إذا فقدت الأمم والشعوب ذاكرتها فستفقد مناعتها , وتتحول إلى موجودات خرفة تقودها إرادات الآخرين , لأنها لا تمتلك ما يؤهلها لقيادة نفسها ومعرفة خارطة مسيرها.
وذاكرة الأمم والشعوب تتلخص بتأريخها , الذي يمكن محقه أو تحويله إلى سلاح ضدها , لتدمير وجودها في الحاضر والمستقبل.
وبما أن تأريخ أمتنا لا يمكن محقه والتخلص منه , فأعداؤها يجدّون ويجتهدون بتحريفه وتحويله إلى طاعون , لتعويقها وتفريغها من جوهرها وطاقاتها الحضارية الأصيلة.
وفي زمننا المعاصر بلغ العدوان الفكري والثقافي ذروته وتمام خطورته , بتغفيل نخب الأمة وتحويلهم إلى أدوات فاعلة في تشويه التأريخ والتقليل من قيمته , بل وتكذيبه وإعتباره حالة مغايرة مترعة بما هو سلبي ودوني , وبعيد عن المعاني السلوكية النبيلة السامية.
ويتم التركيز على الدموي والقتالي , ويبتعدون عن العلمي والثقافي , ليوهموا الأجيال بأن الأمة لا علاقة لها بالعلم والمعارف الإنسانية , وأن بطولتها في السيف وحسب.
ولهذا تجد الذين يحاولون الكتابة عن حقيقة اِلأمة الحضارية في محنة تحدي ما في رؤوس أبنائها من أضاليل وتصورات سلبية , فتجدهم يبخسون المكتوب بإيجابية عن أمتهم , ويهللون ويروّجون السلبي.
ويبدو أنهم قد أفلحوا بزرع الأكاذيب في الوعي الجمعي , وإقناع أبنائها بأنها مقعدة , عاقرة , فاقدة لمؤهلات المعاصرة , وعليها أن تتبع وتقبع في أحضان الطامعين فيها.
فهل من تفاعلات تحافظ على ذاكرة الأمة وتصونها من التشويه والتدمير؟!!