23 ديسمبر، 2024 1:35 ص

الرأي الفقهي المُختلف….أنهى سلطة الدولة .. وأحلَ نظرية الأستبداد في التطبيق

الرأي الفقهي المُختلف….أنهى سلطة الدولة .. وأحلَ نظرية الأستبداد في التطبيق

الفقه : لغةً يقصد به الفهم ، واصطلاحاً ، هو العلم بالأحكام الشرعية عن أدلتها التفصيلية.

—————-

الفقه الاسلامي الموروث جاء ليعكس المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في مرحلة تاريخية معينة وكيفية معالجتها..ولم يعد صالحاً  اليوم  بعد ان اصبحت التكنولوجيا بديلا  عن الأراء الوهمية التي تتمسك بها مؤسسة الدين ..وحتى ان التفاسير الفقهية التي عكست لنا الارضية المعرفية للمرحلة التاريخية التي كتب فيها التفسير القرآني في القرون الهجرية الأولى، أعطت له صفة الالزام الديني ،لذا لم تكن صالحة اليوم لخضوعها لنظرية التاريخ المتغيرة .

ولكن يبدو انهم الى اليوم  يجهلون ان التفسير القرآني لا يحمل صفة الثبات والقدسية ، لأن الثبات يتعارض مع الصيرورة التاريخية عبر الزمن..والقدسية هي للنص القرآني فقط. ولا غير..وجعلوا لقرأءة القرآن عشرة قراءات مختلفة فزادوا الآيات من6213 الى 6236 ولا ندري من اين جاؤا بها في التدوين.

ان النظرية القرآنية تؤكد ان لا يوجد أنفصام بين اللغة والفكرالانساني ، ولا توجد آيات قرآنية غير قابلة للفهم كما يدعي بعض الفقهاء في الغيبيات،  فكلها آيات بينات مادية مدركة وغير مدركة حتى الحروف التي جاءت في اول السور كانت آيات تعبر عن واقع لم يدركه الفقهاء لجهلهم بلغة القرآن العميقة في ذلك الوقت المبكر لكونه يخضع للتأويل وليس للتفسير حسب... ولأن اللغة العربية لم تستكمل تجريداتها بعد ..لذا نرى ان الفهم للنص القرآني هو تاريخي نسبي مرحلي وليس فهما دائما كما يعتقدون وذلك .. لثبوت النص وتغير المحتوى.لأن الله رفع من مكانة العقل في التدبر كما في قوله تعالى: (لعلكم تعقلون) لذا فأننا ننطلق من ان:

لا يوجد تناقض بين الوحي والعقل.ولا يوجد تناقض بين الوحي والحقيقة…نظرية لم تبحث الى اليوم..لقلة مدركيها ، حين تركوا البحث عن الحقيقة ومدركات المستقبل ..وأتجهوا في .. بحوثهم الوهمية البعيدة عن المعرفة العلمية التي  تركزت في الوهميات .. الجنة والنار، وحور العين ، والولدان المخلدون ، والجنس وعذارى الجنة ، والسرر المتقابلة التي عليها يجلسون في الجنة الوهمية ، وهم مرفهون والى غيرها من تخريفات بعض فقهاء التفسير والحديث..وكأن الله ما خلق الدين وعباده الا ليفسقون ويتباهون في الجنس ..أما عذابات القبر وتخريفاتها وما يرى الميت قبل مماته فتلك مصيبة اخرى :كأنهم يرافقون ملائكة الموت قبل حلول الاجل .. ولا ندري من نقل لهم هذه الاحاديث عن الميتين بعد موتهم..بهذه العقليات الوهمية المتخلفة يريدوننا ان نبني دولة العلم والحقوق والقانون..

ان صدقية الخبرومعقولية التشريع يجب ان تكون متطابقة مع  الفهم الصحيح لا الخاطىءللنص المقدس، فهل سيفهم الفقهاء ورجال الدين هذه الحقيقة وهم يتربعون على عرش الرفاهية الأجتماعية والسلطة ؟ بعد أن مضى على التفسير عقودا طويلة اصبح بحاجة ماسة لاعادة نظر،لا بل لاسقاطه من عالم الحقيقة والدين بعد هذه الثورة التكنولوجية التي قلبت الموازين.. وفي غالبية افكارهم المعتمدة الآن والتي ساهمت في توقف التقدم الحضاري عند العرب والمسلمين ..لا بل  ان التوجه نحو الألحاد يزداد يوما بعد يوم..وخاصة في الجامعات والطبقة المثقفة لفقداهم االحجة والدليل لما تعرضه مؤسسة الدين..ولولا القمع والسيف لتغيرت الحالة الى ما لا يرضاه الدين .

لا شك ان العقل يحتل مكانة التكريم في النصوص القرآنية وليس في الاحاديث الوهمية التي نهى الرسول عن تداولها “لا تنقلوا عني غير القرآن” فالقرآن هو قراءة معاصرة للذكر، وليس تفسيرا أوكتاباً في الفقه ...لذا ليس من حق الفقهاء ان يفسروا القرآن على هواهم، ولكن من حق علماء التخصص ان يوؤلوا القرآن طبقاً لقوله تعالى:( وما يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم، آل عمران 7). والراسخون في العلم هم علماء التخصصات العلمية البحتة وليس الفقهاء الذين سرقوا كلمة العلماء وهم لا ينتمون اليها.. اما الايمان والألحاد كما يطرحها القرآن هي معاناة فكرية او قناعة وراثية اعتماداً على قوله تعالى:(وقل الحق من رَبكُم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر أنا أعتدنا للظالمين نارا، الكهف29).ولم يقل تعالى للكافرين نارا ،لان الظلم يرتكب من المسلم وغير المسلم، لذا فأن الفكر القرآني يحمل الطابع الانساني العالمي الشمولي وليس الفكر الديني المتزمت البحت..وبذلك فأن القرآن يرفض الأكراه في الدين ويرفض الحزبية والطائفية والعنصرية ، ويرفض فكرة المذهبية، فالمذاهب أجتهادات شخصية سلطوية اوليست واجبات دينية فرضية مُلزمة،لان الاعتماد على النص الفقهي يجعل النص القرآني في مؤخرة التأويل،وهذا منافٍ لما جاء في شمولية القرآن...نظرية اعتمدتها الدولتان الاموية والعباسية وكانت نهايتهما السقوط والخسران.

لا يمكن تحديد ازمة الفقه الاسلامي الا على ضوءالفهم الجديد للرسالة الآلهية وليس للنصية الفقهية المخترعة منهم ،لوضع أسس جديدة لهذا الفقه الميت المتخلف لتجعل منه فقهاً متطوراً مرناً منسجماً مع فطرة الناس وصالحاً لكل زمانٍ ومكان خاضعاً للتغييرالزمني،وهنا لابد من دراسة نظرية الحدود والآيات المحكمات والمتشابهات ومصطلح الذي بين يديه والسبع المثاني وثبوتية النص وحركة المحتوى وهو التشابه الذي يحتاج الى التأويل باستمرار..لذا فأن الرسول (ص) لم ياول القرآن بل أعطى للمسلمين مفاتيح عامة للفهم لتهديهم لكل ماهو جديد ونافع في القرآن الكريم ،لذا لا توجد آيات غير قابلة للفهمكما أسلفنا..وكما يدعي بعض المفسرين..وليس من حقهم استنباط تفاسير جديدة همها قتل حقوق المرأة والأيغال في المكاسب والجنس ..لتكون تشريعا جبرياً ناقصاً للمسلمين ..هنا توقفت أحكام  شريعة الدين.

ان الرسالة المحمدية جاءت لكل الناس وليس لبعضهم لقوله تعالى::(قل يا أيها الناس اني رسول الله أليكم جميعاً،الأعراف 158).ان أغفال هذه الخاصية عند الفقهاء وحصرها في المؤمنين من اتباع محمد(ص) ،جعل من التشريع الاسلامي تشريعاً متزمتاً متحجراً وحجب عنا السُنة النبوية ، فليس كل ما عمله الرسول او تصرف فيه يعتبر سنُة محددة لهم وانما تقتصر على الاحاديث القلة التي أتى بها عند الضرورة،أنطلاقاً من قوله(صً) عند دخوله مكة فاتحاً:( أيها الناس أتقوا الله ولا تكتبوا عني غير القرآن ومن كتب فليمحه ،،الرقائق حديث لمسلم رقم5326) وأنظر شرح النووي للحديث...أذن مفهوم السُنة الذي قدمه الفقهاء لنا مفهوم بحاجة الى مراجعة وتدقيق.

ان مفهوم السُنة مرتبط بهذه الشمولية التي تدعونا الى وضع مفهوم معاصر متجدد دائماً للشرع الاسلامي والسُنة النبوية،وبالتالي يجب وضع أسس جديدة للتشريع الاسلاميقائمة على نظرية الحدود كما جاءت في القرآن،وهي الحدود في التشريع،كحالة الحد الأدنى كما في آية المحارم، لقوله:(ولا تنكحوا ما نكح أباؤكم من النساء الاماقد سلف أنه كان فاحشة ومقتاً وساء سبيلا النساء 22،23). وحالة الحد الاعلى كما في نظرية العقوبات والقتل، لقوله:( من قتل نفساً بغير نفسٍ أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً المائدة 32).

وحالة الحد الادنى والاعلى معاً لقوله:( من يعصِِ الله ويتعدَ حدوده يدخله نارا خالداً فيها وله عذاب مهين،النساء 14). فهل سننتبه الى الفرصة التي ضيعها علينا التفسير الترادفي والتي أدت الى كل هذا الضعف العام في  الشريعة الاسلامية التي غدت غير قابلة للتطبيق العملي اليوم..لابل بدأت الناس تتحول الى ديانات اخرى والحاد مطبق للتخلص من فتاوى رجال الدين.، وحلول أزمة الفقه الاسلامي اليوم والتي سببها لنا فقه التزمت وأضاع علينا الاسلام ونهضته معاً. حينما حولوه من اسلام العقيدة الى اسلام العادات والتقاليد البالية..وهم من اشد الكافرين به كما نراهم اليوم كيف ينهبون الاموال ويقتلون البشر بلا قوانين  سوى التحجج بالاحاديث المصطنعة منهم وغيرها كثير.

يقول الحق:( فأقم وَجهَك للدين حنيفاً فطرتَ الله التي فطر الناسَ عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون،الروم 30)في هذا النص القرآني يتبين لنا ان الاسلام دين الفطرة وهو دين الحنيفية دين أبراهيم المتغير حسب الزمان والمكان وحسب الاحوال الاجتماعية والاقتصادية،وهو متطابق تماماً مع فطرة الناس والتي تحمل تشابهاً كبيراً مع قوانين الطبيعة. لقوله (لا تبديل لخلق الله). وان هذا الدين لهو الدين (القيم) اي صاحب السيطرة والقوة والديمومة،وأكد ان غالبية الناس لا تعرف هذه الحقيقة بأنه دين منسجم مع طبائعها ومع قوانين الطبيعة ولكل حقه في التصرف الحر (لكم دينكم ولي دين)،لذا يجب معرفتها من قبل علماء التأويل،وهنا تكمن حقيقة ازمة الفقه الاسلامي الذي يجهله الفقهاء وبقي عائما دون حَلٍ.

ان المرحلة الحالية تحتم علينا أمرين لا ثالث لهما،اما دين وشريعة فيهما الحل الامثل لحركة التغيير،واما علمانية متبعة كما عند الاخرين. أما أن نبقى بينَ بين فتلك مصيبتنا التي سوف لن نخرج منها الا بموتنا التدريجي كما ماتت أمُم من قبلنا كثير.

ان هذه الحقيقة أول من أكتشفها  وسلم بها في التاريخ هو النبي أبراهيم (ع). وبهذا كانت ميزته على الانبياء والمرسلين.أي أنه أكتشف الطبيعة الحنيفية(المتغيرة) وسلم بها بأعتباران كل شيء متغير ما عدا الله فهو حنيف...وأن تثبيت أي ظاهرة أنسانية في الوجود خارج هذه النظرية فهو شرك بالله.لذا تم ربط الحنيفية بالتوحيد بأتباعه مصطلح حنيفاً بقوله(وما كان من المشركين).،الانعام 161).فالتوحيد حدي في الاسلام.ويبدو ان ابراهيم قد أكتشفهذه الحنيفية(المتغيرة) قبل ان يأتيه الوحي،لقوله تعالى:( ولقد آتينا أبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين  الانبياء51) .

القرآن يؤكد على صدقية الديانتين اليهودية والمسيحية لكنه يؤكد ايضا أنهما ليس من الديانات الحنيفية كونهما يتصفان بصفة محدودية التطور،وأن الحنيفية انتقلت من ابراهيم الى محمد كدين عالمي شمولي،لقوله تعالى:( ما كان أبراهيم يهودياً  ولا نصرانيا ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين،آل عمران 67).ًوهذا يؤكد ان الديانة اليهودية والمسيحية كانت ديانات عينية وليست شمولية لقوله:(النفس بالنفس والعين بالعين،المائدة 45).

من هذا المنطلق يتنين لنا حقائق اساسية في الاسلام أخفاها الفقهاء على الناس وهي:

1-عالمية الرسالة الاسلامية وعلى مر الأزمان لقوله:( قل ياأيها الناس اني رسول الله اليكم جميعاً الذي له ملك السموات والارض لا أله الا هو،الاعراف 158)..وهي رحمة لعالمين لقوله:(  وما أرسلناك الا رحمة للعالمين ).

2بالاسلام وصل الانسان الى درجة النضوج في المعرفة والتشريع وان الانسانية بمحمد كانت ايذانا بانها قد بلغت سن الرشد اي مرحلة تحمل الاعباء.فلا دين بعد الاسلام ولا نبي بعد محمد (ص) لقوله تعالى:( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) .ويقول سبحانه وتعالى:( ومن يتبع غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين،آل عمران 85)اي ان الديانات الآلهية السابقة هي ديانات مقبولة شرعا.. ويؤكد ان الديانتين اليهودية والمسيحية من الديانات السماوية التي علمتنا الكثيرتطوراً لقوله تعالى مخاطبا رسوله الكريم :”ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والأنجيل  آل عمران 48″.

وأنطلاقاً من هذا التوجه نقول: هل الاسلام جاء ليحيا الناس به،أم ليحيوا من أجله؟ فأذا جاء الاسلام ليحيا الناس من أجله فهذا يعني أنه لا يتناسب مع فطرتهم وفرض عليهم فرضاً وسيأتي يوم ليتركونه -الأجيال القادمة- ويهربون منه كما هو اليوم نتيجة التزمت الفقهي المذهبي المرفوض.وأذا جاء الاسلام ليحيوا به فهو متناسب معهم في كل زمان ومكان..فالاسلام اخلاق ودين وعدل وصراط مستقيم..وليس كما يفهمه الفقهاء اجبار وتسليط.

من هنا يجب ان ننطلق في فهم أزمة الفقه الاسلامي الموروث والمفسر خطئاً عند كل المذاهب التي لا مبرر لها في الدين ..والتي أصبحت تشكل عبئاً علينا حيث أصبحت غير متناسبة مع معلوماتنا وظروفنا في القرن العشرين.فالأزمة تنطلق من خطأ في المنهج ،لا ضعف في اللغة العربية ، أو قلة في التقوى.

ان المفسرين الذين لا زالت تفاسيرهم هي المعتمدة الى الان كما هي ..هم الذين ظنوا ان القرآن على غرار التوراة  فكلاهما فيه كونيات وقصص ففسروا القرآن بالتوراة غير آخذين بنظر الاعتبار خاصية التشابه.وقد ثُبت هذا التفسير الى يومنا هذا وهنا  تكمن الازمة والخطأ المستمر دون أصلاح الخلل في كل المذاهب الدينية المخترعة منهم...لذا يجب علىالمسلمين ان يناقشوا بالمنطق العلمي مبادىء التشريع الاسلامي المدونة  وهي الكتاب والسُنة والقياس والاجماع  والتعريف بمفهوم الجريمة حسب الزمان والمكان والزامية التفسير الجديد للنص الديني والغاء التفسير القديم. والا سنبقى مكانك راوح الى ان يرث الله الارض ومن عليها.

ففي آيات أم الكتاب توجد الحدود،والعبادات جزء منها وكذلك الوصايا والتعليمات  والآيات المرحلية،فعلينا التفريق بينها  حتى لا تختلط آيات الحدود مع الآيات الاخريات،لأن آيات الحدود هي التشريع وليست عين التشريع  ، لذا فالقول لا مجال للاجتهاد فيما ورد فيه من نص بالنسبة للحدود قول لا يصح وهوعين الخطأ.أما الاشياء التي لم ترد في حدود الله علينا وضع حدود لها بأنفسنا وهذه الحدود بحد ذاتها متغيرة كتغير ضرائب الدخل المتغيرة زمنياً..

أما السُنة لها نوعان هما:

سنُة الحدود وسنُة الوصايا هي طاعة متصلة. أما الباقي فهو ضمن الطاعة المنفصلة اي طاعة الرسول في حياته.وسنُنة هي منهج في الحركة بين الحدود أو الوقوف عليها  أو وضع حدود مرحلية في أمور لم ترد في الكتاب، وهو بهذا كان مفهوم الاسوة الحسنة ويجب علينا ان نقلده في الاجتهاد ، لأنه فتح لنا الباب نفسه وبشروط الألزام .

أما القياس:

فعلينا مراجعته بكل تأكيد ،لأن قياس الشاهد على الغائب  هو قياس باطل ومجحف.فلا يصحُ ان نقيس أي مجتمع معاصر على المجتمع الذي عاش فيه النبي والا سوف نقع في الوهم.أما القياس الحقيقي فهو قياس الشاهد على الشاهد ضمن الحدود.فأما الشاهد الأول فهو البينات المادية  والشاهد الثانيهو الناس الاحياء الذين سيقاس من أجلهم في الزمن المعين.

ويبقى الأجماع :

في المفهوم المطروح للكتاب والسُنة والقياس يعطينا مفهوم الاجماع الحقيقي.وهو أجماع أكثرية الناس على قبول التشريع المقترح بشأنهم،وليس مااتفق عليه الفقهاء  وهم سيلتزمون بهذا الاجماع بتطبيق هذا التشريع ،لذا فأن المجالس التشريعية المنتخبة  والمنابر التشريعية الحرة وحرية التعبيرعن الراي هي جزء لا يتجزا من النظام السياسي في الاسلام وذلك حتى يتحقق مفهوم الاجماع وهذا هو المفهوم الحقيقي للديمقراطية التشريعية  وحرية الرأي ..وهم اليوم يخالفون..

أي ضمن الحدود..لذا لايجوزالتزوير والقتل والاستغلال والسرقة ففيها نصوص محكمة لا تقبل التآويل ..وهذا هو الذي خالفوه أجماعاً.زاليوم.

أما المفهوم الموروث بأن الاجماع هو ما أجمع عليه السلف أو جمهور الفقهاء – ولاندري من هم – هو مفهوم وهمي وغير عقلي ومرفوض ..فقد أجمع هؤلاء الفقهاء على أمور تخص الناس في حياتهم وضمن مشاكلهم الخاصة بها في أزمانٍ بعيدة عن أزماننا وليس لها علاقة الا بهم.لذا نرى ان المذاهب الفقهية الموروثة اذا كان فيها ما يناسبنا أخذناها  ،واذا وجدناها لاتناسبنا تركناها دون حرج من أثم، ويمكن الاعتماد على الفقهاء في الامور المتعلقة في فقه العبادات ولا غير.. مع ترك العنت والتزمت..

أمور كثيرة نحن بحاجة الى مراجعتها كما راجعت أوربا تفسيرات رجال الدين المتزمتين ،عندها فوجدت العلة في تشريعاتهم وأجتهاداتهم الخاطئة وليس في أنجيلهم،وعندما أنتفضت عليهم تحولت أوربا الى ما نحن نرى اليوم. فهم لم يلغوا دينهم ،بل تم ألغاء تعاليم رجال الكنيسة وصكوك غفرانهم الباطلة.فهل من معين لنا لننتفض على تشريعاتنا القديمة اليوم ونلغي ما تفرضه المرجعيات الدينية المتزمتة من فتاوى هي اصلاً ليسوا مخولين بها..، ونستند الى قرآننا في التشريع وعلماؤنا في التأويل، لنخرج من عنق الزجاجة التي خنقتنا كل المرجعيات الدينية المتربعة على عرش المال في هذا الزمن الأغبر الطويل،وجعلتنا أسرى لهم، وننطلق نحو الحرية والتقدم الحضاري،بعد ان نجعل فقههم خارج التاريخ..بعد ان دمروا حقوق المرأة ومصداقية النص الديني وحولوه الى تخريف.

ان التأسيس القرآني للمجتمع يعني دراسة الظواهر في أنقى أشكالها. وفي أكثر أوضاعها تحرراً من أي تشويش خارجي، فالتأسيس القرآني لا يعني العودة للماضي القديم (لأن العودة عبر الزمن مستحيلة).لذا علينا أن نَعرف القانون الذي يحكم الظاهرة أو الشكل العام والذي يفرض نفسهُ على كلِ ميلاد مجتمع.وسيظل للتطبيق الرسولي مكانة المثل والأسوة ،وسيظل هدى الأنبياء والرسل قدوة...فهل يتعظ من يحكمون اليوم من خونة الاوطان والدين الذين سرقوا المال العام المُحرم..وقتلوا النفس التي حرم َ الله قتلها..واستباحوا الحرمات..وهجروا الناس من ديارهم تلبية لرغبة اعداء الوطن والدين.….وفرقوا بين المواطنين في الحقوق مذهبياً وطائفياً..؟..هؤلاء لا يستحقون ان يكونوا حكاماً على الناس  في ديار المواطنين ..ولا يستحقوا الطاعة لأنهم جاؤا وما زالوا ضد عدالة القانون..”أعدلوا ولو كان ذا قربى”..هذا هو الاسلام ..أحترموا من يقول الحقيقة ..أيها الكافرون بأنسانية الانسان والدين..فنحن اليوم نغرق… نغرق… نغرق…في عالم اللادين..للمزيد

أنظر الكتاب والقرآن..للاستاذ الدكتور محمد شحرور ..

[email protected]