إثارتْ زيارة الرئيس الإيراني مسعود بزكشيان الى العراق،وتجواله في محافظاته،وتوقيعه أكثر من عشرين إتفاقية ،أمنية وإقتصادية وعسكرية وسياسية مع بغداد،أكثر من علامة إستفهام،حيث خرجت الزيارة عن سياقها البروتوكولي الرسمي، بإجتماعه بزعماء الإطار التنسيقي في بيت السيدعمارالحكيم، مجتمعين ومنفردين،عدا زعيم التيار الصدري، رغم زيارته الى النجف،وهذه علامة إستفهام أخرى،وقد إلتقى في اربيل بالسيد مسعود البرازاني رئيس الحزب الديمقراطي، وإتفق الطرفان على غلق أكثر من 80 مقراً ومعسكراً ،لأحزاب ألمعارضة الإيرانية،وزار السليمانية، وإجتمع برئيس حزب الاتحاد الوطني بافل طالباني، الذي إستقبله بحفاوة غير مسبوقة، وعقد الرئيس مؤتمراً صحفياً في السليمانية ،تحدث فيه باللغة الكردية،فماهي الإتفاقيات التي إتفق عليها الرئيس مع بافل طالباني، وإتفاقاته الأخرى مع الرئيس مسعود ورئيس الاقليم نيجرفان ،وقبلهما مع السيد محمد شياع السوداني، بل ماذا كانت نتائج إجتماعاته مع الإطار وزعمائه، إبتداء وصفت الزيارة ب(التأريخية)، لأنها أول زيارة لرئيس إيراني للعراق ،يتجوّل فيها بمحافظات العراق، بلا أي برتوكول رسمي،فقد زار البصرة والنجف وكربلاء وأربيل والسليمانية،وتجاوزفيها العرف الدبلوماسي ،في لقاءاته مع سياسيين ورؤساء أحزاب وشيوخ عشائرالبصرة ألبسته العباءة العربية ،ولكن في المقابل، ماهي نتائج هذه الزيارة ،وهل حققت أهدافها الأمنية والسياسية ،بالنسبة لإيران وللإطار التنسيقي وإقليم كردستان ، فبالنسبة للإطار التنسيقي، فقد كان لقاء الرئيس بالإطار وقادته ، قد وضعت النقاط على الحروف في تسوية وتصفير المشاكل بين السوداني، وجزء من الإطار ومنهم (المالكي – الخزعلي)، وحسم مرشح رئيس البرلمان ان يكون (تابعاً) لإيران، وخاضعاً لأوامر الإطار التنسيقي،وقيامه بتوقيع إتفاقيات أمنية وٌإقتصادية ، تضمن لإيران الهيمنة على الأستيراد العراقي من إيران، وعدم السماح للعراق، تفعيل الزراعة والصناعة ،وغيرها، لكي يبقى العراق خاضعاً لها،ومستورداً منها،وفي إقليم كردستان العراق، كان التواجد الامريكي وقواعده محور نقاش الرئيس – البرازاني،وربما نقل رسائل تطمين إيرانية الى الجانب الأمريكي، لضمان علاقة كردستان مع أمريكا وإيران بوقت واحد، لهذا صرح رئيس الاقليم نيجرفان برازاني ب(لايسمح بأي تهديد لإيران من اراضي كردستان)، وضبط الحدود مع إيران،مما يضمن الأمن القومي الإيراني،وهذا ماتريده طهران تماماً، من كردستان،كما ضمنت غلق مقرات ومعسكرات المعارضة الايرانية ،ونزع أسلحتها في الإقليم ،أما في السليمانية فقد عزز دعم طهران لحزب العمال الكردستاني ،وحزب الاتحاد الوطني ،لمواجهة اي تهديد تركي لهما، حيث تدعم طهران حزب الاتحاد الوطني، بوصفه حليفها (التاريخي)، وتدعم حزب العمال التركي، بوصفه ورقة بيدها ضد تركيا،وهكذا زار النجف وكربلاء واللقاء بمراجعها، وتعزيز الموقف الايراني الديني ودعم المراجع له،وأزاء هذه الزيارة يود الشارع العراقي ان يسأل حكومته، وماذا عن التواجد التركي داخل الأراضي العراقية،بمئات الكيلومترات،لماذا لم تقم حكومة بغداد ،بغلق مقرات البككا ومعسكراته في سنجار وقنديل وغيرها، كما فرضته على الاقليم ، وتم لها تحت الضغط الايراني، بغلق المعسكرات والمقرات،ولماذا الكيل بمكيالين أزاء سيادة العراق ،على حساب أمن إيران القومي ،فهل يتجزأ الأمن القومي،والسيادة العراقية، فالأصح غلق كافة مقرات البككا في عموم أراضي العراق، وليس في إقليم كردستان العراق، وإبقاؤه في سنجار وقنديل والحدود ، لرفض تبرير الحكومة التركية، بتواجدها العسكري داخل أراضينا، أن إزدواجية التعامل مع طرف على حساب طرف آخر ، هو ضياع المشيتين، فالسباق الإيراني – التركي في العراق، أصبح يهدّد وحدة اراضي العراق ،ووقوع العراق تحت إحتلالين إيراني وتركي،نعم هناك إحتلال تركي على الأرض، وهناك إحتلال ايراني غير مرئي،يراه الجميع بالنفوذ الايراني الواسع في القرار العراقي السياسي والديني والاعلامي ،إذن السباق الإيراني –التركي، أصبح حقيقة واضحة في السياسة العراقية، التي تفتقر الى قرارها السياسي والأمني، وإرتهانه بيد طهران،فتركيا تسعى للسيطرة على محافظات عراقية ، من خلال وجود المبرر (حزب العمال) داخل العراق، وقولها ان الحكومة العراقية وايران، هما من يدعمون البككا ، ليشكل خطراً على الأمن القومي التركي،وهو المبرّر الذي تستخدمه تركيا، في توغلها في العراق،وهو مبرر منطقي، فرضه ضعف القرار العراقي العسكري ،في طرد حزب العمال التركي من أراضيه، بل دعمه وتقديم له السلاح ،والتمويل والدعم اللوجستي والتواجد العسكري، والسماح له بفتح مقرات في سنجاروغيرها، بل الاكثر وجود حشد إيزيدي تابع للحشد الشعبي العراقي، ولكن ولاؤه كاملاً للبككا في سنجار وغيرها،هذا السباق المحموم بين إيران وتركيا، لتوسيع نفوذهما داخل العراق، سببه ، الموقف الأمريكي التخادمي ،مع كل من طهران – أنقرة، وعدم دعم حكومة السوداني ،في مواجهة التمدد التركي والإيراني في العراق،إذن زيارة الرئيس الإيراني تعد نقطة تحول إيراني ،للإفلات من العقوبات الدولية، ودعم النفوذ الايراني وتوسيع قوته في العراق ،من شماله الى جنوبه، وضمان تحقيق أجندته السياسية والاقتضادية والامنية ،والهيمنة على الاحزاب في عموم العراق، بالترغيب والترهيب، وجعل العراق( محافظة ايرانية تابعة لإيران)، كما صرّح أحد قادة ايران قبل يومين،لهذه الزيارة كشفت الأكذوبة الامريكية ،عداوتها مع طهران وملاليها،وكشفت أيضا خضوع حكومة السوداني والإطار التنسيقي، لأوامر طهران وسياستها في العراق، وإنهما تابعين لها ولقراراتها،وإن تدجين (سنّة الإطار)، بدعم وضغط إيراني هو ماجرى في اجتماع الرئيس بزكشيان ،وزعماء الاطار وسنّة الاطار ، في بيت عمار الحكيم ،زعيم تيار الحكمة،فلا غرابة أن يكون رئيس البرلمان القادم، قد خرج من عباءة هذا الإجتماع ومخرجاته،وهو أمر طبيعي لخضوع قيادات سنية لسياسة الإطار، وضغوطه السياسية وترهيبهم وترغيبهم واغرائهم في المناصب وغيرها، التسابق الايراني- التركي ، هوأحد اسباب ضعف حكومة السوداني، ومحاربتها من قبل الإطار التنسيقي، لإجبارها على تنفيذ قراراته ، وضمان إعادة المالكي الى رئاسة الوزراء ،بتسقيط السوداني وحكومته ،وفرض شروط تعجيزية على السوداني للقبول بها ، ومنها إجراء إنتخابات مبكرة ،وتسليم ملف المخابرات بيد الإطار، وإخراج جماعة السوداني من المناصب الحساسة،عدم مشاركة السوداني في الإنتخابات وحل حزب الفراتين للسوداني،إذن هناك رغبة إيرانية حقيقية، بإبعاد السوداني ،واعادة نوري المالكي لرئاسة الوزراء،والدليل إجتماع الرئيس الإيراني بالإطار التنسيقي، والإتفاق على المرحلة المقبلة ، لانها تعدّ الامتحان الأخير لطهران ،وتواجدها في العراق، وضمان هذا التواجد هو نوري المالكي ،الذي يعدُّ الأقرب للمرشد الاعلى في إيران، وليس السوداني، فيما يسعى الرئيس أردوغان لتوسيع نفوذه والتسابق مع طهران، في كركوك والموصل واقليم كردستان،عن طريق محاربته لحزب العمال التركي، كورقة لفرض نفوذه وتواجده في العراق،وهكذا هما إيران وتركيا، جناجان يتسابقان لفرض توسعهما ونفوذهما في العراق، فيما حكومة السوداني والاطار التنسيقي، يتصارعان من أجل المناصب والمكاسب ،وترسيخ نفوذ طهران وزيادة ولاؤهم لإيران ،في تسابق آخر لإثبات الولاء للمرشد الأعلى ، فيما الادارة الامريكية تتفّرج على هذا التسابق السياسي والامني والعسكرية ،وفرض تواجدهما السياسي والعسكري في العراق، لتحقيق أجندتهما، وتحقيق حلمهما التاريخي بإعادة الامبراطورية لكل منهما …!!!!