لاأحدا” يختلف في أن الشاعر ( ت س اليوت )(1888-1965) هو شاعر عصره وانعطافة كبيره في مسار الحركة الشعرية العالمية
اليوت … نشأ في بيئة محافظه ومتشددة فجده بنى أول كنيسة في مدينتهم أما والدته فكان لها تأثيرها الواضح في تحديد توجهاته الأدبية فهي بالإضافة إلى كونها ناشطة في مجال حقوق المرأة كانت تكتب الشعر وبعض المسرحيات ذات الطابع الديني … خرج الشاعر اليوت من هذا المحيط الذي تهيمن عليه الوصايا الدينية الصارمة فسارت قصائده الغريبة بخطى وئيده نحو الإبهام والغموض في تراجيديا حزينة ويأسه من كل شي !!مما فتح الباب واسعا إمامه ليجعله (جيل الضياع) قبلته الشعرية وهو جمع من المثقفين الأمريكيين والاوربين أصيب بالإحباط والخيبة بعد أن شاهد أهوال الحرب العالمية الأولى وما تبعتها من أزمات اجتماعية واقتصاديه كبيرة فوجدوا في شعره ما يتناغم مع تشاؤمها وارتيابهما من قيام عالم جديد تحترم فيه إنسانيه الإنسان .. وبسبب ذلك الغموض الشديد الذي جنحت إليه قصائده تصدى بعض النقاد لتلك الظاهرة رغم انه نفى إن يكون ذلك متعمدا بل هو نتاج لما حملته قصائده من توجه لنزع النقاب عن تلك الطبيعة البشرية القاسية وخصوصا ما إثارته قصيدته الخالدة( الأرض الخراب )التي تباينت الرؤيا حولها فمنهم من وصفها بأنها عبارة عن نصوص صاغ أطرها ببراعة ومحاوله منه للاقتراب من الملحمة وخاصة انه ادخل الكثير من النصوص والاقتباسات فاضطر للتعريف بها إلى كتابه هوامش ملحقه بالقصيدة … وأراء أخرى ترى فيها صوره للتعبير الكامن عن يقين الشاعر المتعصب للمسيحية وقد أشار في إحدى مقالاته إلى أنها رحله المسيح إلى مدينة عاموس بعد البعث (1) وآخرون يعتقدون أنها رؤيا متشائمة لعالم (خاوي الضمير خال من كل القيم الروحية )(2) ويحمل القرف من كل شي وتنظم قصيدة ( الرجال المجوفون ) إلى قافلة القصائد المفرطة في التشاؤم حيث تضعنا في تلك الأجواء الجنائزية لعالم متهالك يسير نحو نهايته
قصيدة( الرجال المجوفون )
(( نحن الرجال المجوفون
نحن الرجال المحنطون
نتساند معا
قد حشينا بالقش ، وا أسفاه …
أصواتنا المتحشرجه حين
نتهامس معا
هادئة ، وبلا معنى
كريح تهب على عشب ذابل
أو إقدام فئران تطأ زجاجا” محطما”
في قبونا الجاف
هيكل بلا شكل ، ظل بلا لون
قوة مشلولة ، إيماءه بلا حركه
واولئك الذين انتقلوا …
إلى مملكة الموت ، وعيونهم شاخصة
إذا تذكرونا – وقلما يفعلون
لايتذكروننا كأرواح هائجه مضيعه
بل يتذكروننا فحسب
باعتبارنا الرجال المجوفون
الرجال المحنطون ))
هل نحن نشابه تلك التماثيل البشرية الخائبة والخائفة والمحشوة بالقش فلا نستطيع الحراك لأننا نتكىءعلى وضع مشلول تساوينا فيه مع الموتى بامتياز ! اعتقد نعم
(1) تطور الشعر العربي الحديث في العراق الدكتور علي عباس علوان
(2) الكاتب فؤاد دواره – كتاب هكذا كتبوا