18 ديسمبر، 2024 10:57 م

الرؤوس المغلولة!! الغلو: المبالغة

الرؤوس المغلولة!! الغلو: المبالغة

غلو في الدين: أي المغالاة والمشقة وتحميل النفس ما لا تطيق
المبالغة: تجاوز الحد في الشيئ أو الإفراط.
الغلو سلوك لا تقره البديهيات ولا الشرائع الدنيوية والسماوية , لكنه يتأكد في التفاعلات البشرية على مر العصور , ويتسبب بتداعيات خسرانية مروعة , خصوصا عندما يتصل بفكرة ما , دينية , حزبية أوغيرها , إذ يبدو المغلولون بها وكأنهم قد تمترسوا وتدرعوا , وتوهموا بأن الحياة ملكهم والحقيقة المطلقة غنيمتهم , وعليهم إبادة كل تقاطع او تعارض مع ما يرونه ويتوهمون به من رؤى وتصورات.
والغلو بحد ذاته نوع من الوهم المرضي الشديد الفتاك , الذي لا يقبل المواجهة والتفاعل والأخذ والرد , فالواهم متخندق في أوهامه , ومتعتق في بودقتها الظلماء , ولا يمكنه التحرر من سطوتها وإعمال العقل فيها , لأنها قد هيمنت وتجسمت وتجسدت وتسلطت على وعيه وتجذرت في كيانه.
فهو يرى نفسه إلها , أو رسولا أو قوة ما , ذات رسالة معينة عليها أن تؤديها وتحققها , بعيدا عن الواقع الذي يتحرك فيه , لأن الواقع الوهمي هو ساحة تفاعلاته.
وهكذا هو الغلو الفكري والعقائدي والأيديولوجي , الذي يدمر الوجود البشري ويعيق التفاعلات الإنسانية.
ومن الصعب الوصول إلى تفسير واضح لهذه الظاهرة المتكررة المتواصلة عند البشر , والتي تهب على الأرض وكأنها الأعاصير الشديدة , التي لا تبقي ولا تذر ثم تهدأ لتهب أخرى بعدها.
وقد شهد القرن العشرون العديد منها , والتي أدّت إلى تداعيات فتاكة في بقاع الأرض المختلفة , ولا تزال جنازيرها تدور في مجتمعات تمكنت منها الرؤوس المغلولة بالبهتان والضلال , الذي تحسبه دينا قويما!!
فهل من قدرة بشرية على وعي الغلو , والخروج من خنادقه إلى فضاءات الحياة الإنسانية الرحبة؟!!