيف تريد ان تنهش لحمي!
ضربتهم بالحجار لعلهم يبتعدوا عني، لكن دون جدوى!
ركضت الى ان وصلت الى حاجز كبير بابه حديدة مقفلة بسلاسل وعليها اقفال ضخمة وثقيلة تمنعني من الهروب والنجاة، فقد تجاوزت الأمور حد التحمل، لم أعد استطيع المقاومة والهروب الى حلمي!
وكل محاولاتي للهروب بائت بالفشل،
وجدت نفسي اردد بصوت عالي: ساعدني ياربي، اريد ان افتح الباب بيدي، اريد تدمير هذا الحاجز الكبير أنا عاجزة!
وهناك انتابني شعور بالشجاعة، توجهت نحو الباب لأكسر الاقفال التي تمنعني من الذهاب لحلمي، فاصبحت رماد بيدي، وكأنها لم تكن حديد! واذا بعاصفة ترابية هبت باتجاهي، منعتني من رؤية اي شي إمامي، ومع ذلك تجاوزتها بعزمي واصراري على الوصول.
وبين كل خطوة وأخرى تمر نحوي عاصفة اقوى من التي قبلها، والتراب يتناثر هنا وهناك، وإذا بي اسقط في حفرة عميقة يملؤها الظلام، لا استطيع الوقوف أو النهوض، شعرت بألم في قدمي، صرخت وناديت: هل من مغيث؟ هل من احد هنا؟
رفعت راسي للأعلى، وإذا بوجوه مجتمعة تنظر إلي بشراسة وعدوانية، رفعت صوتي عالياً، لعل احداً منهم ينقذني!
اجابوني جميعهم بصوت اجش: ستبقين هنا عالقةً طوال حياتك.
رفعت صوتي عالياً: من انتم ؟ لماذا تحاصروني؟
ولوهلة شعرت بأن أنفاسي تغادرني، وشكت على الهلاك، بفعل فاعل لا اعرفه
إني محاصرة بين قوم لا يكنون لي سوى السوء والبغضاء وقد اجتمعوا على ضرري
حجزوني بهذا الظلام الخانق، وتركوني منكسرة، لاقوة لدي، أصبحت أسيراً وحالماً بتسلق جدران الحرية والهروب إلى الفراغ، ولكن! كم هو شاق مجرد التفكير في الهروب أو البحث عن شارع او مسار فارغ تنطلق فيه بهدوء، لتصل إلى ما تستحقه وتملك معه وقتك، وإلا فإنك تبحث عن الحياة خارج الحياة وتحولها إلى أمر فيه عناء، طالما كنا ومازلنا نعيش في مجتمع يقدس الشر وترتفع فيه اصوات المعادين والمحاربين للسلام والحرية والباحثين عن تحقيق الحلم البريء.
فهل لنا من طريق لتسلق حجرة الظلام والقسوة؟