بعدما تأسست الدولة العراقية وبالتحديد في الزمن الملكي في اربعينات القرن الماضي طلبوا من احد الخبراء الموجودين في وضع خطة للاقتصاد العراقي وان تكون طويلة الامد… وبعد دراسة مستفيضة مع ذو الشأن والاختصاص قام بوضع خطة شمولية تتجدد فقراتها حسب الواقع عن الارض والعلاقات الدولية مع العراق وقد وضع المشرع في تلك الفقرات اهم فقرة حيوية والتي اعتبرها النقطة التحولية الاولى وهي فقرة الاهتمام في القطاع الزراعي ومن جملة ما قاله في تلك الفترة ان القطاع الزراعي سوف يهمل بسبب اكتشاف الثروات النفطية بعد اكثر من 50 عام وسوف تكون البلاد بلاد تعتمد في كل شيء عن الاستيراد من خارج البلاد… حتى اننا سوف نشاهد ونسمع وبسبب الزراعة المهدمة ان اشخاص كثيرون يستغربون جداً من اسماء ووجود بعض النباتات والمحاصيل الزراعية التي لم يسمعون بأسمائها من قبل كونهم يجهلون ان مصدر زراعتها الاول كان هنا في بلاد الرافدين وان امكانية هذا البلد على زياده كل المحاصيل الموجودة في الكره الأرضية لما يمتلكه من مناخ رطب حار في بعض الاماكن وبارد في مناطق اخرى وكذلك لوجود مياه صالحة للزراعة اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار ان الصحراء الموجودة حاليا او ما نسميها الجزيرة وهي المنطقة الواقعة بين نهرين دجلة والفرات واذا ما قمنا بحفر آبار ارتوازية في هذه المناطق فان مياه دجلة والفرات سوف نجدها تتدفق في ابعد نقطة موجودة في هذه المناطق….
واليوم وبعد هذه السنين الطويلة لنترك المشرع وقوانينه الاقتصادية قليلا ونعود الى ارض الواقع الذي نعيشه الان ويعرفه الجميع ان العراق اليوم وبسبب سياسات التخبط الاقتصادي والتي تكون نتائجها من دون فائدة ولعدم وجود جدوى اقتصادية نجد اننا اصبحنا فعلا بلد يستورد كل المنتجات الزراعية من الخارج واننا اصبحنا نعيش على منتجات غيرنا كوننا نمتلك الثروات الطبيعية التي اصبح ثمن مبيعاتها هو ثمن لأكلنا المستورد من الخارج…
ان العراق اليوم يمر في فترة مظلمة جدا سواء كانت من الناحية الزراعية وعدم الاهتمام بها او من ناحية توقف اغلب المنشاة الصناعية لدينا..
ان الواجب اليوم يتطلب قيام الخبراء المعنيين في وضع خطة لإنشاء سدود صغيرة على ضفاف نهري دجله والفرات وخاصة على المنحدرات والوديان الطبيعية التي خلقتها الطبيعة.. وسوف تكون سدود لها فوائد وبدون اي تدخل للألة الحديثة فيها وبدون اي تكاليف كثيرة…
إننا نستطيع ان يشيد عشرات السدود الصغيرة التي سوف يملأها مياه الامطار إضافة الى ما يفيض به موسم دجلة والفرات وسوف نعيد ماضينا المزدهر بالزراعة والتي حددها كل العالم في مصطلح له عدة معاني (( الزراعة نفط لا ينضب)) وهذا معناه اننا نستطيع ان نوفر الكثير من مبيعات ثرواتنا الطبيعية والتي يحتل النفط المصدر الاول فيها… وبهذا نستطيع ان نعيد القطاع الزراعي الى القمة وان يكون هناك دعم للفلاح بكل الوسائل الزراعية الحديثة الموجودة في دول العالم الحديث وخاصة في البلدان المهتمة بهذا القطاع الحيوي المهم يرافقها دعم للقطاع الخاص عموما في كل شيء يتحقق منه ارباح للدولة وفائدة للمواطن البسيط…. وبعد هذا التشجيع واعادة الزراعة الى سابق عهدها سوف تقوم الدولة بإجراءات حكومية اهمها وضع برنامج يمنع استيراد كل المحاصيل الزراعية الموجودة لدينا والتي كنا بالأمس القريب نحن من يصدرها الى الخارج وبهذه المعادلة سوف نعيد لأنفسنا لقمة العيش ولا نحتاج لاستيرادها من الخارج لأنه من المعيب جدا على الانسان ان يأكل من منتجات غيره دون اي مقابل يقدمه للبشرية…..
ان المعنيين بالأمر اليوم مطالبون وخاصة في هذه الظروف التي يشهد فيها العالم التوجه الى حرب المياه او الى قطع العلاقات التجارية بين الدول بسبب الازمات الاقتصادية نتيجة الحروب فان الواجب على المعنيين والخبراء بالاقتصاد العراقي ان يضعوا خطة لإنجاح القطاع الزراعي بصورة كاملة غير مجزئة وطويلة الامد والاعتماد على الفلاح العراقي وعلى المنتج العراقي وعلى البضاعة العراقية التي كنا نصدرها بالأمس القريب الى اغلب دول العالم عكس ما موجود في يومنا هذا ونترك فكرة الاستيراد الى في الحالات القصوى الضرورية… وان نرى ارض خضراء ممتدة من شمال العراق الى جنوبه وعلى امتداد الطرق العامة وحقولنا الخضراء زاهية دوما ووفرة محصولها يوفر لنا دخل مادي لأغلب العوائل اضافة الى توفير العملة الناتجة عن مبيعات الثروات الطبيعية وتعزيز خزانة الدولة والمضي بمشاريع مهمة تؤمن مستقبل الاجيال القادمة……