بحيرة النار والكبريت, لا زالت موقدة فتلك الشعلة لأزلية لم تنطفئ, فرائحة الكبريت لازالت تزكم الأنوف, وحرارة النار تصل الى جميع أنحاء البلاد, وضوء نارها يضيء الليل المظلم, بفعل دخانها الكثيف, فزدادت العتمة ظلمة,بعكس ماكان متوقع منها أن تكون بصيص أمل لرجل كفيف, فاستدل على محرابه برائحة الكبريت.
لازال ذلك الكرسي يحتفظ ببعض خصاله, التي جمعها منذ أزل بعيد, أخذ بعض منها من نمرود وأخرى من فرعون وتارة فيها من هامان ويزيد, واضاف اليها بعض اللمسات الرقيقية من عرش بلقيس وسيقانها المكشوفة في ذلك البحر الأرزق على مرمر ترائ لها من شدة الوعد والوعيد.
تكالب وتناحر وخطابات بأصوت شجية, وأخرى نشازكاصحابها, تطرب وتضرب أسماعنا, من أجل ذلك الكرسي الشيطاني, فالوصول اليه غاية كل من تسلط على شعب وادي النخيل, أكاد أجزم أن أغلبهم قد نفث الشيطان فيه من روحه, ليتظاهر لنا بصورة ذلك الملاك الوديع, الذي يجلس على كرسيه الهزاز على ضفاف نهر دجلة الخالد, وهو يعلم علم اليقين أنه جالس على ضفاف بركة النار والكبريت يترنح على كرسي الشيطان, يوسوس له بكلمات منتقات في الاصلاح ومحاربة الفساد والضرب بيد من حديد لكل الخائنيين, ومن تسول له نفسه في أعتراض طريقه الى عرش الشيطان, أنهم بكل بساطة ياسادة أبناء الكرام ساسة البلاد المحترمين.
يتستر ببعض السذج من شعب المايا الذي يستر عورته وعقله بورقه التوت المنخورة بفساده وحاشية, بعد برهة من الزمن لم يعد بحاجة الى ذلك الشيطان او غواياته, فقد تفوق على أبليس في عالم الخداع والغرور, وأصبح هو ملك الخطايا والشرور, فكل تلك المصائب والبلايا, لاحاجة لنا اليوم أن نعلقها على ذلك المسكين المسمى أبليس وكيده المشين, لدينا من القادة اليوم من هم ملوك في فن الخداع والنفاق والكذب, واصبحوا يتربعون على عرش, طالما جلس عليه ذلك السفيه المسمى ابا مرة الشيطان, ولكن في حقيقية تخفى بوجوه رجال تقوى هذا الزمان.
هذا حالنا من قتل وفقر وجهل وتكالب على لقمة عيش, وبضع أمتار وسقف نحمي به أطفالنا من حرارة الصيف, ونحن يحكمنا ويملك امرنا قادة من أورع وأروع ما انجبت الأمهات وفلتات الزمان في فن الحديث فكيف بنا لوكان حقا أستولى عليهم ابليس.
أستسلم رافعا يديه مسلما بيرق عرشه في بركة النار والكبريت, ليتكالب عليها من يهم الرقص على جرحنا, ويضحك على الامنا, فوق ذلك العرش خدمة لمصالح شعبه, وحقنا لدمائه, التي سالت بفعل ذلك الشيطان المسكين, الذي أستسلم مرغما بفعل حكم قانون الغاب والبقاء فيه لصاحب الفتن والأفتراء ومن يملك فن الأغواء.