23 ديسمبر، 2024 12:03 ص

بعد دراستي الجدية لحالات وابعاد ونتائج كل الحروب التي حصلت على مدى التاريخ البشري، توصلتُ الى ان كل الحروب التي حدثت طيلة التاريخ البشري لم تكن حروبا بين الشعوب وانما كانت حروب بين مصالح قادة تلك الشعوب.

الشعوب لا تحارب بعضها الآخر ابدا، لأن الطبيعة البشرية تميل دائما للعيش بسلام، بينما يشذ عن هذه الطبيعة البشرية القليل من الافراد الذين يتميزون بأرادتهم السلطوية التي تسعى للمزيد من التملك على حساب حياة وحقوق الآخرين.

اول الحروب النظامية في التاريخ البشري ابتدأت حال ظهور (المال) في (عصر المعادن) قبل ما يقارب الخمسة الاف عام حينما تمكن العقل البشري من اختراع وتصنيع العملة المالية بعد اكتشاف المعادن.

اول الحروب بين المجتمعات البشرية ابتدأت بين اول الانظمة السياسية في التاريخ الانساني والمتمثلة بالانظمة الدينية في بلاد ما بين النهرين ، وبعدها تطورت تلك الانظمة السياسية وصولا الى الانظمة المختلفة الحالية في العالم.

الـ (إنسان) كان هو الضحية دائما في جميع حروب التاريخ البشري دون استثناء ايّ من تلك الحروب، بينما كان المستفيد الوحيد من تلك الحروب هو (قادة) المجتمعات المتحاربة، رغم ما قد يتصوره البعض من انتصار شعوب على شعوب اخرى، أو ديانة ضد أخرى ، أو ايدولوجية ضد أخرى أو حضارة ضد أخرى.

 

آن الأوان لجميعنا ان نستذكر أن الانسان يتشابه وراثيا في كثير من الصفات مع بقية الكائنات الحية ولاسيما الحيوانات منها، الا انه يختلف عنها بتملكه دماغا متطورا يستطيع التفاهم به بدقة بالغة مع بقية الافراد من جنسه.

ان توجّه الانسان الى استخدام وسيلة القوة والحرب مع إنسان الآخر هو محاولة بدائية بائسة تحاول الغاء الفارق الكبير جدا بين دماغ الانسان وادمغة بقية الكائنات الحية.

ان قيام القادة السياسيين بافتعال الحروب بين الشعوب لا يخدم الانسان في تلك الشعوب ابدا بل ان الحروب تستهلك حياة وثروات وكرامة وحرية تلك الشعوب.

آن الأوان لجميعنا أن ندرك ان الحروب لم ولن تكون حلا مناسبا لأي اختلاف، لاسيما ان الاختلاف المؤدي للحروب ينشأ دائما بين القادة السياسيين وليس بين الشعوب.

شعوب الارض تدرك الآن جيدا ان كل مشكلة يمكن حلها بالتفاهم والأختيار الحر.

الانسان بطبيعته البشرية الاعتيادية لا يهتم بأسم وانتماء من يقوده سياسيا بل يريد ان ينعم بالمساواة والسلام مع حرية التفكير والتعبير.

المستفيد الوحيد من كل حروب التاريخ البشري دائما هم القادة السياسيون، سواءا اكانوا دينيين او قوميين أو ذوي ايدولوجيات اخرى بينما تكون الضحية هي (حياة الانسان) وحريته في العيش بسلام وكرامة تحت ظل المساواة وحرية التفكير والتعبير السلمي.

قد يكون هناك قائد سياسي أحمق يحاول بدء حرب مع قائد شعب آخر لكن بمجرد بدء تلك الحرب فعلا فأن كلا القائدين سيصبحان أحمقين ، كما ان كِلا الشعبين سيصبحان ضحية بغض النظر عن انتصار احدهما على الآخر ظاهرياً، فليس هناك مستفيد من الحرب سوى القادة السياسيين.

آن الأوان في عصرنا هذا لئلا تنشأ الحروب بين الشعوب لاسيما بعد توفر وسائل التواصل الاجتماعي بين كل سكان الارض.

آن الأوان لكي يقول الانسان بصوت شجاع بأنه يرفض الحروب وانه يريد السلام مع الآخرين.

حينما يقوم القادة السياسيون بمحاولة بدء حرب بينهم فان جيوشهم مُطالبة بالقاء سلاحها ومد ايادي التصافح والسلام.

آن الأوان لئن تُلغى الجيوش في كل انحاء العالم.

ما يؤسف له فعلا في القرن الحادي والعشرين ان تحصل الان حرب بين نظامين سياسيين في اوربا ولتؤدي هذه الحرب الى موت الالاف من البشر والى خسارة الكثير من المال والوقت مقابل حصول القادة السياسيين على منافع لا يمكن تبريرها بالحروب مطلقا!

نعم، في شهر فبراير 2022 اندلعت حرب مؤسفة في اوكرانيا بين الجيش الروسي والجيش الاوكراني، وما تزال هذه الحرب مستمرة لغاية يومنا هذا ونحن في نهاية شهر اكتوبر 2022.

هذه الحرب المؤسفة هي فعلا جريمة بحق الانسانية نظرا لانها تلغي تماما حقوق الانسان في السلام وحرية الاختيار.

الحرب في اوكرانيا هي تماما مثل جميع الحروب التي حدثت في التاريخ البشري.

ندائي الى كل افراد الجيشين الروسي والاوكراني ان يلقوا باسلحتهم جانبا لكي يتوقفوا عن قتل احدهم الآخر، لكي ينتصر الجميع وتتوقف اطماع القادة السياسيين .

بالسلام الشجاع سينتصر كلا الشعبين الروسي والاوكراني !

بالسلام ستنتصر جميع شعوب الارض!

نبيل قرياقوس

مؤلف عراقي مستقل سياسيا وفكريا