كلمة ( خطية ) هذه المفردة التي لا يملكها او يتعامل بها الا نحن العراقيون , لاننا اصحاب قلوب لا يمكن ان تسكن في صدور غيرنا , هذا ما نبهني اليه احد الاخوة المغاربة في احدى الدول العربية حيث قال هل تعلم ايها العراقي انكم مميزون عن باقي العرب في انكم اصحاب كلمة ( خطية ) هذه المفردة التي لم اسمعها الا منكم وهي دليل انسانيتكم الراقية التي سمعتها من خلال عيشي في العراق لفترة طويلة من الزمن , فعندما تشاهدون اي موقف يثير مشاعركم فبدون اي تردد تخرج كلمة والله خطية , فكم شعرت بزهو وفرح في حينها وانا اسمع ان يمتدح الشخص بانسانيته وانه مميز برقيه الوجداني , وليس هذا فقط بل ان يمدح الشعب باكمله ويوصف بانه اكثر الشعوب انسانية فهذا الشرف كله .
لكن هذه الكلمة سرعان ما حظرت امام ناظري وانا اتابع ما تبثه وسائل الاعلام العراقية لقوات الجيش العراقي وهم يحرقون جثة ويرقصون عليها ويتفننون في الاغاني الطائفية , لحظتها كم تمنيت ان هذا الصور لا يشاهدها ذلك المغربي , واذا ما رأها ماذا سيقول عنا ؟ هل سيغير صورته عن العراقيين ؟ رباه ماذا يفعلون هؤلاء الجنود اين كلمة (خطية) التي عرفنا العالم بها ؟ اين الانسانية الربانية التي زرعت فينا ؟ هل يعقل ان الانسان يفرح ويرقص على ميت ومحترق ؟ في بداية الامر كذبت الصور وقلت انها مفبركة , او اردت ان اكذب عيوني حتى لا اصدق ان الذي اراهم هم عراقيون بالفعل وانهم اصحاب تلك الكلمة التي ضاعت بضياع الانسانية العراقية في لحظتها . وكم تمنيت ان اموت الف مرة على ان لا يراني ذلك المغربي وقتها ماذا سأقول له ؟
وفي قراءة بسيطة للمشهد المقزز للرقص على الجثث المحروقة والبعيد كل البعد عن الصورة المرسومة للعراقي في حنينه ورقته وشجاعته , يبدو ان الحكومة العراقية مصرة على اجرامها وطغيانها وتتريتها وانها حكومة خارجة عن القانون سواء الدولي او الانساني , والا كيف نفسر سكوتها على الجريمة المخجلة والوحشية والتي اخجلت اعداء الاسلام قبل اعداءها المفترضين , وهي تتفرج على ما يقوم به شلة من جيشها الا مغوار الجيش الطائفي الجيش المسخ كيف لا وهم يرقصون ويغنون على جثة هامدة حرقوها بأيديهم القذرة , اقول اذا استمرت الحكومة في سكوتها وصمتها على وحشية الاوباش فهذا يعني ان هذا السلوك موجها ومدرسا ومدربا ليصبح منهاجاً لكل من يعارض او يقاتل السلطة , لكن لو كان حقاً ان نهج وتوجيهات القيادة العسكرية في التعامل مع موتى اعدائها فهذا يعني انها وضعت نفسها امام المحاكم الدولية التي لاتسمح لمثل هذه التصرفات الاجرامية , لان التمثيل في الجثث محظور ومحرم دوليا وتعتبر من جرائم الحرب التي يعاقب عليها القانون الدولي , وبالتالي نحن امام جريمة مكتملة الاركان , ضحية وجاني معلوم ومعروف وصور تثبت ذلك , وليس ببعيد عن هذه الجريمة فقد قامت قوات عسكري باعدام الشاب نمر صباح من اهالي تكريت امام منزله واعين اهله بحجة انه من تنظيم القاعدة وقبلها تم اعدام اثنين امام سجن الاحداث في الطوبجي بحجة انهم من قام باقتحام السجن , هذا يعني ان القوات الامنية والعسكرية تتصرف ضمن اوامر وسياقات تم الاتفاق عليها مسبقاً مع قياداتها التي تتلقى اوامرها من القيادة العامة للقوات المسلحة .
نعود الى المنظر المروع والمخزي والمقزز انسانيا واخلاقيا وثقافيا , وكيف تابع العالم مشاهد الصور التي تظهر افراد الجيش وهم يرقصون ويتغنون بمفردات طائفية على جثة قتلوها وحرقوها ومثلوا بها . نتسائل والعالم ايضا اي انسانية تحملون ؟ اي ثقافة تمتهنون ؟ اي رسالة تحملون ؟ ماذا ابقيتم لمن يتربص لاسلامنا ويتهمه دين قتل ودم وانتقام , اين ذهبت اخلاقيات المسلم المستمدة من نهي الرسول في قضية التمثيل بالجثث ( إياكم والمثله ولو بالكلب العقور ) فكيف الحال بجثة انسان !
اذن مايجب ان يفهمه الجميع اننا امام سلوكيات مبرمجة لزيادة الاقتتال والاحتراب على مستوى قتل الوحدة العراقية او قتل الانسانية العراقية التي عرفنا العالم بها , واننا امام عُقد واحقاد وامراض نفسية واخلاقية حملها لنا سياسيو الصدفة القذرة لقتل انسانيتنا وقد نجحوا فعلا في بعض ضعاف النفوس وفي بعض من يحمل اصولا وجذورا مشكوكا في عراقيتهم , لكنهم لم يستطعيوا ان ينتزعوا منا كلمة ( خطية ) التي لا تجدها الى في قاموس الذين ضمائرهم وانسانيتهم حاضرة في كل وزمان ومكان , واننا اصحاب تلك الكلمة التي يعرفنا ذلك المغربي بها .