قد يتصور بعض من تغيب عنه المعاني الحقيقية لبعض المواقف السياسية، إن حضور الرئيس الإيراني في مكتب السيد عمار الحكيم، وهو يجمع السلطات والساسة الشيعة، هو تلميح وإشارة مبطنة عن الرجل، بانه هو من تتعامل معه إيران كممثل للساسة الشيعة في العراق..
ورغم أن التلميح السابق، لا يبتعد عن الحقيقة كثيرا، بحكم تعامل إيران مع أكثر من طرف يثبت نفسه مؤثرا في الساحة، لكن هذا جانب واحد محدود في واقع هذا الرجل المحير عمار الحكيم، الذي كان دوما لاعبا لا يمكن تجاوزها، بعيدا عن أرقامه الإنتخابية!
نتذكر جميعا زيارة الحكيم للسعودية قبل سنتين تقريبا، ولقاءه المطول مع ولي العهد السعودي، الحاكم القوي في منطقة الخليج وحليف الغرب الثابت، وما قيل عن تكهنات بنتائج تلك الزيارة.. ورغم أن الزيارة أحيطت نتائجها “بغموض رسمي” لكن وبعد مرور بضعة أشهر ، بدأ ظهور نتائج في ملفات العراق وسوريا والعلاقة مع إيران، لا يمكن أن تغيب عن المتنبه لشؤون المنطقة..
الحكيم وكما يبدوا يعمل لصنع شبكة علاقات متينة، مع مختلف القوى والشخصيات المؤثرة في المنطقة، وهو قد نجح في ذلك أيما نجاح، فهو يزور ملك الأردن والرئيس المصري، وله علاقات وطيدة مع الكويت وقطر والإمارات، ويستقبل بأعلى المستويات الرسمية والدينية في إيران نفسها.. وهي دول مؤثرة في المنطقة والشرق الاوسط، رغم كل ما تحتويه علاقات هذه الدول فيما بينها من تناقضات وتقاطعات!
الغريب في كل تلك العلاقات والزيارات، ورغم أنه يمكنه إستثمارها، للتأثير في حجم وجوده في السلطة في العراق، كما فعلها ولازال غيره، لكن الرجل والحق يقال لم يحاول أن يفعل ذلك، على الأقل هذا ما يبدوا واضحا لحد الأن.. وبل نجح في إستثمارها في دعم الحكومة العراقية، والتي غالبا ما كان يشكلها شخوص من أحزاب تنافسه سياسا.. كذلك نجحت في تليين مواقف متصلبة، وتخفيف إحتقانات وتفكيك مشاكل إقليمية وعابرة للحدود، كانت عصية لفترة طويلة..
بناء تلك العلاقات صعب جدا، والمحافظة عليها رطبة ثابتة أشد صعوبة.. لكن الرجل وكما يبدوا، لديه صبر لا يملكه الساسة الأخرون، وربما هو أكتسبه من أرثه العائلي من رجال الدين، الذين قيل أنهم وخلال سعيهم لإكتساب العلوم الدينية، وكأنه مستعدون لحفر جبل بإبرة.