تمارس الجماعات والأحزاب الموالية لإيران “لعبة مزدوجة” ويبدو أن المتغيرات الداخلية أثرت بشكل كبير في قوة الفصائل الولائية
لا يبدو تأثير سلاح الميليشيات الموالية لإيران في المشهد السياسي العراقي في طريقه إلى الانحسار، الأمر الذي يثير العديد من التساؤلات حول جدوى الانتخابات في البلاد، وما إذا كانت الأدوات السياسية ستحسم خيارات تشكيل الحكومة المقبلة أم أن السلاح المتفلت سيعيد فرض معادلة التوافق والبيوتات الطائفية من جديد؟
ولعل ما جرى على الساحة العراقية، خلال الأيام القليلة الماضية، يعطي انطباعاً بأن سلاح الميليشيات لا يزال أكثر فاعلية من عدد مقاعد البرلمان والخيارات السياسية، إذ لا تكتفي الجماعات الولائية الخاسرة في الانتخابات التشريعية بتقديم الطعون، بل تتخذ من التلويح بالتصعيد وسيلة للوصول إلى تسوية مرضية، بحسب مراقبين.
وعلى الرغم من إعلان الإطار التنسيقي للقوى الشيعية، الذي يضم معظم التيارات السياسية ذات الأجنحة المسلحة الموالية لإيران، رفضه نتائج الانتخابات، فإن الأجواء السياسية خلال الأيام الماضية تشير إلى إمكانية قبول تلك الأطراف بتسوية تعيد المشهد السياسي إلى حالة التوافق مرة أخرى.
وتلعب الجماعات والأحزاب الموالية لإيران “لعبة مزدوجة”، إذ إنها بالتزامن مع دعواتها التصعيدية احتجاجاً على خسارتها في الانتخابات، مستمرة بالحديث عن وصول تحالفاتها إلى أعداد يصفها مراقبون بـ”المبالغ بها”.
وتشير الأجواء السياسية في البلاد إلى احتمال إرضاء الأطراف المسلحة من خلال إعطائها مساحة فاعلة في مفاوضات تشكيل الحكومة المقبلة، إلا أن مراقبين يستبعدون إمكانية العودة إلى هذا السيناريو مرة أخرى، خصوصاً مع عدم قدرة تلك الجماعات المسلحة على التصعيد أمنياً بالتزامن مع المفاوضات الإيرانية الجارية في المنطقة.
ويرى منقذ داغر، مدير منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مؤسسة “غالوب الدولية للأبحاث”، أن التحولات الكبيرة التي طرأت على البيئة العراقية والفاعلين الخارجيين “صعّبت احتمال العودة للاحتكام إلى السلاح لحسم المشهد السياسي في العراق”.
ويبدو أن القوى الدولية والإقليمية الفاعلة في المشهد السياسي العراقي تضع مسألة الميليشيات الإيرانية في أعلى سلم أولوياتها خلال الحوارات الإيرانية السعودية الأميركية. ويشير داغر إلى أن هذا الأمر، “يدفع طهران للتفكير في العودة إلى القوة الناعمة في إدارة مشهد نفوذها في المنطقة”. ويضيف أن ما يجري على الساحة العراقية من تلويح بالتصعيد من قبل الميليشيات الولائية يرتبط بـ”محاولات التغطية إعلامياً على تضاؤل تأثير السلاح على المشهد السياسي في البلاد”.
لا يتوقف فقدان الميليشيات قوتها في البلاد عند حدود تغيير الاستراتيجية الإيرانية، إذ يبدو أن المتغيرات الداخلية التي حدث خلال السنة الماضية أثرت بشكل كبير على قوة الفصائل الولائية داخل هيئة “الحشد الشعبي”، وأبرزها انسحاب ألوية المرجعية الدينية من الهيئة، ما مثّل ضربة قوّضت القوة العسكرية للولائيين في العراق.
ولفت داغر إلى أن كل تلك المتغيرات، بالإضافة إلى التحولات النوعية في القوات العسكرية العراقية، “قللت من تأثير تهديدات الميليشيات الموالية لإيران، الأمر الذي بدا واضحاً في آخر مواجهة بين الطرفين في مايو (أيار) الماضي، بعد محاولة الحشد الشعبي اقتحام المنطقة الخضراء بعد اعتقال القيادي في الحشد قاسم مصلح”، ولعل “إدراك الموالين لإيران بتأثير الانتخابات والمقاعد البرلمانية في المرحلة الحالية”، دفعهم إلى “استخدام كل وسائل التصعيد للوصول إلى تسوية تعيد ترتيب موازين القوى لصالحهم في البرلمان الحالي”. وختم بداغر أن كل تلك القوى التي تلوّح بالتصعيد “سترضخ في النهاية للأمر الواقع”.
وتظاهر العشرات في عدد من المدن العراقية بعد ساعات من إعلان النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية المبكرة، وقاموا بإحراق الإطارات في بعض المناطق في محافظتي البصرة وواسط.
وتأتي تلك التظاهرات إثر بيان لما تسمى “هيئة المقاومة العراقية” قالت فيه إن “من حق العراقيين الخروج احتجاجاً على كل من ظلمهم، ورفض الإذعان الى مطالبهم، وصادر حقهم، وعليه نحذر تحذيراً شديداً من أن أي محاولة اعتداء أو مساس بكرامة أبناء شعبنا في الدفاع عن حقوقهم، وحفظ حشدهم المقدس، فضلاً عن إخراج القوات الأجنبية من بلدهم، فإنها ستواجه برجال قلوبهم كَزُبَرِ الحديدِ، وقد خبرتهم سوحُ القتال، ولاتَ حين مندم”.
ولم يتوقف التصعيد الذي تشنه الجماعات الموالية لإيران عند حدود التظاهر أو رفض نتائج الانتخابات، إذ كان المسؤول العسكري لميليشيات كتائب “حزب الله”، قد طالب في بيان، في 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، بمحاكمة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، متهماً إياه بـ”الخيانة الكبرى التي ارتكبها بالتواطؤ مع الأعداء لتزوير الانتخابات”.
وكان “الإطار التنسيقي الشيعي” الذي يضم معظم القوى الموالية لإيران قد أعلن رفضه نتائج الانتخابات النهائية قبل ساعات من صدورها رسمياً.
وفي وقت تتباين فيه آراء المراقبين في شأن تأثير تهديدات القوى الموالية لإيران على الساحة العراقية، إلا أن الانسداد السياسي ربما يكون حاضراً خلال الفترة المقبلة، الأمر الذي قد يدفع الفاعلين السياسيين إلى العودة للتسويات التوافقية من جديد.
ويعتقد رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، أن “اعتراض القوى المسلحة على الخسارة التي لحقت بها في الانتخابات تتسيد المشهد الحالي، الأمر الذي يعني استمرار تحكم السلاح على الرغم من وجود الانتخابات”.
ويبدو أن تهديدات القوى المسلحة الموالية لإيران تندرج ضمن محاولات إحداث “انسداد سياسي كبير والتلويح بتهديد السلم الأهلي”. ويشير الشمري إلى أن كل هذه التحركات تهدف إلى “تصفير معادلة الأرقام والعودة إلى سيناريو التوافق والبيوتات الطائفية”.
وعلى الرغم من استبعاده تفاقم الأزمة والوصول إلى مواجهة مفتوحة، يعتقد الشمري أن الاحتكاكات ربما تكون حاضرة خلال الفترة المقبلة، “للوصول إلى تسوية تضمن عدم كسر معادلة المحاصصة السائدة منذ عام 2003”.
وعلى الرغم من كل وسائل التصعيد التي تنتهجها الجماعات الموالية لإيران، فإن تأثيرها لا يبدو واضحاً على حراك التيار الصدري حتى الآن، وقال رئيس “الكتلة الصدرية”، حسن العذاري، في تغريدة على “تويتر”، “المفاوضات تسير نحو الأمام بأجواء هادئة”.
في المقابل، قال الصحافي العراقي، أحمد حسين، إن ما جرى في البلاد خلال الأيام القليلة الماضية “يرجح معادلة السلاح على حسابات الأرقام”، و”على الرغم من وجود ثلاثة أطراف تمتلك ما يؤهلها للحصول على الأغلبية في البرلمان العراقي، فإنها تبدو مضطرة للاتجاه نحو حكومة تسوية، لأن الخاسر طرف مسلح”، مبيناً أن سيادة السلاح مثلت “أحد أبرز دوافع مقاطعة الانتخابات”.
وأشار حسين إلى أن الهدف الرئيس من تلويح حلفاء طهران بالسلاح “الوصول إلى تسوية مرضية لحلفاء إيران، سواء في ما يتعلق بحسم منصب رئاسة الوزراء أو الحصص الوزارية وما دونها من الدرجات الخاصة”.
وفي ما يتعلق بإمكانية أن تصدّر طهران رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي كواجهة جديدة لنفوذها في العراق، يعتقد حسين أن “إيران كانت تساند الدفع باسم المالكي قبيل الانتخابات، وتصدّره كبديل عن قادة الأطراف السياسية ذات الأجنحة المسلحة كهادي العامري وقيس الخزعلي بعد خسارة أسهمهم بشكل كبير بعد حكومتي عبدالمهدي والكاظمي، والمجازر التي حصلت بحق المحتجين والناشطين العراقيين”، وعلى الرغم من استبعاده إمكانية وصول المالكي إلى رئاسة الوزراء من جديد، يبين حسين أن الأخير يمثّل “ورقة ضغط يمكن لطهران أن تلعبها في وجه التيار الصدري والقوى الجديدة”.
نائب عن الفتح: نمثل الجانب السياسي.. و ’فصائل المقاومة’ تمثل العسكري
قال النائب عن تحالف الفتح احمد الاسدي، ان تحالفه يمثل الجانب السياسي لفصائل المقاومة، ودور الفصائل هو دور عسكري، فيما عد نتائج الحوار الاستراتيجي بالإنجاز الوطني إذا تم تطبيقها.
وذكر الاسدي، انه “إذا تم تطبيق نتائج الحوار الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن، سيكون انجازاً وطنياً”، مؤكداً انه “لا نؤمن بتحويل القوات من قتالية الى مستشارين، ما نعرفه هو انسحاب القوات القتالية نهاية عام 2021”.
وأضاف انه “لا مانع لدينا من الاستعانة بالخبراء العسكريين، وفق القانون العراقي، لكن لا يمكن ان يتم تغيير مسمى القوات القتالية الى مستشارين”، موضحاً ان “آلية انسحاب القوات الأميركية، ستكون وفق لجنة شكلت في العراق، ستتابع آلية خروج القوات”.
وأكد الأسدي “نثق بالمفاوض العراقي وما نقله لنا من الحوار الاستراتيجي”.
وشدد الاسدي انه “لن يكون أي تواجد لقوات قتالية أمريكية في نهاية عام 2021″، لافتاً الى ان “الفتح يتفهم تخوف الكرد والسنة من الانسحاب الأمريكي”.
وبين إن “الاتفاق الأميركي- العراقي ينص على عدم وجود لقوات قتالية أمريكية وهذا ينطبق على قاعدة الحرير في كردستان وسيلتزم به الكرد لأنهم شركاؤنا في العملية السياسية ولدينا تفاهمات معهم بهذا الشأن”، مضيفاً ان “خروج القوات الامريكية من اهم أهدافه هو تقليل هيمنة واشنطن”.
وتابع الأسدي ان “فصائل المقاومة عبرت عن وجهة نظرها ووضعت جملة من المطالب بشأن نتائج الاتفاق الاستراتيجي”، موضحاً “نحن نمثل الجانب السياسي وفصائل المقاومة تمثل الجانب العسكري، وفق تعدد أدوار ووحدة هدف”.
لم تتمكن الجحافل الأميركية طيلة سنوات احتلال العراق التسع من تحقيق ما حلم به مسؤولو البيت الأبيض.. لا قاعدة عسكرية أميركية في العراق، ولا نفوذ الجنرالات سيكون له محل في البلاد بعد اليوم!
لم تتمكن الجحافل الأميركية طيلة سنوات احتلال العراق التسع من تحقيق ما حلم به مسؤولو البيت الأبيض.. لا قاعدة عسكرية أميركية في العراق، ولا نفوذ الجنرالات سيكون له محل في البلاد بعد اليوم! هكذا بددت المقاومة العراقية أوهام مسؤولي بلاد العم سام وكل من عول عليهم، وعرّت جنرالاتهم لتثبت أن المارد الأميركي لم يكن سوى نمر من ورق.
حفلت السنوات التسع من الاحتلال الأميركي للعراق بالأحداث الدامية مما حدا بالعراقيين إلى انتهاج أساليب المقاومة المختلفة العسكرية منها والسياسية، لتعيد المقاومة العراقية رسم الصورة المشرقة عن صمود الشعب العراقي.
برزت على الساحة العراقية عدة فصائل مسلحة، والتي وعلى اختلاف خطابها إلا أنها أجمعت أن هدفها هو دحر الاحتلال وطرده من العراق، أبرز وأهم هذه الفصائل كان:
لواء اليوم الموعود، وهو الفصيل العسكري التابع للتيار الصدري ويعتبر من أبرز وأهم فصائل المقاومة التي ظهرت على الساحة العراقية، ويقدم نفسه على أنه تيار اسلامي عراقي يتبني الجهاد كوسيلة للاصلاح والتغيير في ظل وجود الاحتلال. ويعتبر أن آلية جهاده وأهدافها وتوقيتها تحدده عوامل متعلقة بالمصلحة الاسلامية والوطنية.
عصائب أهل الحق، ويعتبر الفصيل العسكري لتنظيم (المقاومة الاسلامية-أهل الحق)، وهي مجموعة انشقت عام 2004 عن التيار الصدري بسبب اختلاف حول طريقة عمل التنظيم، وبدأت بالعمل كمجموعات سرية مقاومة للإحتلال الأميركي.
كتائب ثورة العشرين، تؤمن بأن أي أرض محتلة لا تعود إلا بالمقاومة العسكرية، وتعتبر أن اي انصراف عن هذا الطريق فيه مصلحة للعدو، لذا فهي رفضت الانخراط في العملية السياسية واتخذت من الخيار العسكري خياراً وحيداً لمقاومة الاحتلال الأجنبي في العراق.
كتائب حزب الله-العراق، وتقول هذه الكتائب أنها منذ اليوم الأول لاحتلال العراق آمنت بالخيار العسكري كحل أنجع لطرد المحتل، وما انفكت تذيقه الضربات الموجعة، الا أن عدم اعلانها عن هذه العمليات كان لصالح الاحتلال. تميّز هذه الفصائل ما بين العمليات الارهابية والجهادية ولهذا فهي تؤكد أن عملياتها لا تستهدف إلا القوات الأجنبية المتواجدة في العراق.
ويعتبر محمد رضا الخفاجي، النائب عن كتلة الأحرار في البرلمان العراقي، أن التيار الصدري كان في طليعة الحركات السياسية التي حاربت الاحتلال وناهضت المشروع الصهيو-أميركي ليس في العراق فحسب بل في المنطقة كلها.
وذكّر الخفاجي أن عناصر التيار الصدري كانوا في طليعة المتصدين للاحتلال، مشيراً إلى أن السيد مقتدى الصدر حمل لواء المقاومة منذ العام 2003، وكان من أوائل من نادوا وطالبوا بخروج المحتل الأجنبي من العراق، مضيفاً بأن التيار الصدري قاوم حتى أجبر الولايات المتحدة الأميركية على الاعتراف بالمقاومة العراقية.
وفي حديثه لموقع المنار، اعتبر الخفاجي أن عمل المقاومة لم يكن لينجح لولا التنسيق والتكامل، مشيراً الى أن التيار الصدري لم يكن يتوقف عند بعض الانشقاقات التي خرجت من صفوفه طالما أن العنوان والهدف هو دحرالاحتلال.
وأكد أن مطلب انسحاب الاحتلال كان مطلباً جامعاً لكل العراقيين، وأنه ابان معارك النجف التي خيضت بين الاحتلال الأميركي وعناصر التيار الصدري وقف السنة جنباً إلى جنب مع الصدريين وقاتلوا دفاعاً عن النجف الأشرف.
بدوره تحدث الشيخ عمار الدلفي، مسؤول العلاقات الخارجية للمقاومة الاسلامية – أهل الحق، لموقع المنار مؤكداً ما ذكره الخفاجي عن وقوف العراقيين جنباً إلى جنب ضد الأميركي في أكثر من معركة قائلاً: “عام 2004 قاتل اخواننا السنة دفاعاً عن النجف، وفي معارك الفلوجة عصائب أهل الحق قاتلت إلى جانب اخواننا هناك.”
وأضاف أن العصائب انشقت عن التيار الصدري عام 2004 بسبب اختلاف وجهات النظر حول طريقة عمل التنظيم وخيار العمل المؤسساتي، إلا أن مسألة مقاتلة الجيش الأميركي لم تكن محل خلاف، بل كانت الهدف الأساس للمقاومة الاسلامية-أهل الحق، مضيفاً ” نشطت عملياتنا في أماكن الوسط والجنوب، وكنا لا نستهدف من وراء هذه العمليات الا الجنود الأجانب.. وكثيرا من عملياتنا ألغيت بسبب توخينا عدم سقوط مدنيين.”
وأوضح أن المقاومة الاسلامية-أهل الحق رفضت الانخراط في العملية السياسية، ولكن في الوقت نفسه تثمن جهود الحكومة وتعترف بأنها مارست مقاومة سياسية.
وكشف أنه بعد احدى العمليات النوعية لعصائب أهل الحق في كربلاء، تدخل مستشار رئيس الحكومة العراقية سامي العسكري ليكون وسيطاً ما بين المقاومة من جهة والقوات الأجنبية من جهة أخرى، ما أدى الى خروج 220 معتقل في السجون مقابل افراج المقاومة عن 4 جنود بريطانيين.
وأردف الدلفي بأنه كان للحكومة العراقية مواقف بارزة ساهمت في خروج الأسرى ووقف اطلاق النار في أكثر من مكان أبرزهم في المدينة الخضراء، مشيراً إلى مواقف كثيرة تبناها البرلمان قطعت الطريق على صفقات وأطماع أميركية.
وفي حين يرى د. عبد العزيز التميمي، مستشار رئيس الحكومة العراقية الأسبق ابراهيم الجعفري، أنه يسجل للتيار الصدري أنه نادى بخروج القوات الأجنبية من العراق منذ العام 2003، يعتبر أنه يسجل أيضاً لحزب الدعوة أنه كان في طليعة المقاومة السياسية، خصوصاً وأن قياديي الحزب لم يدخلوا إلى العراق على ظهر الدبابة الأميركية ولم يشاركوا في المؤتمرات التي عقدت في لندن ولا التي عقدت في صلاح الدين ولا في الناصرية ولا في بغداد للتمهيد لدخول القوات المتعددة الجنسيات إلى العراق.
وفي حديث خاص لموقع المنار أوضح د. التميمي ان حزب الدعوة دخل الحياة السياسة بعد ان بات الاحتلال أمراً واقعاً، ولقناعته أن بامكانه تحقيق شيء ما عن طريق العملية السياسية، وأضاف دخلنا في مجلس الحكم ومن ثم تصدرنا رئاستي الوزراء الأولى والثانية.
وتحدث عن المقاومة السياسية موضحاً أن الناس لا تعلم ما يجري عادة خلف الكواليس من نقاشات ومطاحنات حول قرارات واتفاقيات، لافتاً أن الناس تعلم ما يخرج إلى العلن من مقررات ولكن كيف نوقشت وصيغت وماذا عدل فيها فهذا يبقى خلف الكواليس، لافتاً إلى أن الحكومة العراقية قدمت اروع الصور عن المقاومة السياسية سواء في الاتفاقية الأمنية عام 2008 أو فيما يتعلق بمنع منح اي حصانة للجنود والمدربين الأميركيين بعد خروج الاحتلال.
ومن ناحيته، يعتبر د. عامر الخزاعي ، أن في السنوات الماضية كان هناك تكامل غير مقصود بين ما تؤديه المقاومة السياسية وبين جهود المقاومة العسكرية.
ويستعرض في حديثه لموقع المنار صور المقاومة السياسية التي مورست منذ دخول الأميركيين إلى العراق، معتبراً أنه كان هناك حالة تفاوض مستمر ما بين الحكومة والأميركيين، ساهمت في قطع الطريق على الأطماع الأميركية.
ولفت إلى أن ما ساهم في نجاح الطرف العراقي في هذه المفاوضات، هو استغلاله للظروف الداخلية التي كانت تمر بها الولايات المتحدة، كالخلاف ما بين الجمهوريين والديمقراطيين على حرب العراق، بالاضافة إلى وقوف المجتمع العراقي خلف الحكومة ودعمه لخروج القوات الأجنبية.
وقال د. الخزاعي تحول العراقيون منذ اليوم الأول لغزو العراق من معارضين لنظام صدام حسين إلى مقاومين في السياسة، “دخلنا في مجلس الحكم وكان المطلب الأميركي يومها أن يبقى مجلس الحكم في العراق شرط أن يكون تحت إمرة حاكم عسكري أميركي”.
وتابع: رفضنا ذلك ومن ثم فرضنا اجراء انتخابات ديمقراطية وتشكيل الحكومة، اشترط الأميركيون عندها ان يتم تعيين وزراء أميركيين داخل الحكومة، تصدينا لذلك وتخطيناه ومن ثم عملنا على وضع دستور جديد للبلاد.
ووصف الخزاعي المقاومة السياسية بأنها عبارة عن مواقف وخطط ومفاوضات، اثبتت السنوات الماضية أن الحكومة العراقية أجادتها، معتبراً أن ذلك تجلى في الاتفاقية الأمنية التي وقعت عام 2008، واشترطت أن لا يشارك الأميركيون في أي عملية أمنية داخلية، وأن تقتصر مساعدتهم على النصح والمشورة، لا على مستوى التنفيذ.
ورغم تواضع امكانياتها، فقد تمكنت المقاومة العراقية بشقيها العسكري والسياسي من كسر هيبة الجيش الأميركي في العراق، بحسب الأرقام الرسمية فقد خسرت الولايات المتحدة 4474 قتيلا و33 ألف جريح وتكبدت ما قيمته تريليون دولار على حرب فاشلة حتى بمقاييس الغربيين، كما استطاع الساسة العراقيون أن يفرضوا انسحاباً بصيغة عراقية لا تضمن نفوذاً أو حصانة أو مكتسبات لأميركا.
وقد وصف انطوني كوردسمان، الخبير العسكري بمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن، الانسحاب الأميركي بأنه “لا يشكل إعلان نصر أميركي في الحرب التي شنتها على العراق في عام 2003 وإنما يشكل نهاية لحرب باهظة التكاليف من الناحية الإستراتيجية.”
ويدلل كوردسمان على الهزيمة التي منيت بها الولايات المتحدة الأميركية، موضحاً بأن بلاده أخفقت في التفاوض مع العراقيين على اتفاقية استراتيجية فعالة تخدم أهداف الإستراتيجية الأميركية في المنطقة، مضيفاً بأنها أخفقت في الحد من امتداد النفوذ الإيراني واصفاً ذلك بـ “الخطأ الاستراتيجي الفادح”، مشيراً أن الولايات المتحدة الأميركية فشلت في تشكيل قوة أميركية متقدمة تمكنها من وضع خطة إستراتيجية للتعاون مع دول الخليج العربية ضد إيران.
وفي تقييمه للحرب الأميركية على العراق استعار مايكل أوهانلون، كبير الباحثين بمركز دراسات السياسة الخارجية بمعهد بروكنجز في واشنطن، المقولة الشهير ونستون تشرشل: “من النادر في التاريخ البشري أن حدث هذا الكم الهائل من التضحيات الغالية والنفيسة لتحقيق ذلك القدر الهزيل من النتائج”.
وقال أوهانلون بأن الادارة الأميركية لم تحقق نصرا عسكريا ولم تنجز أهدافا إستراتيجية من حرب كلفتها آلاف القتلى والجرحى وخلفت مئات الآلاف من القتلى والجرحى العراقيين.
بدوره اعتبر البروفيسور آندرو باكيفتش أستاذ العلاقات الدولية والتاريخ بجامعة بوسطن بالولايات المتحدة أنه بعد قرابة تسعة أعوام من بداية الحرب التي شنها جورج بوش الابن على العراق ووعده بنصر سريع أسدل خلفه باراك أوباما الستار على حرب كلفت الغالي والنفيس لتظهر للعالم أجمع القدرات المحدودة للقوة الأمريكية، بعد ان كان الهدف من هذه الحرب أن تظهر الولايات المتحدة لعالم ما بعد هجمات سبتمبر أن القوة العسكرية الأمريكية هي التي ستحدد النغمة التي سيسير التاريخ على هداها وكان نظام صدام حسين الهش هدفا مثاليا لإثبات ذلك من وجهة نظر بوش الابن لتحقيق نصر سريع وحصد النتائج وإثبات اليد الطولي للقوة العسكرية الأمريكية.
هكذا في العراق قاوم الساسة وقاتل العسكر فالتحم الموقف بالسلاح، ليقطع الطريق على محتل لم يجد إلا الليل ستاراً لهزيمة كانت تستحق أن تسلط كل الأضواء عليها لتعري ساسة لطالما كان الاستكبار أبرز سماتهم.
ودعت الهيئة التنسيقية لفصائل “المقاومة العراقية” ، الى انسحاب كامل للقوات الامريكية من جميع العراق، مؤكدة أن المدرببن الامريكيين ومعهم قوات التحالف الدولي أثبتوا فشلاً ذريعا وبالتجربة في العراق.
وجاء في بيان للهيئة، أن “الثبات في الموقف والنهج هو ما رسخت عليه تنسيقية المقاومة العراقية وتتبنى حيثياته ومنها ما يخص المفاوضات الجارية بين الحكومة العراقية والولايات المتحدة، وما يتعلق بسحب قواتها وانهائها لاحتلال أرضنا وسمائنا وخروجها من العراق، وهنا نؤكد على شروط المقاومة والتي لن تسمح بوجود اي جندي على ارض عراقنا الحبيب وبأي صفة كانت وتحت اي ذريعة او اصطناع مشروعية وتدليس لذلك التواجد بعنوانات شتى (مدربين ومستشارين أو كداعم وساند جوي) لذر الرماد في العيون ، وهي التي لا تغير في المعادلة شيء”.
وأضاف أن “ديمومة وجوده بشتى الحجج ما هو الا وسيلة لِتحقيق مصالحه الخبيثة في بلدنا العزيز، وفي ظل الظروف والمجريات القائمة نؤكد للشعب والمعنيين بهذا الملف خصوصاً، موقفنا توضيحاً لِما يُساق من تزييف وتحريف للحقائق والتسويفات الواهية لإضفاء المشروعية لهذا التواجد القاتل والمنتهك والمتغطرس وفق الشواهد الاتية”.
واعتبرت الهيئة أن “المدرببن الامريكيين ومعهم قوات التحالف الدولي أثبتوا فشلاً ذريعا وبالتجربة في العراق على مدى عشر سنوات كانت نتيجته انهيار كل المؤسسة الأمنية والعسكرية حصل في سنة 2014، واذا اضفنا اليها التجربة الافغانية التي امتدت على مدى 20 عاماً من التدريب وما نشاهده اليوم من انهيار وتفكك المنظومة الامنية، هذه كلها وقائع تدحض كل المتقولين بحجية المدربين كمسوغ لهذا الوجود المقيت”.
وتابعت أن “القوات العراقية لم تعتمد على هؤلاء المدربين والمستشارين في اثناء قتالها لداعش والانتصار عليه، وما يعزز هذا الواقع أن عدم وجودهم طيلة المدة التي صاحبت تفشي جائحة كورونا لم يؤثر بأي شكل من الاشكال على اداء القوات العراقية، بل على العكس ويعرف المراقبين جيداً ان تدخل القوات الاجنبية في الملف الامني دائما ما يصاحبه الخروقات والانتعاش لمجاميع داعش، في دور تجسسي مشبوه على عمل المؤسسات الامنية بات غير خفياً”.
ولفت البيان الى أن “المجال الذي يعمل به المستشارون الامريكيون لا يخرج عن متطلبات امنهم القومي والعمل لأجله وان تسبب بنتائج كارثية على بقية الشعوب، وهم يستغلون مفاصل الاجهزة الامنية العراقية لتحقيق ذلك، اما العراق وشعبه لا يعني لهم شيئاً امام هذا الهدف، وما وجدناه من تواطئ مع العصابات الاجرامية في اكثر من مرحلة زمنية واضح المعالم للوصول الى مآربهم الخبيثة”.
وشدد البيان على أن “المهمة الاساس لسلاح الجو الامريكي في العراق هي الدفاع عن امن الكيان الصهيوني، والنفوذ وعرقلة اداء الاجهزة الامنية العراقية، والتجسس على فصائل المقاومة ورصد تحركاتها، وتقييد وتحييد الحشد الشعبي عن مهامه المتعددة بل واستهدافه بنحو اجرامي باحيان كثيرة”.
واشار البيان الى أن “انسحاب القوات المحتلة لكي يكون حقيقيا يجب ان يكون انسحابا كاملا من كل الاراضي العراقية سواء في وسط العراق او جنوبه او شماله، وكذلك يجب أن يشمل كلا من قاعدة عين الاسد الجوية وقاعدة الحرير الجوية، وهذا يعني عدم بقاء اي نوع من أنواع الطائرات سواء كانت المقاتلة أو المروحية أو المسيرة، ويشمل كذلك قاعدة فكتوريا في مطار بغداد وقاعدة التوحيد الثالثة في المنطقة الخضراء”.
وأكد البيان “عدم السماح لأي طيران عسكري امريكي (مقاتل أو مروحي أو مسير) بالتحليق فوق السماء العراقية، والاعتماد على الطيران المقاتل الموجود في القوة الجوية العراقية والطيران المروحي في طيران الجيش والطيران المسير للحشد الشعبي”، مشدداً بالقول “كما هو معلوم فإن هذه القدرات العراقية كافية تماما، بل فيها زيادة على تهديد داعش والذي بتوفيق الله وبوجود القدرة والامكانية للقوات العراقية بكافة صنوفها لم يعد يشكل تهديدا عسكريا يسيطر على مساحات واسعة من أرض العراق ينطلق منها للهجوم على أراضي أخرى وانما انكمش ليختبئ في مناطق غير معلنة مشكلا تهديدا أمنيا محدودا يحتاج إلى المعلومات الاستخبارية والعمليات الاستباقية أكثر مما يحتاج إلى الضربات الجوية، مضافا إلى أن هذا هو الحل الصحيح في التوجه للاعتماد على القدرات الذاتية العراقية وعدم بقاء العراق رهيناً للقوى الأجنبية”.
كما أكد البيان أن “التواجد الأجنبي يجب أن يشمل كلا من التواجد بعنوان التحالف الدولي أو قوات الناتو فلا فرق بينهما فلن نوافق على خفض التواجد الاجنبي بعنوان التحالف الدولي وزيادته بعنوان قوات الناتو، وما يتم من محاولة للأمريكيين الدخول منه وزيادة اعدادهم بذريعة حمايات ومعاونين وما شاكل ويكون الحال شرعنة وجودهم بصورة اخرى وليس اخراجهم”.
ودعا البيان الى “ضرورة تشكيل لجنة برلمانية بموافقة صريحة وخطية من رئيس الحكومة لها صلاحية التفتيش للتأكد من تحقق النقاط أعلاه، وهذا يشمل صلاحية الدخول المفاجئ وبدون موافقات مسبقة لاي معسكر موجود على الارض العراقية وكذلك استحصال المعلومات التي تخص العدد الموجود من القوات الأجنبية واختصاصاتها وكذلك صلاحية التأكد من انطباق الاعداد والاختصاصات مع الواقع الموجود، وكذلك صلاحية التاكد من احترام السيادة في السماء العراقية وعدم وجود الطيران الاجنبي بانواعه في السماء العراقية”.
وأضاف البيان “لا بد أن تكون الموافقة على الانسحاب الأمريكي بالشكل الذي ذكرناه صادرة من الطرف الامريكي أيضا وليس من الطرف العراقي فقط كما حصل في التفاوض السابق لانه وكما هو معلوم أن الأمريكيين مخادعون ولا التزام لهم بما يتفقون عليه في الغرف السرية ولا بما يقوله الآخرون على لسانهم”.
وتابع “رغم اننا نعتقد بعدم مصداقية الطرف الامريكي في الانسحاب من أرض العراق وان الموضوع لن يعدو محاولة تغيير عبارات وعناوين ولافتات بدون ان يكون هناك أي انسحاب حقيقي للقوات الامريكية من القواعد الجوية والطائرات الحربية والمروحية والمسيرة، ولن يكون هناك احترام السيادة العراقية على السماء العراقية”.
واستدرك البيان بالقول “لكن على فرض التزام الطرف الامريكي بالانسحاب الحقيقي والالتزام بالنقاط أعلاه فان فصائل المقاومة ستعلن التزامها بما هو مطلوب منها، وأما بخلاف ذلك ستبقى المقاومة العراقية تتعامل مع أي وجود أجنبي عسكري سواء كان امريكيا او غيره على أنه احتلال وسنواصل قتاله بكل ما أوتينا من قوة حتى تطهير أرضنا المقدسة من رجس المحتلين وخبث المنافقين”.