22 نوفمبر، 2024 8:34 م
Search
Close this search box.

السبب البيولوجي للتخلف السياسي لدى جميع البشر

السبب البيولوجي للتخلف السياسي لدى جميع البشر

علم النفس السياسي يعاني من نقص مركزي في تشخيص إخفاقات البشر السياسية طوال التاريخ ، وهو علم تستغرقه الإنشغالات بالنتائج دون ان يمتلك الجرأة على الذهاب مباشرة الى السبب الأول والوحيد ، وهذا الخلل في التشخيص مرده إغفال أو عدم إيمان علم النفس السياسي بالرؤية العدمية الإلحادية للوجود وان البشر كائنات عشوائية عاشوا تحولات كثيرة ، لكنهم لايستطيعون مغادرة قوقعة الإنانية والإحتكار والسلوك العدواني ، فالإطار الفلسفي العدمي هو ماينقص تحديد أين يكمن القصور والخطأ والخطايا وجرائمنا الجماعية نحو بعضنا داخل العائلة البشرية التي تعيش سوية فوق كوكب الأرض.

لم يكن في يوم ما الفكر والسلوك السياسي للبشرية سليما يتمتع بمواصفات النبل المطلق الهادف لخدمة مصالح عموم الناس ، وبسط السلام والإستقرار على وجه الأرض ، بل ما أنتجه البشر من فكر وممارسة سياسية كان المزيد من الخراب والإحتكار وعدم الشعور بالآخرين والحروب وإراقة الدماء ، ومعادلة المباديء و حدود طاقة البشر على تطبيق ما يرفعونه من شعارات هي دراما مستمرة في مجرى الزمان ، فمنذ بدء تاريخ الإنسان ولغاية الآن لم يستطع تجاوز أنانيته ويمنع نفسه الدخول في الصراعات التي تحركها الأطماع لقهر الآخرين والتوسع والإستحواذ على ممتلكاتهم وأراضيهم .. كان الإنسان على الصعيد السياسي طوال التاريخ كائنا متوحشا يفترس أخيه الضعيف بلا رحمة !

لماذا أخفق البشر في تطبيق مباديء العدالة والمساواة في توزيع الثروات على الجميع رغم وجود العقل والقيم الأخلاقية والأديان ؟

الجواب لأن البشر تكوينهم البيولوجي المشوه الحالي يمنعهم عن ان يتخلوا عن أنانيتهم وأطماعهم وسلوكهم العدواني الإفتراسي ، فالإنسان سيظل حيوان أنيق لا يستطيع مغادرة إسطبل عالمه المتوحش الذي هو جزء من تكوينه البيولوجي ودماغه المحرك للفكر والسلوك ليس مستعدا على ان يكون كائنا خيرا بالمطلق يحذف الشر والأنانية من خلاياه ، بل لاحظ المفردات السياسية التالية مثل : (( مصالح بلدنا ، الحرص على السيادة ، حماية ثرواتنا ..)) هذه المفردات المتعارضة مع قيم العدالة والمساواة .. هي من نتاج العقل البشري المتحضر الذي إبتكر فكرة الدولة التي هي في حقيقتها إبتكار يدل على الأنانية والإحتكار للجغرافية والثروات وحرمان الجماعات الفقيرة والضعيفة منها !

مؤسف ان مايسمى إرادة الخير هي مجرد شعار وأمنية ، وان الإنسان يصبح كائنا غير أخلاقي عندما يتعلق الأمر بنزعة التملك والأنانية والمبادرة للخروج من سجون الذات الفردية والجماعية ، وهو يفتقر للفعالية في تجسيد المبادئ التي تنادي بها نخب الحالمين بأن يسود الأرض العدالة وتوزيع ثرواتها حسب المساواة ، وتطبيق هذه المباديء النبيلة من المنظور الإنساني بعيدا عن كافة الأيديولوجيات مثل الشيوعية وغيرها ، وان البشرية بعد فشل العقل والاديان والقيم الأخلاقية في نشر العدالة والمساواة .. الأمل الوحيد بقيّ في إنتظار تطور العلم كي يصبح قادرا على تعديل خلايا الدماغ وبرمجتها على حب الخير والعطاء بشكل مطلق ومن ثم يصبح السلوك السياسي مستقيما هادفا لخدمة العائلة البشرية كلها بحيث ينظم شؤونها بشكل جماعي عادل ويوزع عليها ثروات الأرض ويقضي على الفقر والجوع والأمراض والصراعات والحروب.

 

أحدث المقالات