لا يمكن المزج بين قصة علي بابا و الاربعون حرامي كواحدة من اشهر حكايات الف ليلة وليلة الفولكلورية التي خلدها التاريخ على مر العصور مع قصة سرقة القرن الواقعية وما يدور فيها من احداث عميقة من الغموض والإثارة في آن واحد
ولكن يمكن ان نجعلها منطلقا لفتح ملف قضية سرقة القرن التي ذاع صيتها مع نهاية حقبة حكم رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وما شابها من شبهات فساد في تلك الفترة وكان ولازال الإعلام يكاد السلاح الوحيد الذي يضع الاستفهامات ويجيب عليها
فقد قامت السلطات الأمنية في وآخر سنة 2022 بإلقاء القبض على المدعو نور زهير، كونه يرأس مجلس إدارة إحدى الشركات المتورطة في القضية عن طريق صكوك وهمية تمت من خلالها سرقة اكثر من ثلاثة تريليونات دينار عراقي من الأمانات الضريبة
ومن ثم أطلق سراحه لاحقًا، بعد إعلان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني استعادة خمسة بالمئة من المبلغ مقابل تعهد نور زهير بتسليم كامل المبالغ المسروقة خلال فترة قليلة ولكن في ليلة وضحها تحول المتهم الرئيسي في سرقة القرن إلى رجلا
فولاذي بجعبته الفارهة وساعته الثمينة وهو يتحدث عبر احدى القنوات التلفزويونة المعروفة بان ما حدث له هو ابتزاز من اجل الحصول على عمولات من تلك المبالغ ولم يكتفي بذلك فقد توعد بمحاسبة المشهرين به امام الإنتربول الدولي
وسط ذهول لدى المجتمع والقوة الوطنية من قوة نفوذ الفساد الذي بدأ يهدد ما تبقى من الطبقة النظيفة في عمق الدولة ، عندما يخرج واحد من مجموعة احد المتهمين المطلوبين قضائيا بسرقة أموال الدولة امام الرأي العام بحد ذاته تحول خطير في أدوات الفساد التي وصلت إلى صرخات اطلقتها
هيئة النزاهة بأنها مستضعفة امام وسائل الإعلام بسبب تضيق المتعاونين مع الفساد لغرض تفتيت ما تبقى من كنز مغارة سرقة القرن التي ضاعت في جيوب السارقين المتنفذين من السياسين والإعلامين
ولم يكتفي السراق بسرقة الأموال فحسب بل قام مع اشقائه الصوص بأفتعال فلما واقعيا تمثل بحادث سير في احد شوارع لبنان من اجل التنصل عن حضور للمحاكم المختصة في الموعد المحدد ، تمكن بعدها من التوجه إلى جهة مجهولة لم يعثر عليه لغاية الان رغم التحركات القضائية من اجل إصدار بحقه النشرة الحمراء في الإنتربول ، ودعوات نيابية من اجل اجراء محاكمة علينة للمتهمين
وما يثير التساؤلات والاستفهامات في عالم الحقائق هو لماذا يتم الإفراج عن متهم خطير مثل نور يعد حلقة الوصل مع باقي أفراد العصابة المتآمرة على سرقة قوت الشعب
ولازالت في بعض اذان العراقيين صوت رئيس الوزراء محمد شياع السوداني عندما وجه خطابا بتاريخ 27 / تشرين الثاني / 2022 بروح مليئة بالعزيمة ، قائلا أن الحكومة لن تستثني اي جهة متورطة في سرقة القرن والقاضي أطلق سراح المتهم بكفالة من اجل اعادة المبالغ المسروقة في غضون اسبوعين ” ومضى على هذا الخطاب سنتين فلما نسترد الأموال ولم نقبض على نواة من خلاية الاربعون حراميا
وعلى الرغم من جميع هذه التداعيات تبقى هذه القضية بمثابة القشة التي قسمت ظهر مؤسسات الدولة التي بان فيها الفساد متجذرا يسري بأذرع أخطبوطية واضحة المعالم المجردة تقييد وتحجم وتقلص حركة المراهنين على كشف الحقيقة التي بدأت تتبخر مثل الماء المغلي في قدر الطعام