الطائفية والمحاصصة السياسية التي خلقها ( بريمر ) ترعرت ونمت وكبرت وانتعشت وسيطرت على الواقع السياسي , وجلبت البلاء والمصائب والمعوقات في الشأن السياسي العراقي وفشلت وعجزت في معالجة المشاكل السياسية والاقتصادية بشكل تكون لها مردودات نفعية عامة بحيث يجعل الشعب يفتخر بها ,لقد أساءت بشكل مضر الى النسيج الاجتماعي الذي كان يفتخر بعناوين الاخاء والسلم والروابط الوشيجة . وافرزت امراض تصب في مقاصدها واهدافها في الصراع والتنافس على السلطة والنفوذ والمال . واصابت بلوثتها ومرضها الكتل المتنفذة وشطبت منها الهوية العراقية . وصارت مقياس ونشاط وعمل كل تحرك سياسي او برنامج اصلاحي , واعاقت تطور العملية السياسية بالاتجاه المطلوب , ودخلت البلاد في ازمات طاحنة . و من ثمارها الاحتراب الطائفي وتخندق الديني والعرقي , وصارت قدر للشعب لا يمكن الخلاص منه . ولهذا السبب من التجربة المريرة تعالت الاصوات المنددة والشاجبة لها . وطالبت هذه الدعوات الى الاعتماد
على الهوية العراقية , وتمزيق والتخلص من شرور الطائفية . والبدأ بمرحلة الاصلاح السياسي وبرامج الاعمار والبناء وتثبيت المعايير الوطنية في العمل السياسي وانقاذ العراق من خطر دخول في مرحلة مظلمة ومجهولة وستكون شبيهة بالحقبة الدكتاتورية , وشملت هذه الدعوات اطراف العملية السياسية وكبرت حتى وصلت الى مرحلة الحسم بنبذ الطائفية والمحاصصة السياسية , واختيار معايير الوطنية وارجاعها الى نصابها الحقيقي . وتوقعت غالبية من عامة
الشعب , بان الطائفية وموروثاتها سائرة الى حتفها وزوالها من الواقع السياسي المرير , وسيشفى العراق من هذا الطاعون الخبيث , وندخل في مرحلة النجاحات السياسية والامنية . ونضع حد الى الاحتراب السياسي والتخندق الفئوي وشرنقة المصالح النفعية والذاتية التي اوصلت البلاد الى نفق مسدود . وان العراق لا يمكن ان يتمتع بالاستقرار إلا بنزع هذا الثوب البغيض , وان تجربة الاعوام السابقة المريرة كافية للاقناع واخذ العبر والدروس , بالتخلص والتغيير
وفق معايير وطنية تحترم الدستور . ولهذا السبب دارت نقاشات وحوارات داخل البرلمان وخارجه في البحث عن السبل الناجحة بنزع ثوب الطائفية . واعتقد الكثير بان البرلمان سيحقق اولى بوادر النصر بالاتفاق على اختيار مجلس مفوضية الانتخابات بمعايير وطنية وتثبيت الهوية العراقية لا الهوية الطائفية من خلال وجود مجلس مفوضية الانتخابات مستقل غير خاضع لتأثيرات حزبية او فئوية واختيار عناصر تمتلك الخبرة والكفاءة والقدرة على ادارة العمل بشكل
عادل ونزيه ويعمل بدواعي الحرص والوطنية بشكل سليم . لكن ما تمخض من قرارات وتوصيات تصب في اساسها في عباءة الطائفية وذهبت كل التمنيات في شطب الطائفية من القاموس السياسي ادراج الرياح , وما تمخض من طبخة البرلمان , وهو ضحك على الذقون . وكانت كل الاقوال بتجاوز الطائفية بتشكيل مجلس مفوضية الانتخابات الجديد مستقل بعيد عن منافع الطائفية , بانه خداع ونفاق وامتصاص نقمة . وبهذا الشكل الطائفي الهجين تكون المجلس الجديد
من تسعة مقاعد موزعة بالشكل التالي ( 4 ) مقاعد من حصة التحالف الوطني . ومقعدان من حصة التحالف الكردستاني . ومقعدان للقائمة العراقية . ومقعد واحد للاقليات .. وبهذا يعني الدخول مجددا في حلقة مفرغة لتعميق الازمة ووضع العصي في المساعي الجادة للاصلاح , ووقف التدهور . ان مجلس مفوضية الانتخابات بصيغة الحالية لا يمكن ان يحقق النزاهة والعدالة في الانتخابات القادمة بشكل سليم يعود بالنفع والرضى لكل الاطراف السياسية لانه
يفتقد المصداقية وتحقيق المنافسة الحرة والصادقة لا يرقى اليها الشك والطعن , وبالتالي تنعدم شفافية الانتخابات التي تحترم الدستور العمل الديموقراطي , لانها تفتقد الاستقلالية اللازمة والضرورية لمنع المخالفات وتجاوزات والخروقات اثناء عملية التصويت وما بعدها في الفرز والعد والاحصاء والتسجيل في السجلات وغيرها من الاشياء الضرورية . ومن يضمن الصدق والنزاهة ؟ . . ان على البرلمان ان يعيد حساباته وتقيمه وان ينطلق من الثوابت الديموقراطية
ومن المنطلقات الصائبة وفق الدستور وان يثبت الهوية العراقية في اختيار مجلس مفوضية الانتخابات الجديد بعيدا عن عباءة الطائفية .