المقدمة : الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية ((Artificial intelligence in healthcare) هو مصطلح شامل يصف تطبيق خوارزميات التعلم الآلي والتقنيات المعرفية الأخرى في إعدادات الرعاية الصحية.
ببساطة، الذكاء الاصطناعي هو محاكاة أجهزة الكمبيوتر وغيرها من الآلات المعرفية البشرية للتعلم والتفكير واتخاذ القرارات والتصرف,ولذلك فإن استخدام الذكاء الاصطناعي في الطب والرعاية الصحية هو استخدام الآلات لتحليل البيانات الطبية والعمل عليها للتنبؤ بنتائج معينة.
لقد سهّل الطب الدقيق الانتقال الديناميكي من الرعاية الصحية التقليدية التي تعالج الأعراض والأمراض السريرية إلى الرعاية الصحية المتقدمة التي تعالج المرضى وفقًا لخصائصهم وتركيبهم الجيني, وسهلت علاج الأمراض واعتماد استراتيجيات فردية لتلبية الاحتياجات المتنوعة للمرضى.
يمثل الطب الدقيق تحولًا أساسيًا نحو رعاية صحية أكثر استباقية ودقة تتيح للناس أن يعيشوا حياة أكثر صحة وأمانًا.
أولاً : أمراض المناعة الذاتية
حسب تعريف المعهد الوطني الأميركي لعلوم الصحة البيئية، فإن هجمات أمراض المناعة الذاتية تحدث عندما يهاجم الجهاز المناعي عن طريق الخطأ الخلايا والأنسجة والأعضاء السليمة، ما يؤدي إلى ضعف وظائف الجسم ويهدد الحياة.
وتُعدّ الأمراض المناعية حالياً السبب الثالث للوفاة في الولايات المتحدة الأميركية، بعد أمراض السرطان والقلب، ونسبة الإصابة بها عالمياً في تزايد مخيف.
ويُصنّف العلماء حتى الساعة نحو ثمانين مرضاً من أمراض المناعة الذاتية، بعضها شائع لدى الناس كالنوع الأولى من السكري والتهاب المفاصل الرومانتيكي والتصلب اللوحي، في حين أن بعض هذه الأمراض صعبة التشخيص.
وقد تتطور الأعراض وتتشابه مع أمراض أخرى لعقود من الزمن قبل أن يكتشف الأطباء أنهم أخطئوا التشخيص لسنوات طويلة وأنهم أماماضطراب مناعي ذاتي، وهذه هي نقطة البداية:-
أكتشف عالم الكيمياء الفرنسي ( لويس باستور1822– 1895) لقاح “داء الكلَب” وتقنية “البسترة” والكثير من الابتكارات الطبية التي أنقذت حياة ملايين البشر، لكنه نسيَ أن يذهب لحفل زفافه، إذ بينما كان الجميع بانتظاره لإتمام مراسم الزواج، كان هو منكباً على أبحاثه في مختبره , حتى هرع إليه أحد أقربائه وذكره بالحدث، وانضم إلى الحفلة وتقبّلت زوجته الموقف بـ “روح رياضية“، ربما لأنه أنقذ حياة ملايين البشر!
حفل زفاف (لويس باستور) كان عام / 1850 م، يعني الأداة الوحيدة لتذكيره هي أصدقاؤه أو أقاربه، لكن حالياً أدوات التذكير الذكية مُتاحة بكثرة , وتُرسل لك إشعارات متى شئت وكيفما شئت، لكن يوجد ما هو أهم من إشعار التذكير نفسه ألا وهو توقيت جدولته أو إرساله.
ثانياً : اكتشافات جديدة
إن اعتماد العمليات الجراحية الروبوتية التي تعمل بالذكاء الاصطناعي آخذ في الارتفاع، مما يوفر إجراءات جراحية دقيقة وفعالة بأقل تدخل جراحي وأوقات تعافي أقصر, وهذا لا يفيد المرضى فقط من خلال تقليل مخاطر حدوث مضاعفات، بل يعزز أيضًا قدرات مقدمي الرعاية الصحية في تقديم رعاية عالية الجودة.
لقد كشفت – شركة جوجل ديب مايند – عن الإصدار الرئيسي الثالث من نموذج الذكاء الاصطناعي ألفا فولد (AlphaFold)، المصمم لمساعدة العلماء على تصميم الأدوية واستهداف الأمراض بشكل أكثر فعالية.
كما أطلقت الصين أول مستشفى في العالم يعمل بالذكاء الاصطناعي، والذي أطلق عليه اسم “مستشفى العميل“، وهو ما يمثل قفزة كبيرة إلى الأمام في مجال الرعاية الصحية.
يقع هذا المستشفى الرائد في بكين وتم تطويره من قبل باحثين من جامعة تسينغهوا، ويضم 14 طبيبًا من الذكاء الاصطناعي وأربع ممرضات افتراضيات، بهدف إحداث ثورة في تقديم الرعاية الطبية.
ومن المثير للدهشة أن المستشفى يمكنه علاج عشرة الأف مريض في غضون أيام قليلة، وهو إنجاز قد يستغرق الأطباء البشريون ما يصل إلى عامين، مما يُظهر كفاءة وإمكانات الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية.
ثالثاً : تحسين دقة التشخيص
من خلال الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي، تمكن مقدمو الرعاية الصحية من تحسين دقة التشخيص، وتخصيص خطط العلاج، وتعزيز رعاية المرضى من خلال المراقبة عن بعد, ومع ذلك، فإن دمج الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية يأتي أيضًا مع مجموعة التحديات الخاصة به، بما في ذلك المخاوف المتعلقة بخصوصية البيانات، والحاجة إلى دمج الذكاء الاصطناعي مع أنظمة الرعاية الصحية الحالية، والاعتبارات الأخلاقية في صنع القرار بواسطة خوارزميات الذكاء الاصطناعي.
على الرغم من هذه التحديات، فإن مستقبل الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية يبدو واعداً، مع إمكانية الكشف المبكر عن الأمراض، واكتشاف الأدوية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، واعتماد العمليات الجراحية الروبوتية المدعومة بالذكاء الاصطناعي لتحقيق الدقة والكفاءة.
وبالنظر إلى المستقبل، فإن مستقبل الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية يحمل إمكانات هائلة لمزيد من التقدم في رعاية المرضى والبحوث الطبية, أذ تتمتع تقنيات الذكاء الاصطناعي بالقدرة على إحداث ثورة في الكشف المبكر عن الأمراض من خلال تحليل كميات هائلة من بيانات المرضى لتحديد الأنماط الدقيقة والمؤشرات الحيوية التي قد تشير إلى وجود الأمراض في مرحلة مبكرة.
وهذا يمكن أن يؤدي إلى التدخل المبكر وتحسين نتائج العلاج للمرضى، مما يؤدي في النهاية إلى إنقاذ الأرواح وتقليل تكاليف الرعاية الصحية.. علاوة على ذلك، فإن اكتشاف الأدوية وتطويرها باستخدام الذكاء الاصطناعي لديه القدرة على تسريع عملية جلب أدوية جديدة إلى السوق بشكل كبير. ومن خلال الاستفادة من خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات الجينية، والتنبؤ بالتفاعلات الدوائية، وتحسين أنظمة العلاج، يمكن للباحثين تحديد أهداف دوائية جديدة وتصميم علاجات أكثر فعالية لمجموعة واسعة من الأمراض.
الفوائد
لقد كان تأثير الذكاء الاصطناعي على الرعاية الصحية عميقًا، حيث أدت التطورات إلى تغيير الطريقة التي يقدم بها المتخصصون الطبيون الرعاية, ومن إحدى الفوائد الرئيسية للذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية هي :
على سبيل المثال، تبين أن أدوات التشخيص التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، مثل Watson من شركة IBM، تتفوق في الأداء على الأطباء البشريين في بعض المهام التشخيصية، مما يؤدي إلى تشخيص أسرع وأكثر دقة لحالات مثل مرض السرطان.
الأضرار
على الرغم من الفوائد الكبيرة التي يجلبها الذكاء الاصطناعي للرعاية الصحية، فإن تنفيذه لا يخلو من التحديات.. أحد المخاوف الرئيسية هو :
المصادر/