22 ديسمبر، 2024 7:08 م

السباق الى تل ابيب

السباق الى تل ابيب

المراقب لما يجري من اعلانات للسلام بين الامارات واسرائيل وتبعتها البحرين قبل يومين ، يدرك بما لا يقبل الشك ان قائمة الدول العربية واتوقع الاسلامية التي ستبرم اتفاقات سلام مع تل ابيب طويلة ولن تنتهي بهاتين الدولتين.

والغريب بالأمر، ان تبدأ هذه العملية من دول لا تحدها مع اسرائيل اية حدود ، والاغرب ان يتم الاعلان عنها في هذا الوقت الذي لم يتحقق فيه شيئا على مستوى النزاع التاريخي مع هذا الكيان الغاصب او تتحقق فيه آمال الشعب الفلسطيني المغلوب على امره او حتى يتم التشاور فيه مع الحكومة الفلسطينية صاحبة الشأن والعلاقة والمصلحة… بل الادهى من ذلك شكلت هذه الاتفاقيات ضغوطا غربية وامريكية على الحكومة الفلسطينية نفسها للتوقيع مع اسرائيل على اتفاقيات مماثلة دون ان يتكلف المحتل الغاصب اية تنازلات او يرضى بحل الدولتين بديلا للسلام المزمع.

ان القضية مع اسرائيل لن تحل باتفاقيات سلام ، لان المحتل التوسعي ببساطة لا يعرف معنى السلام ولا يؤمن به… والاختلاف معه متجذر وعميق لانه يتعلق باولى القبلتين التي تدنس كل يوم من المستوطنين المتعصبين اليهود وثالث الحرمين المقدس عند عموم المسلمين وحقوق شعب ضاعت ودماء ذكية سالت.

 

ان الحل يجد ارضيته الصلبة بالتنازلات وتحقيق المصالح لكلا طرفي النزاع ، ولن يأتي باتفاقيات تعقد هنا وهناك. لذا يجب ان يقف استمرار السباق نحو تل ابيب الذي يحدث بدون ثمن من خلال التالي:

1. تشكيل جبهة رفض رسمية للضغط على كل من يريد توقيع اتفاقيات مماثلة تتولاها منظمة المؤتمر الاسلامي مثلا ، ولبيان مواقف الدول العربية والاسلامية علانية مما يجري.

2. حشد الفعاليات الشعبية للتثقيف ضد سياسة الركوع والخنوع للضغوط الامريكية ، وللضغط على الحكومات العربية لاتخاذ موقف من الدول التي توقع مع اسرائيل.

3. تنظيم خطاب الفعاليات الدينية المعتدلة لتوضيح الموقف من السلام مع اسرائيل ، ولما له من تأثير ايجابي في تحريك مشاعر الجمهور وللضغط ايضا على الساسة قبل اللحاق بالركب المسالم.

وبعيدا عن الموقف الجيوسياسي في المنطقة وسياسة المحاور ، فان خطوة الامارات لم تأتي من فراغ ، لأننا عرفناها سباقة في كل شيء حتى في مجال الفضاء مؤخرا ، بل انها ادركت تمام الادراك ان هناك توجها واسعا لفتح صفحة جديدة في الشرق الاوسط تزيل الخلافات التاريخية مثل القضية الفلسطينية وارادت ان تكون اول من يطلق شرارتها. لكن ازالة الخلافات لا يتم بدون اتفاقات وضمانات وقرارات اممية ولن تأتي الخطوات المنفردة الا بالضرر على اصحابها ، وتزيد من تنكيل المحتل بالشعب الفلسطيني ، وتوقع الخلاف بين دول المنطقة… وهذا امر لا يرتضيه عقل ولا دين وسيسقط السباق نحو تل ابيب مثلما سقطت غيره من الرهانات.