في ظل تطورات “خطيرة” و متلاحقة تعيشها المنطقة ككل وفي ظل واقع سياسي وأمني ساخن يفرض وجوده بقوة بالمنطقة ومن منطلق ان السياسة هي من تحرك مصالح قوى الأقليم وبما ان السياسة هي لغة المصالح وهي من تحرك براغماتية اغلب قوى الاقليم، فالسياسة البراغماتية هي التي تدفع الان وبقوه كل دول المنطقة للبحث عن حلول “مرحلية” تقيها من أتون نار متسارعة ، ومخططات صهيو -أمريكية هدفها أغراق المنطقة ككل بجحيم الفوضى، فلهذا فمن الطبيعي ان نسمع عن نشوء تقارب بالرؤى والاراء بين بعض القوى الفاعلة بالاقليم، والهدف هذه المره هو تفادي السقوط بجحيم هذه الأزمات التي تمر بها المنطقة بشكل عام، والهروب من بعض الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الداخلية التي تمر بها بعض الدول بالمنطقة، وهذه العوامل بدورها هي من أسست لتبلور معالم لتقارب جديد متوقع مستقبلآ وبقوة بين طهران والقاهرة.
ومع مؤشرات هذا التقارب “المرحلي”المتوقع مستقبلآ ،والذي بدأت تتضح معالمه تدريجيآ بالوقت الحالي ، وهنا من الطبيعي أن نرى كنتيجة إولية لهذا التقارب بين الحين والاخربعض التقارب بالاراء بين العاصمتين في مجموعة ملفات اقليمية ، سواء في العراق أو في سورية او في اليمن إلى حدما ، والسبب بذلك يعود مرحليآ إلى تجاوز مرحلة الخلافات ولو مرحليآ والتجهيز لمرحلة تقاطع المصالح بين الاستراتيجية الإقليمية للدولة والنظام المصري الساعي للصعود وبقوة إلى مصاف القوى الفاعلة بالاقليم، وإستراتيجية ورؤية الدولة الأيرانية لعموم ملفات المنطقة ،والهدف من ذلك هو التجاوز المرحلي لحالة الاختلاف برؤية كلا الدولتين الرسمية لاسلوب ونماذج الحلول بالمنطقة ، وبالطبع هنا تجدر الاشارة إلى ان هذا التقارب أن تم فعلآ وتحول إلى شراكة فعلية ، فسيكون هذا التقارب عنوانآ لمرحلة جديدة لكل أحداث المنطقة وسيخلط أوراق الاقليم ككل من جديد ، وسيؤثربشكل بناء على مسار وضع الحلول لفوضى الأقليم بشكل عام.
ولكن هناك محددات لشكل هذا التقارب وطبيعته ، ومع الحديث عن تبلور نقاط التقاء ايرانية -مصرية برز الدور السعودي المعارض من الاساس لفكرة التقارب هذه ، ومع زيادة الضغط السعودي على النظام المصري أقتصاديآ وسياسيآ بخصوص منع فكرة التقارب مع ايران، ومع زيادة حجم الفوضى والارهاب بالدولة المصرية والمنطقة بشكل عام، وحديث بعض صناع القرارالمصريين، عن وجوب تخلي مصر عن المرجعية السعودية، والتوجة السريع نحو طهران، وحديثهم عن وجوب وجود دور ايراني -مصري بالمنطقة ككل للمساعدة بأخماد نار الحروب الطائفية والمذهبية بالمنطقة، تبرز إلى الواجهة حقيقة أن النظام المصري قرر تدريجيآ الخروج من تحت عباءة بعض دول الخليج والسعودية تحديدآ، والتوسع بتحالفاته مع دول الأقليم الفاعلة ، فهناك اليوم حقائق جديدة وخفايا بدأت تظهر على ارض الواقع وهذه الحقائق والخفايا تقول ان كلا الدولتين المصرية والايرانية اصبحتا الان تعيشان بمحيط جغرافي ساخن امنيآ وسياسيآ “فلسطين -اليمن -البحرين – العراق -سورية-ليبيا “، وبوضع مصري داخلي مضطرب إلى حد ما.
وهذا ما أفرز بدوره نوعآ من التقارب بالاراء بين كلا العاصمتين وإلى حد ما بخصوص الملفات الساخنة بالأقليم ككل فهذه الملفات بشكل خاص وضعتا “كلا النظامين” في خانة التناقض بالفتره الماضية ولكن المرحلة الحالية ونظرآ لصعوبتها وتطور وتلاحق الاحداث بالمنطقة فمن المؤكد بأنه سيكون هناك حالة من التقارب بالاراء والرؤى بين البلدين والنظامين، ولو “مرحليآ” ،وخصوصآ بعد توقيع أيران لاتفاقها النووي مع القوى العالمية الكبرى .
ختامآ، يعتبر المراقبون أن النظامين الايراني والمصري يملكان من الأوراق ما يجعلهما قادرين على إنقاذ المنطقة ككل من جحيم الفوضى ، ألا أن مطمح النظام والدولة السعودية في أن تكون دولة محورية بالمنطقة العربية، قد يحد نوعآ ما من التقارب المصري -الايراني، إلا أن مسار الحرب على الدولة السورية المستمرة إلى الآن ، ودور مصر المستقبلي بالملف السوري تحديدآ، ومسارات ونتائج الحرب العدوانية على اليمن ، وفرضيات التطورات المتوقعة بالوضع العراقي ، هي بمجملها من ستكشف حسب المراقبين، مدى ثقل كل من النظامين الايراني والسعودي بخصوص كسب الورقة المصرية، وقدرتهما على التأثير في علاقات التقارب المصري مع دول الاقليم ككل، فالتقارب المصري الايراني أن تم فهو سيكون المفتاح لاعادة تكوين موازين القوى بالمنطقة ككل ، ما سيحتم عليهما التعاون والتعامل بمنطق الواقع، للحفاظ على مصلحة البلدين، والحفاظ على دور فاعل ومتزن بالأقليم لكلا النظامين الايراني والمصري ….