المقدمة :
في هذا الموضوع / الرجم ، أرى أنه من الضروري أن نكون منطقيين وعقلانيين ، وبعيدين عن عاطفة الأنتماء الديني والمذهبي والطائفي .. ، وذلك من أجل أن نكون محايدين وموضوعيين في السرد والبحث ، وسأتناول الموضوع مركزا على رجم المرأة ، وما سيذكر فيما يخص الرجل سيكون من باب الأستزادة والمعرفة ، لأجله أقتضى التنويه ، وسأورد في نهاية البحث المختصر قراءتي للموضوع مع خاتمة موجزة .
النص :
أولا : الرجم في الأسلام – فيما يخص الرجم ، هو أمر وفعل عقائدي أسلامي مثبت قرأنا وسنة / فعلية وقولية ، وأحاديث .. وأنقل بهذا الخصوص ما كتب عنه في مركز الفتوى / ثبوت حد الرجم في الأسلام – نقل بتصرف ، الذي أوضح وأكد أن الأمر مثبت بالسنة والقرأن (( .. وأما الرجم فليس حكمه ثابتًا بالسنة فقط ، بل قد ثبت حكمه في القرآن ، كما في الآية التي نسخ لفظها وبقي حكمها . وفي السنة الصحيحة القولية ، والفعلية ، وبإجماع كافة أهل العلم ، ولم يشذ عن القول به إلا بعض المبتدعة ، فعن عمر بن الخطاب قال : إن الله تعالى بعث محمدًا بالحق ، وأنزل عليه الكتاب ، فكان فيما أنزل عليه آية الرجم فقرأتها ، وعقلتها ، ووعيتها ، ورجم الرسول ، ورجمنا بعده ، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل : ما نجد الرجم في كتاب الله ، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله تعالى ، فالرجم حق على من زنى إذا أحصن من الرجال ، والنساء إذا قامت البينة ، أو كان الحبل ، أو الاعتراف ، وقد قرأتها : الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة ، نكالاً من الله ، والله عزيز حكيم . متفق عليه . وعن أبي بن كعب قال : كانت سورة الأحزاب توازي سورة البقرة ، فكان فيها : الشيخ والشيخة إذا زنيا ، فارجموهما البتة . صحيح ابن حبان . وقال ابن قدامة في المغني : الكلام في هذه المسألة : في وجوب الرجم على الزاني المحصن ، رجلاً كان ، أو امرأة ، وهذا قول عامة أهل العلم من الصحابة ، والتابعين ، ومن بعدهم من علماء الأمصار في جميع الأعصار ، ولا نعلم فيه مخالفًا إلا الخوارج ، فإنهم قالوا : الجلد للبكر، والثيب . وقال مبينًا أدلة الرجم : قد ثبت الرجم عن الرسول بقوله ، وفعله ، في أخبار تشبه التواتر ، وأجمع عليه أصحاب رسول الله . وقد أنزله الله تعالى في كتابه ، وإنما نسخ رسمه دون حكمه .. )) ، أما أول أمرأة رجمت في الأسلام فهي الغامدية ، فقد جاء في موقع / ملتقى أهل الحديث – نقل بتصرف (( .. وهو في مسلم (4406) من طريق غيلان بن جامع عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه ، وفي (4407) من طريق ابن نمير عن بشير بن المهاجر عن عبد الله عن أبيه به نحو الروايات التالية :سنن الدارمي – حديث رقم 2324 – ج2/ص235 #2324 أخبرنا أبو نعيم ثنا بشير بن المهاجر حدثني عبد الله بن بريدة عن أبيه قال كنت جالسا عند النبي فجاءته امرأة من بني غامد فقالت يا نبي الله اني قد زنيت وأني أريد ان تطهرني فقال لها ارجعي فلما كان من الغد أتته أيضا فاعترفت عنده بالزناء فقالت يا نبي الله طهرني فلعلك ان ترددني كما رددت ماعز بن مالك فوالله إني لحبلى فقال لها النبي ارجعي حتى تلدي فلما ولدت جاءت بالصبي تحمله في خرقة فقالت يا نبي الله هذا قد ولدت فقال اذهبي فأرضعيه ثم افطميه فلما فطمته جاءته بالصبي في يده كسرة خبز فقالت يا نبي الله قد فطمته فأمر النبي بالصبي فدفع إلى رجل من المسلمين وأمر بها فحفر لها حفرة فجعلت فيها إلى صدرها ثم أمر الناس أن يرجموها فأقبل خالد بن الوليد بحجر فرمى رأسها فتلطخ الدم على وجنة خالد بن الوليد فسبها فسمع النبي سبه إياها فقال مه يا خالد لا تسبها فوالذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له فأمر بها فصلى عليها .. وعن سنن أبي داود – حديث رقم 4440 – ج4/ص 152 : والذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم وهل وجدت أفضل من أن جادت بنفسها لم يقل عن أبان فشكت عليها ثيابها .. )) ، أما أول رجل رجم في الأسلام كان / الصحابي مالك الأسلمي (( .. فهو الصحابي ماعز بن مالك الأسلمي ، حين أتى النبي معترفا بالزنى ، فأمر النبي برجمه .. / نقل من موقع سنابل الخير )) ، ومن تأكيد الرسول على فعل الرجم ما جاء في موقع نداء الايمان (( .. قول النبي وفعله ، فقد ثبت في الصحيحين أن الرسول قال : ” واغد يا أنس إلى امرأة هذا ، فإن اعترفت فارجمها ” )) .
ثانيا – الرجم في المسيحية / نصوص الأنجيل : أرى أن الأية التالية من الأنجيل تلخص كل موضوعة ” الرجم ” نصا وحديثا .. ، فقد قال المسيح ” من منكم بلا خطية فليرجمها بحجر؟ ” (يوحنا 8: 6-7) . ويسرد لنا الحادثة موقع الخدمة العربية للكرازة بالأنجيل – نقل بتصرف (( .. يروي لنا إنجيل يوحنا 8 قصة هذه السيدة التي أمسكت في زنا التي أحضرها له جماعة متعصبة من الكتبة والفريسيين ليروا حكمه عليها وكان في حكم الشريعة يجب رجمها ! ولكن المسيح قال لهم : ” من منكم بلا خطية فليرجمها بحجر؟ ” (يوحنا 8: 6-7). وعندما خرجوا وبقي يسوع وحده والمرأة قال لها : ” أما أدانك أحد ، فقالت : لا يا سيد . فقال لها يسوع : ولا أنا أدينك ، اذهبي بسلام ولا تخطيء أيضاً ” (يوحنا 8: 9-11) .. )) ، هنا نلاحظ المبدأ الذي أنتهجه المسيح وهو التوبة وليس العقاب !! و المسيح ، في هذا المقام يفتح أبواب الرجاء أمام الخطاة للتوبة ، وهذا ما عبر هنا في موقع الأنبا تكلا – نقل بتصرف (( لم يعترض المسيح على حكم الشريعة لكنه سأل عمن يتأهل للبدء بالرجم ، ” من كان منكم بلا خطية فليرمها أولًا بحجر” . انسحب الشيوخ أولًا ثم الآخرين بينما كان يكتب السيد المسيح على الأرض ، بلغة قرأ كل منهم فيها خطيته الخفية . بقيت المرأة الزانية وحدها تقف أمام ديان العالم كله الذي ما جاء ليدين بل ليخلص ، فسألها ألا تعود للخطيئة . هو وحده من حقه أن يدينها ، لكنه يفتح أبواب الرجاء أمام الخطاة للتوبة . قدم نفسه محررًا للنفس ، بكونه الحق الإلهي . مع لطفه وحنانه نحو الخطاة من الشعب اظهر حزمه مع القيادات الدينية التي طلبت أن تمارس عمل أبيها : إبليس القتال ، أب الكاذبين . أراد أن يحررهم من بنوتهم لإبليس ، فيتمتعوا بالحق عوض الكذب ، ويمارسوا الحب عوض شهوة القتل . ظنوا أنهم أبناء إبراهيم الحر ، مع أنهم لم يمارسوا أعماله بل أعمال إبليس . أما يسوع فأعلن أن إبراهيم هذا تهلل أن يرى يومه ، فرأى وفرح . تكشف قصة تعامل السيد المسيح مع المرأة الخاطئة عن طبيعة السيد المسيح الملتهبة بالحب نحو الخطاة ، يشرق عليهم بأشعة حبه ليبدد ظلمتهم ..)) ، لم يكن المسيح مشرعا ولم يضع قوانين وشرائع وأنظمة ، لأن هذا لم يكن هدفه ، لكنه وضع مبادئ و قيما للحياة ، وهذا ما جاء به موقع المرشد للطريق والحق والحياة – موقف المسيح من المرأة (( .. جاء السيد المسيح ، وعاش في هذا المجتمع . وقد واجه المسيح مواقف وتحديات تعتبر أكبر ثورة اجتماعية ودينية لصالح المرأة . إن القيم الإيمانية والروحية لها طابعها الروحي والإجتماعي ، وهي – ولا شك – تؤثر على معيشة الأسرة والمجتمع بكل كياناته . لم يضع السيد المسيح (قوانين) ، (وشرائع) ، لأن هذا لم يكن هدفه ، لكنه وضع (مبادئ) و (قيماً) تظهر عن طريق تصرفاته ومعاملاته . يمكننا أن نكتشف خلالها الدور الحقيقي الذي أراده المسيح للمرأة . ولعل الظاهرة الواضحة ، هي أن المسيح أراد أن يعيد القيم ، التي أرساها الله في الخليقة( تكوين 1،2 ) لتكون للتعليم . فإنه منذ دخول الخطيئة الى العالم تعثرت كثير من القيم . لذلك ، فإننا من خلال تعاليم السيد المسيح ، وتصرفاته ، يمكننا أن نكتشف القيم والمبادئ .. ))
القراءة :
أولا – ليس الغاية أو المراد من الموضوع سرد أو طرح ما جاء من نصوص أو سنن أو أحاديث تخص الرجم في المسيحية أو الأسلام ، لأن كل ما ذكرته هو غيض من فيض ، والكتب مملوءة ومحشوة خاصة الأسلامية منها !! بموضوعة الرجم ، ولكن هدفي هو سرد قراءتي الخاصة لموضوع شغل العالم بقسوته ووحشيته وعدم أنسانيته ، ثانيا – الثابت عقائديا في الأسلام أن النبي معصوم ويوحى له ولا ينطق عن الهوى ، فقد جاء في موقع أبن باز / طريق الأسلام الأتي (( .. قد أجمع المسلمون قاطبة على أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ولاسيما خاتمهم محمد معصومون من الخطأ فيما يبلغونه عن الله عز وجل من أحكام ؛ كما قال عز وجل ( وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى . مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى . وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى . إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى . عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى) / النجم الآيات: 1- 5 )) ، أذن الرجم ليس فعلا بشريا بل هو فعلا ألهيا بالأصل – أي بتوجيه ألهي / حسب منطوق الأية أعلاه ، أي أن الرسول محمد ما أمر وما فعل وما نفذ ألا هو أمرا ربانيا ! ، ثالثا – وهذه النقطة تدخلنا في نفق أظلم ، ففي حالة كون الأية الوارد ذكرها حكمها شامل تام عام لكل الأنبياء فهذا يعني هناك خلل في التنفيذ ، وهو لو كان الأمر ألهيا ، لم أمر الرسول محمد بالرجم ونفاه عن المسيح !! ، رابعا – وهذا النفق يجرنا الى أمرا أخر ، لو كان الله واحد في المسيحية والأسلام ، لم المسيح لم يطبق الرجم وهو روح الله / والأولى أن يكون أول المنفذين لأن المسيح كلمة الله ، وفق الأية التالية ” الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ ” ( سورة النساء 171 ) ، خامسا – وهذا الأمر ، أخيرا ، يقودنا أذن الى وجود ألهين ، أحدهم يأمر بالرجم وهو أله الرسول محمد و الأخر لا يأمر به وهو أله المسيح ! المحب الغافر ، سادسا – اما أنا فلا أرى من وجود لأله يأمر برجم أمرأة حتى الموت لأنها أخطأت ، دون توبة أو غفران ، لأن هكذا فعل يحول الله من أله للبشر الى جزار خطاة !! سابعا – أما بالنسبة للمسيح ومحمد ، أرى أنه هناك أختلاف وخلاف وفرق جلي وواضح في أيدولوجيتهما ، فكرا وطريقا ومبدأءا وقيما .. ، حيث أن الرسول نفذ الرجم على الحامل / المرأة الغامدية ، بعد الولادة .. ، دون سماح أو غفران أو رأفة لوضعها لكونها حامل ، وهذا يؤكد أن نهجه وفكره ، حيث أن مبدأءه في التوبة مرتبط بالعنف والموت ، فعن ” سنن أبي داود – حديث رقم 4440 – ج4/ص 152 : والذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم وهل وجدت أفضل من أن جادت بنفسها .. ” ، بينما المسيح يمنح التوبة والغفران للخاطئة من أجل ولادة أنسان جديد ، وخلق حياة أخرى للنادم والخاطئ على أن لا يرجع الخاطئ للخطيئة ، دون أي عقاب أو موت أي بلا رجم .. ومن منا بلا خطيئة في عالم اليوم ! .
الخاتمة :
أن ما يجري الأن من توحش وعنف وقتل دموي ، أنما هو نتيجة منطقية لنصوص الرجم والجلد والحرق والموت الماضوية ، أن الأرهاب بكل طبقاته وفئاته / القاعدة وداعش وبوكو حرام وأخواتهما ، والذي يقوده طائفة منحرفة سلفية تستند على ما لديها من مستندات نصية وفعلية وقولية دينية أو عقائدية ، وتطبقها كما طبقت في صدر الرسالة المحمدية .. ، هذه المنظمات الارهابية بكل محتواها الفكري السلفي وكل فعلها الدموي وكل مخططاتها المستقبلية أنما تقود الأسلام الى هاوية سحيقة ، فعلى رجال العالم الأسلامي / شيوخ ومفكرين ودعاة .. الأن ، أن يقوموا بهدم هذه النصوص وألغائها ، من أجل عالم حر متقدم متنور ، غير مقيد بسلاسل دينية ظلماء أدمت المجتمع الأسلامي ردحا من الزمن ! / وما موضوعة الرجم ألا أحد الأمثلة .