العلاقات الايرانية- العراقية هي علاقات تاريخية وثقافية ودينية مشتركة وجوار ابدي لايمكن ان يستغني احدهما عن الاخر او تجاوزه رغم ان الروابط مرت عبر العقود الماضية بفترات من المد والجزر وصفحات من التوتر والاحترابات وعاشت في ظل ازمات طويلة. كما طغت عليها العلاقات بين احداهما والدول الاخرى. ولايمكن لنا ان نتجاوز الحدود الطويلة الممتدة التي تقارب 1300 كيلومتر فضلاً عن المصالح المتعلقة بالتبادل التجاري والروابط الاقتصادية والاجتماعية المستحكمة نتيجة التزاوج والارتباطات العائلية بحكم الدين والمذهب ووجود العتبات العاليات والحوزات العلمية في كلا البلدين والمسؤولية الامنية المشتركة للمنطقة والمساهمة في تحقيق السلام بينهما وخاصة ان العراق مصمم للعمل وفق نظرية اقليمية صحيحة تتجاوز الخلافات وتحريك المتفق علية.ويمكن اعادة قراءة وترتيب وتحليل وبناء العلاقات مابين البلدين وفق المصالح المتكافئة والعلاقات الايجابية والنأي عن التراكمات التاريخية واشاعة الحوار العقلاني والتوازن الطبيعي وترك القراءات السلبية والخطابات التحريضية السياسية العدائية لبعض القوى المأجورة التي تخدم اعداء الشعبيين وهي سياقات طبيعية تفرضها الجغرافية والمصالح التي تربطهما . والعلاقات بين البلدين لم تكن علاقات سلسة في العهود الماضية ولم تكن في مستوى واحد من الود الدائم او العداء الدائم انما تخللتها فترات من التوتر والتشنج والبرود إلا انها بلغت الذروة في زمن نظام البعث حيت زادت من شدة التشنج والعداوات التي استهلكت طاقات الشعبيين وبلغت كلفتها خسائر كبيرة في الارواح والممتلكات لايمكن تعويضها بسهولة بسبب شرارة النظام وايدلوجياته الطائفية والشوفينية المعروفة بتلاعبه وقدراته الفائقة على التدمير وتوظيف التراث والتاريخ في التضليل واثارة العداء وقام بمحاولة تغيير ديمغرافية العراق بحروب عبثية والابادة الجماعية وتهجير اكثر من مليون انسان منهم تحت طائلة وذريعة التبعية وارغام نحو اربعة ملايين اخرين في الهجرة في حين استقبلتهم طهران في بداية الحرب وقدمت لهم المساعدات الممكنة رغم صعوبة الاوضاع التي كانت تمر بها نتيجة الحرب المفروضة عليها ودعمت المعارضة العراقية حتى زوال النظام . لكن هذه المفاهيم تغيرت بعد عام 2003 وفتحت صفحات جديدة من العلاقات الطبيعية والطيبة والاستقرار بين البلدين والشعبين وبدء التعامل بحرص على اساس الاحترام المتبادل والمصالح في جميع النواحي المشتركة التي تربط بينهما وخاصة ان العراق يحتاج الى روابط حسن الجوار مع دول الجيران. ولايران الدور الكبير في استباب الامن وتقديم العون كما هو عليه الان وعلاقاتهما في نمو دائم ومستمر في جميع المجالات لثقلهما السياسي الواسع والمؤثر ودور ايران الريادي لايمكن الاستغناء عنه في هذه المرحلة ابدا ً. اومن هذا المنطلق فأن الزيارات التي تتم بين مسؤولي البلدين والزيارة المتوقعة لرئيس مجلس الوزراء العراقي الدكتور حيدر العبادي كما تشير الانباء خلال الفترة القادمة هي جزء من تلك المساعي والانفتاح الحاصل من الامور الضرورية وفي ظرف حساس وتأتي في سبيل توطيد الروابط وحل الملفات العالقة ومتابعتها والتداول في القضايا المحلية المشتركة والدولية ذات الاهتمام المتبادل وكما تقتضيها الظروف الراهنة والتحديات التي تعصف بالعراق بالذات والتي تمس سيادة البلدين ايضاً ومن مخاطر مشتركة تحيط بهما . ولاشك ان الجارين بلدان مهمان في المنطقة والعالم الاسلامي ولذا تتوقع الشعوب من ان يلعبا دوراً ايجابياً في حل ازماتها المستعصية وحفظ امن بلدانها وتعاونهما سيضمن امن المنطقة كلها بعدما اصبحت تشهد احداثاً متسارعة ومنها الارهاب الذي انتشر واصبح له مرتعاً ويعيث فيها فساداً ودماراً والذي يتسهدف الانسانية كلها ولايميّز بين مذهب او دين او قومية دون اخرى. كما ان في امكان بناء تحالفات وثيقة في شتّى المجالات الامنية والاقتصادية لمواجهة التحديات التي تعاني منها المنطقة ويمكن استلهامها واستفعالها لتشمل كل بلدانها واذا ما حصل هذا التعاون البناء فانه بامكان دولها التحكم بمصادر الطاقة والمياه باعتبارهما اهم عنصرين للتنمية البشرية والاقتصادية وبما يتناسب والحقائق الجغرافية والجذور التاريخية التي تربطها.