25 نوفمبر، 2024 6:08 م
Search
Close this search box.

الرب في الكرسي!!

معضلة العرب والمسلمين أنهم يقحمون الربَّ في الكرسي , ويتفاعلون معه على هذا الأساس , ويتناسون أنهم بشر والذي في الكرسي بشر مثلهم , له ما له وعليه ما عليه , وبغياب الضوابط الدستورية فأن البشر يكون منفلت النوازع , وتتحكم فيه أمّارة السوء.
وهنا يكمن لبّ مأساة الحكم , وعلاقة الدين بالكرسي , لأن البشر المنفلت الرغبات سيشوّه المعاني والقيم , ويستحيل بموجب سلوكياته الباطل حقا والحق باطلا , وترتدي الرذيلة ثياب الفضيلة , وتُداس الفضيلة بأقدام الشرور والفساد المقيم.
ومن الصعب تفسير كيف صار الكرسي يرمز لما هو مقدس في حياة الأجيال , ويبدو أن تأثير الحالة التي تفاعلت في المدينة عند إنطلاق دولة الإسلام لا يزال متوارثا , لأنها فريدة , إذ صار فيها المقدس قائدا وحاكما وصاحب السلطة العليا , مما تسبب بإضطرابات بعد وفاته , ترتبت عليها تداعيات متواصلة.
فعلاقة الكرسي بالقدسية تطوّرت حتى أصبح الخليفة حاكما بأمر الله , وله القول الفصل , ولا إعتراض على إرادته , أي أن الحالة تسارعت في تفاعلها حتى صار الجالس على الكرسي ممثلَ الرب أو نائبه على خلقه.
ومن هذه الإشكالية تجدنا أمام مَن يدّعون بأنهم يمثلون شرع ربّهم ويعبّرون عن إرادته , وهم أعلى درجة من الأنبياء والرسل الذين ما إدّعى أي منهم بأنه ينوب عن الرب.
والمشكلة العصية الفاعلة في واقعنا المعاصر , أن لكل جماعة دينها وربّها الذي تتصوره وفقا لأهوائها , وما يبرر سلوكها ويسوّغ مآثمها وخطاياها , وبهذا إختلط حابلها بنابلها , وتشوّهت المفاهيم , وضاعت المعايير , وتأسّدت القوة وتعالى صوت السلاح , ومات العقل , وتعطلت قدرات التفكير والبصر.
وفي هذا العمه السلوكي تتولد الإنحرافات والتداعيات المريرة , ذات النتائج القاسية المؤدية إلى إنهيارات قيميّة مروّعة.
فهل سنعيد الكرسي إلى واقعه الحقيقي , ولا نقحم الربَّ فيه؟!!

أحدث المقالات

أحدث المقالات