هل ترتجي الغزالة الرحمة من الأسد الناشب أنيابه في عنقها , والمفترس لا يعرف غير أكلها , وتحويلها إلى أشلاء ممزقة , تستدعي الضواري والسوابغ الحائمة.
بوصلات القِوى تتبدل وفقا لمصالحها , والضحايا تترنح لا حول ولا قوة عندها سوى الدعاء أن يكون مفترسها رحيما , وقادرا على منحها بصيص حياة.
فالدول في غاب الدنيا متوزعة بين ضحية وجلاد , وذات أظلاف وذوات مخالب وأنياب.
ويبدو أن العديد منها تنتمي إلى ذوات الأظلاف التي تخنع وتتبع , وتكون جاهزة للجزر عندما يدق ناقوس الجوع , ولابد من الطعام.
الدول المجهزة بالمخالب والأنياب , تصول وتسفك الدماء , فأهدافها فرائس سهلة وأنيابها مكشرة , وتهاجم كيفما تشاء , وفي أفواهها أبدان الأبرياء.
مَن قال لكم أن الأقوياء رحماء؟
ظلم الأقوياء عدل , وعدل الصعفاء ظلم وخروج عن القانون وسلوك ضد الأعراف الدولية.
مَن يطالب بحقه عدواني , ويوضع على قوائم الفناء.
يتحدثون عن الرحمة , والغلبة للأقوياء المدججين بأفتك السلاح!!
الرحمة أخلاق , فأين هي الأخلاق؟
لكنهم يتوسلون ويتوهمون الرحمة من الذين يبيدون الأبرياء , فهذا سلوك ضروري ويُسمى في منطق الأقوياء دفاع عن النفس!!
البشر صنفان مقدس ومدنس , ويحق للمقدس أن يمحق المدنس , لأنه عالة ومناهض لمسيرة الحياة , فالموت مأواه , وأمله ومناه.
فأين الرحمة؟
إنها النقمة والكراهية والبغضاء , حتى بين أبناء العابدين لأرحم الراحمين!!