الريبة: الظن والشك والتهمة.
الكراسي: كراسي المسؤولية أو المناصب
لا يوجد كرسي لديه سلطة أو مسؤولية ولا تحيطه زوبعة من الشكوك والظنون , فهذا طبع السلوك البشري , في غاب التفاعلات اليومية بأنواعها.
ففي الغاب عندما يصطاد الوحش فريسته , يبقى في محنة الحفاظ عليها من مداهمة المفترسات الأخريات الباحثات عن طعام.
والسلطة طعام الأقوياء , والبشر يسعى إليها بإندفاع غريب , ولا يمنعه رادع , ويتحين الفرص للإيقاع بمَن يمتلكها لإزاحته عنها.
ونسبة الشك تتعاظم كلما تقدم الكرسي في الموقع , وتصل ذروتها في الكرسي الأول , الذي يسيطر على البلاد.
فشخص الكرسي الأول في أي مجتمع , يكون في غاية الشك والظن بالسوء بأقرب الناس إليه , وهي ظاهرة سلوكية معروفة على مر العصور , وفعلت ما فعلته في المجتمعات , وكم نشبت حروب وأرتكبت بشائع بسببها , فالقتال كان يدور حول الكرسي , وبسببه سفكت الدماء , وقتل الأخ أخاه.
وأوضح مثال ما حصل لخلفاء الدولة العباسية , وكيف قضت الشكوك على وجود أقرب الناس من الكرسي.
هذه المشاعر السلبية لا تضبطها الدساتير والقيم والأديان والتقاليد والعقائد , ففي كل فترة يكون للشكوك دورها في صناعة الأحداث.
وتكون المعضلة أعظم عندما يجلس على الكرسي مَن يتسم ببعض صفات الشخصية الشكوكية , لأنها ستتعاظم وينجم عنها تفاعلات إندفاعية مأساوية.
وبموجبها تأكل الثورات رجالها , وأي نظام حكم يميل إلى التفرد ومحق مَن عنده رأي , أو فكرة لا تتوافق مع إرادة الكرسي المستعر بالشكوك.
وبعض المهووسين بالشك , يتخذون إجراءات بموجب حركات البدن والنظرات , مما يجعل التفاعل معهم صعبا وخطيرا , ويتسبب بإنهيارهم , لأن الخوف منهم يحجب الحقائق عنهم , فيعيشون في صوامعهم التي تحميهم من أوجاع الشك , حتى يتساقطوا في هاوية الحتف الشديد.
ويبدو أنها من ضروريات عدم الإستقرار في الحكم , وفقا لإرادة الدوران , التي تدفع إلى التبدل والتغير المتواصل , لكي تترمم إنهيارات الحياة.
وبموجبها يصح القول: ” ما طار طير وارتفع…إلا كما طار وقع”
ولكلٍ ميقاتُ غياب!!