23 ديسمبر، 2024 5:15 ص

الزام القاضي الحكم بمذهب معين : لايجوز على راي المذهب السني

الزام القاضي الحكم بمذهب معين : لايجوز على راي المذهب السني

نحن نعرف ان الدين الاسلامي يتكون من عدة مذاهب وهذا امر واقعي ولكن السؤال هل يجوز تطبيق راي معين من هذه المذاهب على المذاهب الاخرى والزامهم به
جمهور الفقهاء قالوا بالمنع ومن باب الزموهم بما الزموا انفسم به لناخذ اراء علماء المذهب السني ونرى ماذا يقولون بهذا الخصوص
فقد ذهب هذا الفريق من الفقهاء الى عدم جواز الزام القاضي براي او مذهب معين([1]) لقوله تعالى (فاحكم بين الناس بالحق)([2]) والحق لا يتعين في راي او مذهب معين قال البهوتي في كشاف القناع (ولا يجوز أن يقلد القضاء لواحد على أن يحكم بمذهب بعينه لقوله تعالى فاحكم بين الناس بالحق والحق لا يتعين في مذهب)([3]) وفي الانصاف للمرداوي (قال المصنف والشارح وغيرهما لا يجوز ان يقلد القضاء لواحد على ان يحكم بمذهب بعينه قال وهذا مذهب الشافعي رحمه الله ولا نعلم فيه خلافا)([4]).
وإذا لم يجز إلزام القاضي الحكم بمذهب معين فان كان القاضي مجتهدا يحكم باجتهاده واذا كان مقلدا يحكم باجتهاد مقلده  جاء في فتح المعين ما نصه (يحكم القاضي باجتهاده إن كان مجتهدا أو باجتهاد مقلده إن كان مقلدا وقضية كلام الشيخين أن المقلد لا يحكم بغير مذهب مقلده وقال الماوردي وغيره يجوز وجمع ابن عبد السلام والأذرعي وغيرهما بحمل الأول على من لم ينته لرتبة الاجتهاد في مذهب إمامه وهو المقلد الصرف الذي لم يتأهل للنظر ولا للترجيح والثاني على من له أهلية لذلك ونقل ابن الرفعة عن الأصحاب أن الحاكم المقلد إذا بان حكمه على خلاف نص مقلده نقض حكمه ووافقه النووي في الروضة والسبكي)([5]).
فاذا اشترط على القاضي ذلك -القضاء بمذهب معين- في عقد التولية سواء في ذلك اذا كان القاضي مجتهدا او مقلدا فمن الفقهاء من ذهب الى فساد الشرط وفساد التولية ومنهم من ذهب الى فساد الشرط فقط مع بقاء عقد التولية صحيحا وهو خلاف مبني على الاختلاف في الاثر المترتب على الشروط الفاسدة في العقد جاء في المغني لابن قدامة ما نصه (ولا يجوز أن يقلد القضاء لواحد على أن يحكم بمذهب  بعينه وهذا مذهب الشافعي ولا أعلم فيه خلافا لأن الله تعالى قال فاحكم بين الناس بالحق والحق لا يتعين في مذهب وقد يظهر له الحق في غير ذلك المذهب فإن قلده على هذا الشرط بطل الشرط وفي فساد التولية وجهان بناء على الشروط الفاسدة في البيع)([6]).
وجاء في الكافي في فقه احمد بن حنبل  (ولا يجوز تقليده القضاء على أن يحكم  بمذهب  معين لقول الله تعالى فاحكم بين الناس بالحق وإنما يظهر له الحق بالدليل فلا يتعين ذلك في مذهب بعينه فإن قلد على هذا الشرط فسد الشرط وفي فساد التولية وجهان بناء على الشروط الفاسدة في البيع)([7]) وجاء في ايقاظ الهمم (قال ابن شاش في الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة وليس للإمام أن يشترط على القاضي الحكم بخلاف اجتهاده أو بخلاف معتقده إذا جوزنا تولية المقلد عند الضرورة قال الأستاذ الإمام أبو بكر الطرطوشي يجوز لمن اعتقد مذهبا مثل مذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة وغيرهم أن يولي القضاء من يعتقد خلاف مذهبه لأن الواجب أن يجتهد رأيه في قضائه لا يلزم أحدا من المسلمين أن يقلد في النوازل والأحكام من يعتزي إلى مذهبه فمن كان مالكيا لم يلزمه المصير في الأحكام إلى قول مالك بل أينما أداه اجتهاده في الدليل من الأحكام صار إليه قال فإن شرط على القاضي أن يحكم بمذهب  إمام معين من أئمة المسلمين ولا يحكم بغيره فالعقد صحيح والشرط باطل كان موافقا لمذهب المشترط أو مخالفه قال وأخبرني القاضي ابو الوليد الباجي قال كان الولاة عندنا بقرطبة إذا ولوا القضاء رجلا شرطوا عليه في سجله أن لا يخرج عن قول ابن القاسم ما وجده قال الأستاذ([8]) هذا جهل عظيم منهم انتهى قال القرافي يريد أن الحق ليس محصورا في رأي شخص معين ونقله القرافي في الذخيرة وابن الحاجب وأقراه)([9]). [10]
 
([1]) جاء في ايقاظ الهمم (قال ابن شاش في الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة وليس للإمام أن يشترط على القاضي الحكم بخلاف اجتهاده أو بخلاف معتقده إذا جوزنا تولية المقلد) ينظر صالح بن محمد بن نوح العمري، المرجع السابق، 1/94.
([2]) سورة ص / 26.
([3]) ينظر البهوتي، المرجع السابق، 6/292.
([4]) ينظر علي بن سليمان المرداوي أبو الحسن، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل دار إحياء التراث العربي، بيروت، تحقيق محمد حامد الفقي، 11/169.
([5]) ينظر المليباري، المرجع السابق 4/216- 217.
([6]) ينظر ابن قدامة المقدسي، المغني، 10/136.
([7]) ينظر عبد الله بن قدامة المقدسي أبو محمد، الكافي في فقه الإمام المبجل أحمد بن حنبل، المكتب الإسلامي، بيروت، ط5، 1408 – 1988، تحقيق زهير الشاويش، 4/437.
([8]) ابو بكر الطرطوشي.
([9]) ينظر صالح بن محمد بن نوح العمري، المرجع السابق، 1/94.
1-   [10] التأصيل الشرعي لقانون الأحوال الشخصية تشريعاً وتطبيقاً دراسة في ضوء أصول الفقه الإسلامي رسالة تقدم بها الطالب علي أحمد عباس الدليمي إلى مجلس كلية القانون وهي جزء من متطلبات نيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص ص 71