(1- 3)
مابعد منتصف نهار 25/ شباط / 2017 فتحت النت ..فكانت صدمة البريد معلنة برسالة تعزية مرسلة لي من مجلتنا الثقافة الجديدة …لاأعرف ماذا أقول…؟! تأملت رقم موبايلك : لم أجد ضباب لندن يغطيه ..كان دافئا رقم موبايلك مثل صوتك العريض النبرة والمتجعد بعض الشيء ..صوتك بقهقهاته العالية دائما وأنت تهاتفني رأيت صوتك فوق سنام جمل من جمال أجدادك ..ورأيتك تتنقل بين ورق فوتوغراف بالأسود والأبيض كانت حواف الصور مصفرّة ، وتلتفت لي ملوّحا ..رأيت عشر حمامات تنطلق من كفيك ..ورأيت عشر حمامات ثانية ، ورأيت ُ ..وتوالت الحمامات من كفيك وجاوزت الثمانين حمامة ..حمامات بيض مثل ذلك الورق الخفيف الذي نملأه بالحفيف الأخضر المنبجس من زهرة الرمان الكبرى ورأيتُ ثم رأيت ُ الحمامات تصوغ مدورة ً من سربها وتهبط نحوك ..ها أنت في مركبة من هديل ناصع في عروجك الهادىء جدا …ثم غمرني بياض لايشبه الضباب ولا يشبه اليأس الذي لم أصدّقه ُ يوما .. كل مابحوزتي الآن هو النظر إليك من خلال صوتك ..ها أنا أعصر ذاكرتي كقميص مبلول في طاسة زجاجية ثم أتأمل عصير القميص / الذاكرة : فأرى صوتك ساخناً كرغيف للتو …من التنور
ذات مكالمة صحت بي : يا ابن مسعود أنت واسع القلب ، ضيق المكان ..كيف تواصل حلمك ؟ أجبتك بالتوازي مع سخريتك الحلوة المرارة : دائما أواصله بالنوم
كلما رفستني اليقظة ..فأنا ورطتني الكتب بمعرفة عيوبي كلها بعد أن أهدتني قلقا
أشد رهفا من رادار معقد مثلي ..وكل الذين صفقوا لي حاصروني بالمرايا ..
فكسرت الإطار ودست صورتي ..طمعا بالجوهري ولم أصله ..فأزددت ُ طمعا بالطمع وعزفتُ زيادة نقصاني في كلاهما : الزيت والسراج ..
فصحت َ بي : أعرض عن اليوتوبيا
فأجبتك : أطمئن يارفيق أنني لست ُ مصابا بالأمل وأتحاشى العاجز المستبد
ولا مهنة لي سوى صفيري المتهم بإشعال الحرائق …