18 ديسمبر، 2024 8:36 م

السباق إلى الخيانة خدمة للمحتلين في كل وقت وحين

السباق إلى الخيانة خدمة للمحتلين في كل وقت وحين

السباق نحو مكارم الأخلاق والقيم والمثل الإنسانية، وتسجيل المواقف المبدئية، أمرٌ حثت عليه جميع الشرائع السماوية، وينسجم مع الفطرة الإنسانية، وتقره العقول السليمة، وتنادي به الأيدلوجيات الوضعية التي تسعى من أجل إسعاد البشرية…
لكنك حينما تطالع التأريخ تجد من تخلف عن ذلك السباق النبيل، وسار في الاتجاه المعاكس تمامًا، حينما راح يخوض سباق نحو الرذيلة وتسجيل المواقف الذميمة، من أجل تحقيق مصالح شخصية، حتى وإن كان على حساب مصالح البلاد والعباد .
الخيانة والعمالة لقوى الغزو والاحتلال من القضايا القذرة التي تعجز الكلمات عن وصفها ووصف أصحابها، فهي أعظم الخيانة وأبشع صورها فظاعةً وخسةً وسفالةْ، وبالرغم من ذلك نجد أئمة وخلفاء وسلاطين الأمة الإسلامية من أبناء تيمية يتسابقون إلى الخيانة والعمالة للغزاة والاستقواء بهم ضد بعضهم، ويتقاتلون فيما بينهم، نيابةً عن أسيادهم المحتلين، وقد كشف عن هذا الأمر أحد المحققين والباحثين خلال تعليق له على ما نقله ابن العبري:
(وبعد فراغ باتو من أمر الصقالبة، تجهز للدخول إلى نواحي القسطنطينية، فبلغ ذلك ملوك الفرنج، فجاؤوا حافلين حاشدين، والتقوا المغول في أطراف بلد البلغاء، وجرت بينهم حروب كثيرة، انجلت عن كسرت المغول وهزيمتهم وهربهم، (فقفلوا) فرجعوا من غزاتهم هذه، ولم يعودوا يتعرضون غالى بلد يونان وفرنجة إلى يومنا هذا )
فعلق المحقق بالقول:
((على الرغم من الصراعات بين ملوك وسلاطين بلاد الغرب في اليونان والفرنج، إلا أنهم تركوا صراعاتهم جانبا، واتحدوا ضد عدوا مغولي غاز متغطرس فاتك، فكسروه فانهزم وامتنع عن قصد بلادهم وغزوهم، بينما الأئمة الخلفاء سلاطين الأمة الإسلامية أبناء تيمية، يتسابقون إلى الخيانة والعمالة لقوى الغزو والاحتلال والاستقواء بها ضد بعضهم، بل والقيام بحروب طاحنة نيابة عن أسيادهم المحتلين ومصالحهم الاستعمارية الفاسدة القبيحة )).
الخيانةُ والعمالةُ والتزلفُ للمحتلين حرفة يتوارثها الانتهازيون من رجال الدين والسياسة جيلًا بعد جيلْ، ولقد نالت رواجا في عصرنا الحاضر، وصارت منقبةً يتبجح بها هؤلاء، ووسامٌ يفتخرون فيه، والرافض لهذا المنهج تنهالُ عليه التهمُ كالمطرْ، ويتعرض إلى أبشعِ أنواعِ التسقيطِ والتغييبِ والقمعِ والنتيجةُ أن أُختُطِفتِ الأوطانِ وسحقتِ الشعوبْ.