23 ديسمبر، 2024 8:16 ص

الريس حي … الريس ميت … فلم هندي من إخراج العملية السياسية

الريس حي … الريس ميت … فلم هندي من إخراج العملية السياسية

لا حاجة تدعو للتنظير بتفسير القول الشائع عند العراقيين ” قابل فلم هندي ” … لكني سأتبرع  وأطلق على العملية السياسية ” فلم هندي بامتياز ” … لأنها  بشموليتها تضم كل فنون السينما وربما المسرح بل والألعاب  البهلوانية والتهريج والمصارعة الحرة … فنحن ومن خلال متابعتنا للعملية السياسية … نبكي غالبا على اثر كل عملية إرهابية ففيها تطاير أشلاء الضحايا الأبرياء وطوفان دمائهم … ونضحك أحيانا كثيرة على جمهرة السياسيين الفاشلين الذين قادوا بكفاءة العراق ليكون الدولة  الهشة او الفاشلة رقم تسعة في المعيارالعالمي … ونتمتع كثيرا أيضا بمشاهدتهم عندما  يرمي بعضهم البعض ” بالنعال ” … او يتشاجروا ” بوكسات ” داخل البرلمان …أو نشاهدهم في الفضائيات ينابذ بعضهم البعض … ثم … نجدهم وقد هداهم الله يتبادلون النكات والابتسامات  وكأنهم ” صافي يالبن ” … واخيرا بجمعهم يتفقون على حصد المكاسب الشخصية والفئوية … وطز في الشعب … وعلى راي خضير الخزاعي والجعفري ومن لف لفهم ” كلمن ياكل رزقة “.
غير ان ميلودراما … اختفاء ريس دولة ” الكاكا” … مدة تسعة اشهر دون حس ولا خبر … سابقة لم يبتدعها العالم قبلنا … لا بنظام دكتاتوري ولا جمهوري ولا ديمقراطي ولا ملكي ولا أميري … لكنها من تداعيات العملية السياسية المفرخة ،للمكونات ، وللتوافق ، وحكومة الشراكة ، والمحاصصة ، وخامس حكومة فساد  في العالم … فالانكليز أصحاب اعرق ديمقراطية … عندما يموت ملكهم … وقبل ان يدفنوا جثته يهتفون …” مات الملك …عاش الملك “… والأخيرة للملك الجديد … هم بذلك ينطلقون من مبدأ أساس في الدولة والحكم … ان الملك أو الرئيس ، منصب لايمكن ان يخلوا لأيام … لانه مرتبط بسيادة بلدهم … والرؤساء والملوك والزعماء يموتون لكن البلاد … تبقى …
أمس أعلن احد الزعماء الأكراد ربما يكون من معارضي  “المام جلال ” ، بأنه يتحدى نجم الدين  محافظ كركوك والطبيب الخاص “للمام ” … ان يبرهن على ان الرئيس يتعافى … بمجرد ان يراه في فيديو  يحرك فقط شفتيه او يرفع يده ويؤشر بأصابعه … نجم الدين كان قد عرض صورة للطالباني وسط جمع من المقربين اليه والأطباء وأتضح فيما بعد ان تلك الصورة قديمة ومفبركة…
قبل بضعة أسابيع أعلن المفكر  حسن العلوي  عن مبادرة أطلق عليها … مبادرة زيارة الرئيس والإطلاع على حالته الصحية ، العلوي دعا  ممثلي المجتمع المدني  والنقابات ، المحامين ، الصحفيين ، الأطباء ، للانضمام إليه في هذا المسعى ، غير انه ولازلنا مع العلوي أعلن بعد بضعة أيام ، بان مبادرته واجهت صدا  قويا من عائلة الطالباني وبالتحديد من زوجة الاخير… الطامحة بجموح لاحتلال منصبة كرئيس للدولة وزعيمة لحزب الاتحاد الوطني … وأيضا المبادرة لم تجد اي صدى لا من الحكومة ولامن البرلمان …وبالتالي بقيت قصة اختفاء الرئيس في خبر كان …
سادتي في علم الجريمة يقال بانه اذا وقعت جريمة قتل ولم يعرف القاتل … فالتحقيق يبدأ أولا مع من لهم مصلحة من جراء عملية القتل … أي المستفيد من اختفاء  الضحية …  بموجب هذا التحليل يكون المستفاد الأول من اختفاء الطالباني، زوجته فهي تستلم حاليا راتب ومخصصات تتجاوز المائة والعشرين مليون دينار … ومبالغ التطبيب ” العلاج” التي لا تقل شهريا عن مائة  ألف دولار … ولا اعرف اذا كان المبلغ الأخير يسدد بموجب قوائم صادرة من قبل المستشفى أم إن المبلغ يمنح كهبة تقديرا للرئيس ، هذا أولا ، اما ثانيا فنحن نعلم ان هناك انتخابات نيابية في إقليم كردستان وان حركة التغيير تكاد تهيمن على الساحة السياسية في محافظة السليمانية وأن الإعلان عن وفات الطالباني  سيلحق بالاتحاد الوطني هزيمة سياسية لا تقوم له قائمة بعدها ، لذلك فالتعتيم عن وفات الطالباني أمر حتميأ ،  يؤيد هذا ورود إخبار مؤكدة بان الطالباني قد نقل من مستشفاه الى جهة مجهولة ، اي وضعت جثته في ثلاجة حفظ الموتى … وستعلن وفاته وفقا لهذا التحليل بعد الانتخابات البرلمانية مباشرة ،زيادة في التأكيد نحن نعيش في عصر ثورة المعلومات والاتصالات ، والمانيا ” الدولة التي يوجد يها الريس “… لايمكن بأي حال من الأحوال ان يوجد على ارضها وفي مستشفى او محل سكن وهو رئيس دولة ولا توجد عنه معلومات في  الشبكة العنكبوتية … كما انه من ما يقارب المستحيل ان يغفل الإعلام الألماني والعالمي  عن حالة الرئيس العراقي …ألا إذا كان الرئيس قد اختفى ووضعت خطة محكمة محبكة للتغطية على ذلك …
أما هنا في البلاد …لإ فان المستفيد من بقاء الطالباني دون إخبار عن حاله ، نائبه، خضير الخزاعي ، فبعد هروب الهاشمي  وتوكع الطالباني … خلا الجو الرئاسي للخزاعي ، وهذا يتواءم تماما مع رغبات وطموح رئيس الوزراء … المالكي … بالهيمنة على جميع السلطات ، فالخزاعي خيال “مآته” دولة القانون في رئاسة الجمهورية .
بقي أخونا النجيفي ، رئيس البرلمان وراعي الدستور ، الدستور ينص ” على ان رئيس البرلمان يحل محل رئيس الدولة في حالة وفات الأخير او عدم قدرته على أداء واجباته خلال مده أمدها 30 يوما …” … والنجيفي وهو في مهب الريح كرئيس للبرلمان … يعرف تماما انه اذا أراد ان ينفذ ما ورد في الدستور بشأن رئيس الدولة … فانه وفي اليوم التالي ستسحب عنه الثقة كرئيس للبرلمان … فالتحالف الكردستاني سيتحالف مع  المطالبين بذلك من دولة القانون …  ومن مثل النجيفي عارف تماما كيف يداري مصلحته بوعي تام … وبلا دستور بلا وجع “كلب “…
أعزائي … اختفاء الطالباني …فعل أوصلتنا له … المحاصصة الناتجة عن التوافق والشراكة … وهذا يؤيد اطروحتي ” بان كل من اشترك في العملية السياسية و وافق او اتفق على ” المحاصصة ” فهو نجس من فسادها …