لطالما كان القتل وسيلة الطغاة لنيل مكانة رفيعة في مزبلة التأريخ وهذا ما يحدث الان في بورما او ميانمار حيث يتصدر مشهد القتل كل بقعة من اراضيها فسلطاتها تستند الى مفهوم القمع والتنكيل بحق مواطنيها من أقلية الروهينغا المسلمة التي تعتبر ضمن قائمة اصغر مكونات العالم العرقية وهذا الامر ليس بالجديد فمنذ سنين طوال وعمليات الابادة الجماعية مستمرة وحصار هذا القوم بات قاب قوسين او ادنى من الجحيم رغم هذا فأن كبرى دول العالم تقف متفرجة لما يحصل وليس هنالك اي بادرة خير وسلام تقرع ادراج المكاتب في الامم المتحدة فما يحدث في بورما نموج حقيقي وواقعي للمذابح التي حصلت عبر التأريخ فلقد تحول الانسان الى سلعة تباع وتشترى بقوة الرصاص فرغم فقر وعوز هذه الطبقة وافتقارهم لأبسط مقومات الحياة الا انهم يجابهون الحديد والنار بكل اصرار وتحدي ايمانا بقيمهم وتعاليمهم الدينية هنا يجب ان يدرك العالم ان الانسان ولد حرا وهو يحمل قيم الحرية في اعماقه يوم خروجه من الرحم لذا يجب احترام ارادة كل انسان وليس من حق اي دولة او سلطة استعمال القوة لطمس هوية الانسان بغض النظر عن كونه مسلما او مسيحيا او هندوسيا او بوذيا او ملحدا فهنالك فرق شاسع بين هذه الامور والقضايا وبين انتهاك كرامة وشموخ الانسان حيث يختلف بني البشر في صفاتهم وطبائعهم لكنهم يقفون تحت سقف الانسانية التي باتت تناضل من اجل الشفاء من الطاعون الاسود الذي عاث في الارض فسادا وخرابا فأحرار العالم يحاربون تنظيم داعش الارهابي وخيرة رجال هذه الارض فقدوا ارواحهم دفاعا عن شريعة الحرية من اجل ولادة فجر جديد للاجيال القادمة وما ان خرج بصيص امل من الافق بقرب نهاية الاقزام السود وظهور بريق وشعاع نقي وبريء من متاريس الحرب ودخان القنابل والصواريخ حتى فوجع العالم بحرب اخرى وفي بقعة اخرى بالوسيلة ذاتها القتل هو العنوان الرئيسي والدوافع مختلفة والحجج والمبررات تقف في طوابير طويلة فما يحدث في بورما بعيد كل البعد عن قيم الانسانية وهي تدخل ضمن نطاق العنف اللامبرر فسلطاتها غير مخولة بتنفيذ هكذا هجمات شرسة ضد احدى فئات العالم الصغيرة بحجة الاختلاف الديني والعقائدي لأن الاختلاف حق وهو امر طبيعي بين سائر طبقات المجتمع في اي دولة متطورة ومتقدمة او تتدعي التطور والتقدم وتملك قدرا من الوعي والادراك في دستورها وبالمقابل يجب ان يتم تثقيف الامم وتوعيتها بخصوص اي قضية او مساءلة تتعلق بشؤون الافراد فهنالك مكان يتسع لجميع الشعوب على سطح الارض وهذا التنوع بينهم يتيح لهم تبني اي مبدأ او شريعة او قانون يضمن سلامة الاخرين ولا يدعو الى العنف والتطرف وتهميش واقصاء الاخر لكن حكومة ميانمار لا تعترف بهذا الميثاق وتباشر وبصورة عدائية بأستعمال القوة لمن لا ينتمون لطائفتها الحاكمة فبورما اليوم تعاني اشد انواع القهر والظلم وهي بحاجة الى اصوات نبيلة وحرة كي تدافع عنها وتوقف هذه المهزلة الدموية التي قتلت وهجرت واحرقت وذبحت الاف الابرياء ممن ينتمون للروهينغا الذين لا يعرفون من الحياة الا مساحات خضراء يزرعونها ويحصدون ما تنبت فيها وسماءا يرفعون اياديهم نحوها تعبيرا عن شكرهم وامتنانهم لخالق الارض والسموات …..