12 أبريل، 2024 9:54 م
Search
Close this search box.

الزمن اللؤلؤي للقصيدة

Facebook
Twitter
LinkedIn

ليس مهمّاً أن يكون العاشق شاعراً
لكن من المهمِّ جداً أن يكون الشاعر عاشقاً
فإذا لم يكن الشاعر عاشقاً وكان شاعراً
 لم يستطع أن يمرَّ بين طودينِ في بحر الماء
ولن يتمكَّن أيضاً من السير
كأنما هو في البرِّ فوق الماء
 ولن يتمكَّن كذلك من أن يشرب ماء الوحي
فينضح منه عرقاً في ليالي الصيف الحارّ
فيتبخَّر قليلاً ثمَّ يتجمَّع  ليتخذ أمامه شكل البراق
 فيحلِّق به إلى سدرة المنتهى
ويعود منها في زمنٍ قياسيٍّ جداً جداً
 لا يتجاوز في جميع الأحوال
الزمنَ اللؤلؤيَّ الخاصَّ بكتابةِ القصيدة
***
النفس طامحةٌ جداً إلى تقبيل المرأة وعناقها
طامحةٌ أيضاً إلى السكنى في قبرٍ واحدٍ
 مع امرأةٍ تموت في لحظات التقبيل والعناق ذاتها
القبر رمز التوحُّد بين العاشقَينِ في مثل هذه الحالة
ولذلك يستحقُّ من الشاعر
أن ينصب كيانه كلَّه
على القبر الذي ضمَّ العاشقين ظلاً
ولن يكون نادماً
على أنه لم يعش عمراً كاملاً
حتى يتمَّ ديوانه الأخير المؤجَّل
لأنه بصفته ظلاً دائماً على قبرٍ كهذا
فبمجرَّد أن تمرَّ رياحٌ باردةٌ تحته
يكون قد استوفى كتابة ما يمكن أن يقال شعراً
من أوَّل الخليقة حتى مجيء القيامة
***
طعمُ القبلةِ ثلجٌ تارةً وتارةً طعمها النار
ففي حالةِ أنَّ لها طعم الثلج
لا تكون القبلة شمساً ولا قمراً
بل تكون بحراً لا كالبحار
 بحراً يحتفي باللؤلؤ قطعاً
ويقيم له الكرنفالات العظيمة
لكنه يحتفي باللؤلؤ
 من باب أنه قلب العاشق فقط
 ولهذا ترى القبلة على جاهزيةٍ تامَّةٍ
لتتحوَّل إلى رمحٍ قاتلٍ في الصدر
بمجرَّد أن يكون العاشق
غارقاً في لجَّة العناق
أما في الحالة التي يكون فيها للقبلة طعم النار
فهي أقرب ما تكون إلى كونها لا جهنَّماً بالطبع
فإنَّ جهنَّم مثوى الظالمين في نهاية المآل
لكن تكون أناقةً فائقةً جداً
لمأتمٍ لا ينتهي في خيال العاشق
وبناءً على ذلك فإنَّ القبلة في هذه الحالة
متشحةٌ دائماً بالسواد
 ومتجهةٌ صوب أن تكون على قبر العاشق ظلاً
حينما في لحظة العناق نفسها يموت
***
أيتها الحبيبة التي شربت قصيدتي
حتى ارتوت من سلافةِ عشقها
هل أدركت الآن ما معنى أن يكون الجسد في رقَّة الإيقاع
وهل عرفت السرَّ في كوني أحبُّ خيال الصوفيين
إلى درجة أني أعدُّهم أركان العالم
ليكن جسدك وحده مرآة الوجود كلِّه
على أن لا تتخيَّلي جسدي غلافاً لروحي
إلا في اللحظات التي تشعر روحك بالحزن جداً
 فلك أن تتخيَّلي جسدي موجوداً في هذه اللحظة
وأن تمارسي معه كلَّ طقوس التوحُّد  لا بصفتك عاشقةً فقط
 بل بصفتك جسداً عرف كيف يتحوَّل روحاً
لتحلَّ في جسد الشاعر
فيكون بناءً على ذلك سماءً أولى في الأقلّ
تنخرط في صناعة ملحمة العشق الدائر هناك في السماء السابعة
بأن تصوِّب عينيها إلى أعلى باتجاه سدرة المنتهى على الدوام

العنوان على الفيس بوك: باسم الماضي الحسناوي

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب