18 ديسمبر، 2024 11:26 م

الراعي …والمصلح المفكر

الراعي …والمصلح المفكر

يقول سيد الألم والحكمة الإمام علي .ع. (إذا كان الراعي ذئباً فالشاة من يحفظها ؟) إذا أهمل الراعي الغنم أصبح عدوها الأول الذئب سوف يأكلها ,والذئب غير ملام على ذلك لأنه وجد أغنام سائبة تسرح وتمرح أمامه ,يفترض بالراعي أن يكون المؤتمن على غنمه والمسؤول عن سلامتها ,همه وشغله الشاغل كيف يحمي قطيعه ؟ ويدافع عنه من الذئاب المفترسة فإن قطيعه سيشعر بأن ليله مطمأن وآمن ليس فيه خوف ورعب من المجهول ,أما أذا كان الراعي ذئبا فقرأ على الشاة السلام وأقم العزاء لهم في مذبحة جماعية يفترسها ذئاب وضباع وكلاب مأدبة مفتوحة لكل من هب ودب.عندما كان زياد ابن ابيه واليا على منطقة أستخر بضواحي بلاد فارس في زمن خلافة الإمام علي .ع.,كان والياً وديعاً مطيعاً لم يمسكوا عليه زلة سوء أدارة أو فساد مالي ,ملتزم بتعاليم السلطة وضوابطها وبعد استشهاد الإمام ,آلت السلطة لغيره تحول زياد ذلك الحمل الوديع لقاتل يقطع الأيدي والأرجل ويسمد العيون وينشر الفوضى والفساد بين رعيته غير مبالي ومكترث بما تقترفه يداه من أثم وعدوان ,حيث يعلل الكاتب الكبير طه حسين على هذه الصورة المتناقضة فيقول :كان زياد مهذباً ووديعاً لأن هنالك في السلطة خليفة عادل وحازم ومصلح مثل علي لا يقبل أن يكون ولاته مسيئين مفسدين , تحول زياد قاتل لأن هنالك خليفة كانت الخلافة أكبر منه وكلمة الإصلاح بعيدة كل البعد عنه فمن الطبيعي يكون أداؤه بهذا الشكل ,السلطة في نظر علي لا تساوي شسع نعل ,قبل من أجل إقامة الحدود التي تعطلت والقوانين التي جمدت والفوارق الطبقية التي تسيدت في المجتمع فصار ينظر للغني انه قوي وللفقير ضعيف فلا حول له ولا قوة ,وهنالك من ربط قيمته ووجود بوجود كرسي السلطة المهم امتيازات خدم وحشم ,أذن قوة الدولة تأتي من قوة قائدها أو زعيمها او مصلحا فعندما يحمل المصلح هموم ناسه وألأمهم وأوجاعهم على كتفيه ليحقق مشروعه الإصلاحي في إحقاق الحق وإقامته للعدالة الاجتماعية بين المواطنين ويقيم القسط بينهم دون النظر للونهم وهويتهم و يسهر على راحتهم ويقف بوجه الفاسدين الذين يتلاعبون بمقدرات الأمة ويضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه سرق قوت الشعب ومهما كان عنوانه ويطوف بين بلدان العالم يحمل قضية بلده بين معاناة ومحن وتحديات ,وشهداء أبرار جادوا بإنفسهم وأرواحهم عندما تعرضت عفة الوطن للانتهاك من أقوام داعش الممسوخين و يداوي جراح الأمهات الثكلى وصوت الأطفال الجياع والنساء الأرامل ,ففي أمكنة معينة تحقق هذا لأن المسؤول المعني وجدناه مفكرا وزعيما ومصلحا وقائدا فكانت الثمار ثمار حسنة ومنتجة وألقت بضلالها حباً وخيراً على الرعية نعم اليوم أقف لأفتخر مع نفسي أنني وجدت ما أتحدث عنه فهو لم يحمل الكبر والغرور وحب الذات بل كان بسيطا واضحا شفافا متواضعا ملما بكل جوانب الحياة ومعترك سياستها لم يجلس في مكان إلا وكان الكل الذي يكمل الكل ومحط أنظار من حوله بطرحه ورؤيته وحنكته في حل أزمات بلده وأزمات دول مدافعا عن الحق وفي عقر دار الخصم يقول كلمته المؤمن بها مهما كانت النتائج .