18 ديسمبر، 2024 7:55 م

السبيل الى التنمية في العراق !الزراعة(1)

السبيل الى التنمية في العراق !الزراعة(1)

( الزراعة معناها فلاحة الارض واصلاحها وزرع النبات وغرسه فيها والقيام عليه بما يصلحه حتى تحصل فائدته ويكثر بمشيئة الله عائده ) الاندلسي ابن العوام القرن 12

لعل العراق يشكل حالة فريدة بين بلدان العالم الثالث والعالم فهو اولا غني بثرواته البشرية والطبيعية حيث الموارد البشرية والمائية ( انه بلاد الرافدين ) والنفطية التي اهلته ليشكل حالة فريدة في مسيرة التنمية ثانيا الحالة العراقية تتسم بتردي غير مسبوق بين بلدان العالم النامي وذلك بتدمير عقول التنمية بدءا بتدمير الانسان وتدمير الطبقة البرجوازية الصغيرة والمتوسطة التي قادت التنمية في العقود السابقة الى ماقبل 2003 مما ادى الى توقف برامج التنمية ..وبدأ المخطط بتدمير الانسان مع الحصار الذي فرض على العراق الذي افقر الانسان في روحه وثقافته واقتصاده وصولا الى التدمير الشامل بعد الغزو الامريكي واحتلال العراق عام 2003 وتنصيب حكومات اقل مايقال عنها انها غير نزيهة وغير كفؤة في ادارة بلد مثل العراق العظيم المتخم بجراحاته وتعقيداته طغمة فاسدة لاتعي من امور دينها ودنياها الا المال والسلطة والسرقة وافساد الانسان وقتله … اقول لحكومة المنطقة السوداء وبرلمانها اسميه (السخيف الضحل ) ماذا قدمتم لاطفال العراق ولشبابه ولشيبته ولنساءه اين تاخذون العراق الى اي نفق مظلم ادخلتم بلد حمورابي وبلد كلكامش وبلاد السواد اين انتم من عصور الزهو التي عاشها العراق وعاشها دجلة ودار المستنصرية ودار الترجمة في بغداد ، واخوان الصفا ، والمعتزلة ، والخليل ابن احمد الفراهيدي ، والقائمة تطول تعسا لكم وبعدا” لكم لقد حولتم كل شيء جميل في هذا البلد الى مناحة وعزاء لايرحمكم الله ..ومن الطبيعي ان قطاع الزراعة لم يكن بمعزل عن هذه الصورة القاتمة ..

دائما اسال لماذا الزراعة في العراق في تدهور مستمر هل هناك ايادي وراء ذلك ؟ بلا شك نعم فليس من المعقول بعد ان كان في العراق 30 مليون نخلة لايوجد الان اكثر من 5 مليون في الوقت الذي لم تكن في الامارات نخلة واحدة وترجى الشيخ زايد العراق في اواسط السبيعنات امكانية الحصول على فسائل نخيل ولم يتردد العراق لحظة واحدة فورا ارسل ( ابو الهمايم ) فسائل البرحي مجانا ( والنقل على حساب العراق ) ان شاء الله ما نسيت الامارات ذلك ..ولا كان في قطر ولا كان في الاردن والاّن هذه الدول كلها تصدر التمور ومن ارقى الانواع والعراق مع الاسف الى الوراء .. كانت طماطة الزبير مشهورة بنوعيتها الجيدة وبكميات كثيرة مما يفيض عن الحاجة فتصدر الى الكويت وبعض الدول المجاورة والان العراق يستورد الطماطة من دول كان يصدر لها لماذا ماالذي حصل ؟ … ونفس الامر بالنسبة لحنطة وشعيرالجزيرة في الموصل بنوعية جيدة .. هل هناك افضل من برتقال العراق ديالى وكربلاء والان كل برتقالة بقدر الدعبل الذي كنا نلعبه .. امر مؤسف فما الذي حصل ؟ نعود قليلا !

كما تعلمون في العهد الملكي كان هناك الاقطاع والحقيقة ان الاقطاع بدأ قبل ذلك من فترة الدولة العثمانية لكنه توسع في العهد الملكي بعد ان شجعت الحكومة وبدفع من الانكليز شيوخ العشائر على الاستحواذ على الارضي الزراعية بالاشتراك مع ملاكي المدن الاثرياء وخلقت طبقة اقتصادية اجتماعية تملك وتحكم وتساند الحكم الملكي وهي طبقة الاقطاع يمكن القول ان كل الاراضي الزراعية بيد 16 عائلة هم عائلة – الجاف – ال ياسر- ال فرحان – الامير – الجلبي – القصاب- الياور- الخضيري – مرجان – ال جريان – السهيل – الشيخ محمود الحفيد – بلاسم الياسين -بابان – ال العريبي – العائلة الملكية .. وكانت هناك طبقة اجتماعية اخرى مسحوقة هي الفلاحين وهي اغلبية سكان العراق حيث تشكل الزراعة المصدر الرئيسي لثروة البلاد .. قبل انقلاب 1958 شعرت الحكومة بتذمر الفلاحين وتنامي وعيهم فأصدرت عدة قوانين واهية لايهام الفلاحين بالاصلاح وتحسين احوالهم .. بعيدا عن السياسة ولكن لابد من ذكر هذا الامر لاهميته لاحقا ..استغل الحزب الشيوعي صفوف الفلاحين وسوء احوالهم المعاشية والاجتماعية ونجح في اثارتهم ضد الحكومة الملكية وضد نوري سعيد وضد الاقطاع .. بعد انقلاب 1958 حدث التحول الكبير في قطاع الزراعة وفي تغيير اوضاع الفلاحين … في اّب 1958 اعلن وزير الزراعة باعطاء الفلاح نصف الحاصل باستثناء الحالات التي تعطي الفلاح اكثر من النصف ثم شكلت لجنة لوضع قانون الاصلاح الزراعي والتي نتج عن اعمالها القانون 30 في30 ايلول 1958 قانون الاصلاح الزراعي الذي حدد الملكيات الكبيرة للاراضي بالحد الاعلى وحددها القانون ((لايجوز ان تزيد مساحة الاراضي الزراعية التي تكون مملوكة لشخص او ممنوحة له باللزمة عن 1000 دونم من الاراضي التي تسقى سيحا او 2000 من الاراضي التي تسقى ديما )). وتستولي الحكومة على مايزيد عن الحد المذكور مع دفع تعويض لاصحابها وتقوم الحكومة بتوزيع الاراضي الاميرية الصرفة على الفلاحين ليصبحوا مالكين للارض .. واقر قانون الاصلاح تشكيل الجمعيات الفلاحية ..وبدأت صفحة جديدة لقطاع الزراعة انا اسميها بداية تخريب وافساد الفلاح والزراعة ..تحول الفلاح الى اداري ونقابي في اتحاد الفلاحين ثم بدأت اول هجرات اعداد كبيرة من الفلاحين الى المدن وخاصة الهجرة الى العاصمة بغداد والبصرة والموصل وترك الفلاح ارضه الزراعية ليصبح مغني او سائق او موظف بسيط في دوائر الدولة في بغداد ( تم افساد الفلاح ) واصبح بوق عالي لحماية نظام الحكم مع انتاجية واطئة .. وشجع الحزب الشيوعي كل هذه الامور بينما كان المفروض به تشجيع الفلاح على البقاء في ارضه وزراعتها .. وشهدت الزراعة تدهور واضحا فلا الاقطاع اصبح يسيطر على الفلاح ولا الفلاح كان مستعدا لزراعة الارض ..مع التأكيد على نقطة مهمة جدا ان حالة الفلاح في ظل الاقطاع كانت سيئة جدا اقرب الى نظام العبودية والرق.. وبالرغم من وجود وزارة تهتم بمسالة الاصلاح الزراعي الا انها لم تستطيع معالجة ضعف الانتاج الزراعي لقد فقدت السيطرة على الفلاح الذي كان يترك موسم الحصاد ليذهب الى المدينة مع انه لم يكن يستطيع ان يقوم بهذا العمل في عهد الاقطاع .. وبدلا من ان تقوم الحكومات بمدننة الريف مع الاسف الذي حصل هو اريفة المدن واصبحت بغداد والمدن الاخرى ريف كبيرواستمرت هذه الظاهرة حتى هذا اليوم .. بعد عام 1968 كانت هناك محاولات جادة وناجحة في انعاش قطاع الزراعة وفعلا تحقق في العراق اكبر حملة للاستصلاح الزراعي والزراعة الحديثة وادخال المكننة وتم انشاء العديد من السدود وانشاء العديد من المراكز البحثية العلمية المتخصصة بالتطوير الزراعي واهتمت الحكومة بثلاث اعتبارات لتطوير القطاع الزراعي وهي الوصول بالانتاج لما يكفي لمواجهة طلب الاستهلاك والمسالة الاخرى تفعيل دور القطاع الزراعي في تحقيق النمو الاقتصادي واخيرا تغيير الواقع الاجتماعي للريف والاهتمام بالتعليم للفلاح لرفع مستواه الثقافي بما يخدم الثورة الزراعية .. كما اهتمت الحكومة بقطاع الدواجن وتربية المواشي .. ثم جاء المغول عام 2003 وقضوا على كل مااسمه زراعة فأصبح الفلاح منخرطا بالعمل السياسي والميليشاوي وشهد الريف في اغلب مناطق العراق حركات عنف وحركات اغتيال وبالتالي انعكس كل ذلك على الحركة الزراعية وجرى تجريف وحرق ملايين الاشجار والنخيل ..

ماالعمل للنهوض بقطاع الزراعة في العراق ؟

1- محاربة الفاسدين من الوزراء والدرجات الاقل فالمعروف عن وزارة الزراعة انها من الدوائر الفاسدة وتحتاج الوزارة الى ثورة ادارية للتخلص من اللصوص.. اذكر احد وزراء الزراعة بعد 2003 ( زيدان )، كان جنديا قبل 2003 يعمل في ( القلم ) في احدى الوحدات العسكرية جاءت لجنة تحقيقة تبين انه يبيع اجازات النزول للجنود بمبالغ زهيدة طيب كيف ممكن ان يكون هذا وزيرا وفعلا نهب الوزارة كلها ..

2- بما انه الكهرباء مهم جدا لقطاع الزراعة خصوصا في عملية السقي واستعمال مضخات المياه واهمية الكهرباء في تربية الدواجن وبما انه ليس في الافق من امل في تحسن الكهرباء اذن من الافضل وهذا ماتعمل عليه دول العالم استخدام الطاقة الشمسية والهوائية لتوليد الكهرباء في الريف

3- يجب الاعتماد على الزراعة التقليدية لانتاج الاحتياجات الغذائية المختلفة والمتنوعة وكذلك الاعتماد على الزراعة المختلطة وتربية المواشي وتربية الدواجن وتربية الاسماك كل مزرعة تحتوي على الاقل على تنوع من هذه الاحتياجات .. نلاحظ في العراق عدم التنوع في الزراعة ولاتغطي الاحتياجات كلها سنة يزرعوا كلهم طماطة وسنة اخرى كلهم يزرعوا رقي وهكذا هذا لايجوز ( اين دور وزارة الزراعة في الرقابة وتحديد ما يجب زراعته علما ان هذا النوع من الزراعة المتنوعة دخلها اعلى من دخل الارض الاحادية الزرع اعلى بخمس مرات على الاقل

4- كما يمكن اعتماد الزراعة التقليدية والابتعاد قدر الامكان عن الكيمياويات الزراعية لان تصدير مثل هذه البضاعة افضل واسهل وكثير من دول العالم تفضلها وهي ماتسمى الزراعة العضوية

5- ان الزراعة المختلطة تتطلب جهدا اقل كما انه يمكن للمراة المساهمة بها فاذا كانت لاتستطيع حصاد بعض الاثمار بالتاكيد تستطيع حصاد الخضروات مثلا اوتستطيع العمل بالدواجن

6- تشجيع الاسر على ممارسة الزراعة المختلطة

7- تشجيع قيام التعاونيات الصغيرة من عدة عوائل من الشباب للسكن والتعاون على زراعة الاراضي وبذلك يحل جزء من مشكلة السكن الطلب ويقلل من البطالة ويعود بالوارد الى الدولة

8- توظيف المزارعين بمعنى وضع المزارعين او الفلاحين في مزارع حكومية مملوكة للدولة ويعملون بأجر

9- على ان كل ذلك لن يتم بدون تعاون الدولة في إعداد هذه المزارع وتحمل الكلفة من اقامة المنشاة وتزويدهم بالمواشي والدواجن لفترة قصيرة وترك الامر لهم فيما بعد

10- اصدار قانون صارم باحتفاظ الدولة بالحق في استرجاع الارض التي يهجرها اصحابها او توقفوا عن زراعتها خصوصا للارض التي تمنحها الدولة للتعاونيات الصغيرة

واخيرا ان وزارة الزراعة لاتقوم بعملها ولا بالحد الادنى في دعم الزراعة بل هي على العكس بدلا من ان تدعم اقتصاد البلد فهي تستهلك من ميزانية الدولة المبالغ الهائلة بلا مبرر.. ان الزراعة مصدر مهم من مصادر الدخل يجب الاهتمام به اذا سمحت لكم ايران بان تزرعوا الرقي .. لقد عملت ايران بتخريب الزراعة وكلنا يعرف من حرق الحنطة ومن سمم السمك ..

(واذا تولى سعى في الارض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لايحب الفساد )صدق الله العظيم