22 ديسمبر، 2024 2:26 م

الربط العضوي، بين تصفية القرن وما جرى وما يجري في المنطقة العربية وجوارها

الربط العضوي، بين تصفية القرن وما جرى وما يجري في المنطقة العربية وجوارها

ينوي الرئيس الامريكي، يوم الثلاثاء القادم،طرح خطة السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين، والتى تُعِرف بصفقة القرن او تصفية القرن كما يسمِها البعض وهي التسمية الاقرب الى الواقع. بصرف النظر عن الدوافع الانتخابية لهذا الاعلان المرتقب سواء لجهة ترامب في تقوية حظوظه في الفوز في دروة ثانية بدعم اللوبيات الصهيونية في امريكا او تقوية فرص الفوز لنتن ياهو في الانتخابات الاسرائيلية القادمة؛ صفقة القرن تم تدوالها في الصحافة الاسرائيلية منذ اكثر من ثلاث سنوات وربما اكثر من اربعة سنوات، وكان في حينها ولم يزل،الغرض من هذا التداول، هو جس نبض الشارع العربي من جهة ومن الجهة الثانية كسر حاجز الرفض (لو اعلاميا) الشعبي العربي لأي علاقة مع الكيان الصهيوني لاتعطي الفلسطينيين حقهم الشرعي والقانوني في دولة ذات سيادة وعاصمتها القدس بالاضافة الى عودة اللاجئين. وقد صاحب هذا الطرح وهو طرح غير رسمي ولكنه وفي الوقت عينه، مخطط له ومبرمج لسببين السالفين؛ هرولة دول الخيلج العربي من غير استثناء، للتطبيع مع هذا الكيان، الذي يشكل وجوده مركز تأمر على جميع دول المنطقة العربية. وقد تزامن هذا الركض المحموم، في الصحافة الاسرائيلية، تسريبات لبعض بنود هذه التصفية، والتى اوضحت اشتراك دول عربية ونقصد هنا دول الخليج العربي في ابتداع وسائل على الارض، للتهيأة لأنجاح هذه التصفية، ولم ينفِ اي مسؤول عربي خليجي او غيره، في تلك الدول ما جاء في الصحافة الاسرائيلية في ذلك الحين؛ ومن الامثلة على هذه التسريبات، سكك حديد تربط ميناء حيفا بالموانيء في مصر على البحرالاحمر عبر جسر طوله اكثر من اربعين كليو متر، بعد تحويل ملكية مضائق تيران التي يمر منها او عبرها، الجسر، من مصر الى السعودية. ومن بين هذه التسريبات، هو الوطن البديل والمقصود هنا، هو الاردن…واعتبار قطاع غزة، بعد اضافة جزء من ارض سيناء لها او جزء من البحر لها، لتكون هي المكان الملائم لدولة فلسطين المرتقبة، وهي وكما اوضحت هذه التسريبات، ليست دولة ذات سيادة كاملة…على ان تدفع كُلفها المالية، دول الخليج العربي، ولم يرد بالنفي اي مسؤول في تلك الدول العربية..الولايات المتحدة من جهتها، قامت وارست في الواقع، المداخيل لهذه التصفية؛ في الاعتراف الامريكي، بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني وتقليل الى حد كبير جدا، المنح الامريكية الى الاونروا، والتى قررها او فرضها مجلس الامن الدولي، عندما هُجر الفلسطينيين من ارضهم قبل اكثر من سبعين عاما، واعتبار اقامة المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية، لاتتعارض مع القانون الدولي في سابقة خطيرة، تضرب بها دولة عظمى وعضو دائم في مجلس الامن الدولي، عرض الحائط القانون الدولي، والذي يفترض بها بتوصيفها السالف؛ ان تمنع اي خرق لهذا القانون، فكيف بها وهي تخرقه، خرقا صارخا، في اعتداء وحشي على حق الشعب الفلسطيني في البناء والعيش على ارضه، بتشريده من ارضه وبناء المستوطنات عليها، للمهاجرين اليهود الجدد..في عملية تهجير ثانية..ان جميع ما يجري في المنطقة العربية وحتى في جوارها، هو للتهيأة لهذه التصفية. فقد زرعت في جميع الدول العربية التى طالتها رياح التغير في موجيته الاولى قبل مايقارب التسعة سنوات والثانية قبل حين من الآن؛ المنظمات الارهابية وشكلت منها قوات مليشاوية، مسلحة ومدربة، وقد قاد هذا الى حرف مسار واتجاه الموجه الاولى للتغير في انظمة الطغيان العربي، ليكون البديل على عكس ما كان يريد الشعب من تغيير في نوعية وشكل النظام وهياكله القانونية بما يلبي حاجة الشعوب العربية الى التحديث والحرية والمشاركة الفعالة في انتاج الحكومات وممثلوا الشعب، مما أدى الى احتراب ابناء الشعب الواحد في اقتتال عبثي لايقود او ينتج حلا، لتضيع في اتون هذا الصراع الاهلي؛ الهوية الوطنية الجامعة وتحل بدلا منها الهوية الطائفية او الاثنية او المناطقية، ولايزال هذا الصراع والذي فيه، ضاعت الثروة والانسان وصار الدرب الى البناء والحرية، مضبب بدخان المعارك المهلكة للزرع والضرع والانسان والثروة والوقت..مع ان هذا الصراع على الرغم مما فيه، من هذه الحفر والخنادق والمملؤه بالمعرقلات ذات النهايات المسننة،التى حفرها الامريكيون والاسرائيليون من خلف ستار، لتجعل من جحافل التغيير في مسارات متناقضة ومتقاتلة مع بعضها البعض، كي يتقدم الامريكيون في النهاية، بالحل سواء من قبلهم او من قبل غيرهم بالانابة عنهم ليحملوا عنهم اي الامريكيون وزر مخططهم، في انتاج حكومات هشة وعميلة وضعيفة وتابعة لهم، لتحكم دول اكثر هشاشة من حكوماتهم سواء في التجزئة بالشكل الكونفدرالي او باي صورة اخرى من صور الحكومات التابعة والذليلة، نقول على الرغم من هذا الضخ الارهابي او اخوانه او غيره، لحرف مسار الثورات العربية؛ تبقى إرادة الشعب الحي والتواق الى الحرية في الامساك بمسار حياته بيده، هي الغالبة في نهاية المطاف. ان تصفية القرن التى يراد منها تصفية حق الفلسطينيين في الحياة، في دولة ذات سيادة، لايمكن ان يكتب لها النجاح (وهنا نحن نتحدث عن ما يخطط الامريكيون والاسرائيليون وليس عن ما سوف يحدث في الواقع من فشل لهذا المخطط..) في ظل دول عربية ناجحة وديمقراطية حقيقية، تنتج حكومات تمثل تمثيلا حقيقيا إرادة الشعب الذي سوف لامحال يرفض التسويات الظالمة لتصفية القضية الفلسطينية. لذا فهم سائرون في انتاج دول فاشلة وحكومات اكثر فشلا، كما يحلوا لهم ان يتصورا، انهم في الطريق إليها اي الى اهدافهم، وقد غاب عنهم وهم في غيهم سادرون؛ قوة الفاعل الشعبي على ارض الواقع الذي سوف يغير معادلة الصراع لصالح الحرية والديمقراطية الحقيقية. الشعوب العربية وفي جميع الاوطان العربية بما فيها؛ دول الخليج العربي، ترفض التطبيع المجاني مع الكيان الصهيوني. هناك دول عربية عقدت في السابق من الاوقات، اتفاقات سلام مع هذا الكيان، مصر والاردن وحتى السلطة الفلسطينية بدرجة ما؛ لكن الشعوب العربية في هذه الدول، ظلت ترفض اي علاقة مع اسرائيل من دون اقامة دولة فلسطين. وهذا هو مايجعل الربط العضوي بين ما جرى ومايجري في المنطقة العربية، وبين ما يخطط لتصفية القضية الفلسطينية، ربطا واقعيا وحقيقيا وكلي الهيمنة والوجود او استحضارهما استحضارا كليا، عند التخطيط لتصفية القرن..