17 نوفمبر، 2024 1:57 م
Search
Close this search box.

الرمز المفقود!!

دول الدنيا تصنع رموزها في ميادين الحياة المتنوعة , وبعض دولنا تمحق الرموز وتمنع ظهورها وتنميتها والتفاعل بها مع الآخرين.

ذات مرة سألت أستاذي قائلا: لماذا لدينا هذه الفطاحل في الإختصاصات المتنوعة ولا نهتم بهم؟

فأجابني: إننا نقتل رموزنا , غيرنا يصنعون رموزهم ويقدمون الرعاية التامة لهم!!

تذكرت ذلك , أثناء متابعة لعبة كرة القدم بين الأرجنتين وفرنسا , إذ أثير ذات السؤال بخصوص مسي ومرادونا وغيرهما من الرموز , التي يتحقق تسويقها إعلاميا ومنحها الخصائل التي تمثل مجتمعاتها.

الدول المتقدمة تسعى لصناعة الرموز في ميادين الحياة كافة , وعندما تتحدث عن أي موضوع يبرز أمامك رمز معتمد فيه , ولا يوجد مثل هذه الحالات في مجتمعاتنا التي تهين رموزها.

ترى لماذا تتمسك المجتمعات بصناعة الرموز؟

إنه سلوك من طبائع البقاء والتحدي والحفاظ على الأقوى والأذكى والأصلح , وتعبير عن إستحضار القدوة الضرورية لبناء الأجيال الطالعة القوية المقتدرة , فالمسيرة الراجحة تتطلب قدوات , والبشر يتعلم بالتقليد وبالمثال القائم أمامه , ومجتمعاتنا تعرف هذه البديهية وفي أشعارنا وأمثالنا وتقاليدنا وأعرافنا ما يبينها , لكن العمل بموجبها تلاشى وما عادت المجتمعات تمتلك قدوات , لأن أنظمة الحكم العاملة على تدمير وجود البلاد والعباد تأبى أن تسمح بموجود القدوة الصالحة , وترى أنها والكراسي هي القدوة التي على المجتمع أن يتبعها , بآلية قطيعية تحرسها ذئاب السلطة وكلاب الكراسي المدربة على النهش والترويع.

ويبدو أن تغييب القدوات من مجتمعاتنا أمر مفروض ومدروس ولا بد منه , للتمكن من لوي عنق الأجيال وأسرها بالحرمان من الحاجات الأساسية وحقوقها الإنسانية المتعارف عليها , وفي بعض مجتمعات الأمة , يكون إبراز القدوات السيئة من متطلبات الإجهاز على الكيان والقيم والبنيان الأخلاقي , مما تسبب بتدمير الهيكلية القيمية والأسس الأخلاقية , فصارت الرذائل بأنواعها فضائل , وربما طقوس عبادة وتقرّب إلى ربٍ رجيم!!

فهل لنا أن نعيد للقدوة هيبتها وفعاليتها في مجتمعاتنا المبعثرة الحائرة المتخبطة المبتلاة بالسيئات؟!!

أحدث المقالات