لا تفارق فكر المواطن العربي، فكرة الزعيم أبداً، فهو دائماً ينظر للحكام دون الأحكام، وذلك إيماناً منهُ بأن القوانين والأحكام، ما هي إلى نصوص كُتبت بأيدي أشخاص، يمكن طي ولوي أعناقها متى ما أرادوا وكيفما شاؤوا، ولذلك فهو يطالب دائماً بحاكمٍ عادلٍ ولا يطالب بأحكامٍ عادلةٍ.
المواطن العربي لا يستطيع التفاعل مع منظومة حكم تتغير بين الحين والآخر، بالرغم من كونهِ يعشق التغيير، ولكنهُ رأى أن أي تغيير سياسي لا يتم إلا بعد إسالت العديد من الدماء، ونشر الخراب والدمار، نعم هو سيتقبل التغيير مع مرور الوقت، ولكن فكرة الزعامة ستكون مرافقة له حتى ولو في الأحلام وسيخلق له زعيما من فراغٍ أو خزف! أن سايكلوجية المواطن العربي ونشأتهِ منذُ طفولتهِ بُنيت على هذا الأساس، وما زالت تُبنى عليه إلى يومنا هذا وإلى الأجيال اللاحقة.
قد تختلف فكرة الزعامة في فكر المواطن العربي، ولكن وجودها أمرٌ مفروغٌ منهُ، وهو ما أردتُ طرحهُ في مقالي هذا، عسى أن ينتبه إليهِ الساسة ومن هم بصفة مسؤوليين في الدولة، فلا أدري لماذا يحاول هؤلاء فرض آرائهم على المجتمع بالرغم من أن الأيام أثبتت فشلهم، وذلك لجهلهم أو تجاهلهم الأيدلوجية التي يتبناها المواطن العربي….
ما عصف بالمجتمع العراقي وسياستهِ كأحد نماذج الدول العربية، التي تعرضت للتغيير مع بداية القرن الجديد، هو محاولة إلغاء الزعيم من قبل البعض، وفقدانهِ لدى البعض الآخر، فعندما نسمع حديث المواطن العراقي اليوم، فإننا نجدهُ يرى نفسه في متاهةٍ حقيقية، فهو يسأل: إلى أين يتجه؟ ولمن يشتكي؟ وعند مَن يحتكم؟ مَن يُحاسبُ مَن؟ كيف ستتم محسابة رؤوس الفساد؟ ومن هو القادرُ على فعل ذلك؟، ودائماً يتلقى إجابة: بالدستو والقوانيين! فتكون ردتُ فعلهِ الضحك المؤلم، ولسان حاله يقول: منذ 13 سنة لدينا دستور وقوانين فإلى أين وصلنا؟! السَّراق يتبجحون ويظهرون عَبَرَ الفضائيات معلنين سرقاتهم وكذلك السياسيون الفاشلون يعلنون فشلهم فهل حاسبهم الدستور والقوانين؟!
الشعبُ العراقيُّ إنتظر زعامةً تقول لهُ: أنا سأُحاسب، أنا سأخذُ لك حقك، فحاول إيجاد هذه الزعامة كما قلنا: من فراغ أو من خزف، ولذلك إنتبهت المرجعية الدينية وأرادت أن تعطي قيمة للدولة ورئيس وزرائها، ولكنهُ ظهر بصورة المغلوب على أمره، الضعيف الذي بات كلامهُ مدعاةً للسخرية والضحك.
السيد الصدر في موقفهِ الأخير(الإعتصام) أعاد الثقة إلى جمهورهِ على أقلِ تقدير، إن لم نقل إزداد عددهم، وكذلك الخطاب الأخير للسيد الحكيم(يوم الشهيد) كان خطاباً قوياً تضمن فقرات تحتاج الوقوف والتحليل، إستطاع الحكيم من خلالهِا إعادة الثقة إلى جمهورهِ وشحذ همهم لما هو قادم، وإذا إستمر على هذا النهج(القوي) فإن الجولة القادمة من الإنتخابات ستنهي حزب الدعوة، وستأتي بزعامتين كبيرتين، هما الحكيم والصدر…
بقي شئ…
يجب على الساسة دراسة علم الإجتماع، والإستعانة بذوي الإختصاص الأُمناء، ليبينوا لهم ماذا يُريدُ المواطن.