23 ديسمبر، 2024 10:50 ص

الرقابة على الاحزاب السياسية : قراءة في قانون الاحزاب العراقي رقم (36) لسنة 2015

الرقابة على الاحزاب السياسية : قراءة في قانون الاحزاب العراقي رقم (36) لسنة 2015

مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية-جامعة بغداد
تشكل العلاقة بين الاحزاب السياسية والديمقراطية واحدة من اسس العملية الديمقراطية فوجود الاحزاب يعتبر من الركائز الرئيسة في البناء الديمقراطي في اي بلدـ فدونها لايمكن الحديث عن ديمقراطية فعلية وذلك للدور الكبير الذي تقوم فيه كوحدات سياسية تعبر او تمثل وجودات اجتماعية واقتصادية وثقافية ومن جهة اخرى دورها في استدامة الديمقراطية من خلال وجودها في مركز الحكم او المعارضة ما يساهم في استدامة التداول السلمي للسلطة ويحقق الاستقرار المتوازن في البلاد، هذا بالاضافة الى دورها كمؤسسات للتثقيف السياسي والحزبي والانتخابي ، ولكي تحقق الاحزاب ذلك الدور المطلوب منها لابد من وجود اطر قانونية ومؤسساتية تنظم عملها وتضبط سلوكها من حيث التاسيس والتسجيل والسلوك السياسي والانتخابي بالشكل الذي يعزز من دورها في النظام الديمقراطي ويحول دون تبنيها لمرجعيات الفكرية او السلوكية غير الديمقراطية، تحولها الى وحدات معرقلة للعمل السياسي الديمقراطي ، والعراق من الدول الحديثة العهد في العمل الحزبي خاصة بعد فترة انقطاع دامت اكثر من اربعين عام لم يكن هناك تعددية حزبية في البلاد مقابل هيمنة حزب واحد على السلطة ورفضه العمل الديمقراطي بكل اشكاله يشهد ومنذ 2003 تحول نحو التعددية الحزبية والعمل الحزبي الديمقراطي الذي لم ينظم قانونياً لحين صدور قانون الاحزاب رقم (36) لسنة 2015 وهذا القانون ورغم ما عليه فهو خطوة ايجابية نحو مأسسة العمل الحزبي وذلك لدوره في تنظيم الحياة الحزبية في العراق من عدة جوانب من اهمها الرقابة على العمل الحزبي حيث نجد القانون وفي العديد من مواد يرسم اليات ويضع اسس للرقابة على الاحزاب والتنظيمات السياسية في العراق حيث نصت المادة (3) منه بان الهدف من تشريع هذا القانون تحقيق ما يأتي: أولاً: تنظيم الأحكام والإجراءات المتعلقة بتأسيس الاحزاب وأنشطتها. ثانياً: تحقيق مبدأ التعددية السياسية والحزبية القائمة على الشرعية الدستورية.ثالثاً: ضمان حرية المواطنين في تأسيس الاحزاب والانضمام إليها او الانسحاب منها. وبذلك رسم القانون الهدف الرئيس له هو العمل على تنظيم تأسيس الاحزاب وانشطتها وتحقيق مبدأ التعددية السياسية والحزبية وفقاً لدستور ومنح المواطنين حرية تأسيس الاحزاب والانضمام لها او الانسحاب منها.
ومن اجل تحقيق الهدف المنشود من القانون كان لابد من اطار مؤسساتي يكون مسؤول عن مراقبة وضبط سلوك الاحزاب والتنظيمات السياسية بالشكل الذي يحقق الهدف المرجو من وجودها لذلك عمل القانون على تاسيس مؤسسة خاصة ضمن مفوضية الانتخابات تعنى بموضوع الاحزاب كما جاء في المادة (17) أولاً : تستحدث دائرة تسـمى (دائرة شؤون الاحزاب والتنظيمات السياسية) ضمن الهيكل التنظيمي للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات وترتبط بمجلس المفوضين مباشرة يرأسها موظف بدرجة مدير عام من ذوي الخبرة والنزاهة والاختصاص حاصلاً على شهادة عليا في القانون أو العلوم السياسية وتضم عدداً كافياً من الموظفين. وتتمتع دائرة شؤون الاحزاب والتنظيمات السياسية بالشخصية المعنوية والقانونية ويمثلها في المحاكم الرئيس او من ينوب عنه.ثانياً: تختص دائرة الاحزاب بما يأتي:
أ‌- اصدار اجازة تأسيس الاحزاب.ب‌- تقديم مقترح إلى وزارة المالية بالتقدير السنوي للمبلغ الكلي للإعانة المالية للاحزاب السياسية.ج- متابعة أعمال ونشاطات الاحزاب السياسية وتقييم مدى مطابقتها وامتثالها لأحكام القانون.د- رصد المخالفات الصادرة عن الاحزاب السياسية والتحقيق فيها.هـ- حضور جلسات المحاكم في القضايا المتعلقة بالأحزاب السياسية، وتقديم الطعون أمام المحاكم المختصة.و- تحريك الشكاوى والدعاوى ضد الاحزاب السياسية أو أي عضو من أعضائها عند مخالفة أحكام هذا القانون.ثالثاً: تكون قرارات دائرة الاحزاب واجراءاتها فيما يتعلق بتنفيذ احكام هذا القانون نافذة بعد مصادقة مجلس المفوضين.
ومع تأسيس دائرة الاحزاب والتنظيمات السياسية ساهم القانون في يجد الية مؤسساتية للرقابة على الاحزاب والتنظيمات السياسية وهذا بحد ذاته يعد خطوة الى الامام في اطار مأسسة الحياة الحزبية في العراق لكن مع ذلك نجد بان الاشكالية ليس قانونية فقط وانما نجدها سياسية وقضائية وتنفيذية ،سياسية تتمثل في الحاجة الى توفر ارادة سياسية لدى الاحزاب في القبول بالولاية الرقابية لدائرة الاحزاب والامتثال لنص القانون وقضائياً تتمثل في تفعيل دور القضاء في محاسبة الاحزاب التي لاتلتزم بنص القانون في حالة رفع دعوى ضدها من دائرة الاحزاب ،اما تنفيذياً فتتمثل في توفير الاليات التنفيذية والفنية المطلوبة( المادية والبشرية ) لدائرة الاحزاب من اجل ممارسة دورها المطلوب منها في مراقبة الاحزاب والتنظيمات السياسية بالشكل الذي ينظم ويضبط سلوكها لكي يتوافق مع البناء الديمقراطي المنشود في العراق.واخيراً لابد من التاكيد من ان الرقابة على الاحزاب تحتاج بالاضافة الى الرقابة المؤسساتية رقابة شعبية واعلامية تستطيع ان تحد من اي سلوك حزبي مخالف للقانون ويعمل بالضد منه .