18 ديسمبر، 2024 9:35 م

قالب: وعاء يمنح شكلا ما لما يوضع فيه , وأشكال القوالب متنوعة.
في بعض اللهجات يُسمى “كن الدجاج” “قولب”.
المقصود بالقولبة أن تصنع ما في الرؤوس وفقا لقوالب محددة تساهم في أخذها إلى حيث يريد صُناعها.
ويلعب الإعلام دوره في تأمين تشكيل الرؤوس , وتحويلها إلى أدوات لتأدية مهامه اللازمة للوصول للهدف المرسوم.
ومن المعروف أن الدماغ لديه مرونة ومطاوعة , وفي ذات الوقت قد يتحجر بسبب نيران العواطف والإنفعالات الهوجاء.
وعندما تقوم وسائل الإعلام بضخ الأخبار وتكرارها , وإقرانها بمشاهد مصورة ومفبركة , فأنها تضع الأدمغة في قوالبها المطلوبة وتسخرها لأغراضها.
البعض يسمي ذلك بتصنيع الآراء , والحقيقة أن معظم الناس لا تكلف نفسها تمحيص ما تسمع وتقرأ , وتتداوله وتتفاعل معه على أنه صحيح , ولهذا يكون للإشاعات ميادينها وأوساطها الناقلة.
فالميل البشري لتعطيل العقل ومنعه من العمل شديد الإلحاح , ومعظم الناس على درجة عالية من الإستعداد لذلك , فتراهم يندفعون نحو التبعية والخنوع في مرابض القطيع , فالمتبوع يتكفل بالأمر , وهم يدينون له بالسمع والطاعة.
وهذه الخصلة السلبية التي تتحرك داخل البشر أدركها الكثير من أصحاب العقائد والأديان , ووظفوها لتمرير تطلعاتهم المتنوعة , وغنموا بها أرباحا كبيرة , بعد أن صار الناس عبيدا لإرادتهم التي يطلقونها لتحريكهم وفقا لأهوائهم , بعد ضخهم بالمطلوب من الطاقات الإنفعالية اللازمة لتمرير اللعبة الإمتهانية.
وهكذا نجد أصحاب العقائد يجهِّلون أتباعهم , ويوهمونهم بأنهم الذين يعرفون , وعليهم أن يخنعوا ويتبعوا , وكل شيئ سيكون على ما يرام.
وعليه فلا يرتجى من رموز العقائد خيرا , وهذا يفسر شيوع الجهل والأمية في المجتمعات المتبنية لعقائد ما كالدينية والمذهبية وغيرها.
وستجدون حول كل مركز للتعبد آلاف الجهلة والأميين , الذين لا يُحَفَزون على التعلم , لأن المعرفة قوة ضد المستعبد لهم , ومن الأفضل قيادتهم كالقطيع الراتع.
فهل سنتمكن من تحرير العقول من أصفاد القولبة؟!!