18 ديسمبر، 2024 4:52 م

الدين والعلم بين الثابت والمتغير

الدين والعلم بين الثابت والمتغير

 

الموضوع : 1 . أن الأسلام ، قرآن وسنة وحديث وموروث ، يقول شيوخه وفقهائه ” أن الأسلام صالح لكل زمان ومكان ” ، وهذه المقولة أوقعت المعتقد في أشكالية كارثية . ولكن لا يمكن أن نضع هذا المحتوى ، تحت مظلة اليهودية والمسيحية ، لأن الدينين لن ينخرط معتقدهما في هكذا نهج ، ورجال كهنوتهم أخرجا المعتقدين من شرنقة ديمومة الصلاحية الزمكانية .
2 . وأنقل عن ما جاء بهذا الصدد – أن الأسلام صالح لكل زمان ومكان ، من موقع / أسلام ويب ، وبشكل مختصر ( كيف يكون الإسلام دينا كاملا صالحا لكل زمان ومكان وفيه الحل والعلاج لجميع قضايا الأمة ؟ . فصلاحية دين الإسلام لكل زمان ومكان أمر مسلَّم به عند العقلاء فضلاً عن شهود الأدلة الشرعية عليه ، فهو خاتمة الأديان ، وهو الذي ارتضاه الله للأنام ، قال تعالى { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا / سورة المائدة: 3 } ، فكيف يحتاج الناس إلى غيره مع تمامه ؟ أم كيف يرجون الهدى في سواه ولا دين بعده ؟ !!. وقد ظلت هذه الحقيقة قائمة منذ عصر الرسالة , إلى عصرنا هذا ، فهي حقيقة ثابتة في ذاتها لكن جلاءها يتفاوت بقدر ما يقوم به المسلمون من خدمة لدينهم ، وبقدر التطبيق الفعلي لأسسه وقواعده ، فإذا تخلفت تلك المواكبة والصلاحية ، فليس تخلفها لأن الدين لا يصلح ، بل لأن أبناءه تنازلوا عنه واستبدلوا به غيره . فالواجب على المسلمين أن يحققوا هذا المنهج ، وأن يقوموا به حق قيام .. ) .
القراءة : أولا – لا بد لنا أن نقول ، أنه ليس من ثابت في الكون والحياة والطبيعة والعلم ، وهذا يشمل حتى القوانين والنظريات .. وذلك نظرا لتغير ظروف الزمان والمكان ، وتطور المكننة ، وظهور أجيال متقدمة من الحواسيب ، وكذلك بروز عقليات فذة خارقة ، نقضت الكثير من النظريات والقوانين ، بل فندت حتى البديهيات .
ثانيا – وسأسرد مثالا واحدا على ذلك ، وهي النظرية النسبية ل ألبرت أينشتاين ، وملخصها ( قولها بتوحـيد الزمـان والمكـان ( الزمكان ) واعتبارهما وجهين لعملة واحدة ، وغير ثابتين على الدوام ، وأن الوقت ليس مسألة نفسية ، بل هو حالة من الفيزياء المعقدة ، يتباطأ مع ازدياد السرعة ، أي يتباطأ إيقاع الساعة نفسها المجردة من كل الأحاسيس البشرية ، وما ينطبق على الوقت ينطبق أيضاً على الطول ، الذي يتقلص بزيادة السرعة.. وكما تهاوى الزمان والمكان بمفهومهما المطلق والثابت .. فالكتلة والطاقة هما تعبيران عن ذات الشيء .. / نقل من موقع الأيام – من مقال لعبد الغني سلامة ) .
ثالثا – بعد زمن ، العلماء قالوا أن النظرية النسبية خاطئة ( وأقترح العلماء بعد كشف النقاب عن الخريطة الأكثر شمولاً لـ المادة المظلمة في الكون . أنتج تعاون دولي بين العلماء أكبر نظرة وأكثرها تفصيلاً حتى الآن على المادة الأكثر مراوغة في الكون ، تمثل المادة المظلمة حوالي 80 في المائة من كل شيء في الكون ، لكن المادة الغامضة قد اختفت من أنظارنا حتى الآن ومن هنا جاء مصطلح الظلام ، لكن تعاون الطاقة المظلمة (DES) رسم تخطيطًا لتوزيع المادة المظلمة في جميع أنحاء الكون ، وكشف عن كيفية انتشار المادة وأين تتركز .. / نقل من موقع البلد ) .
رابعا – النظرية النسبية الخاصة 1905 والعامة 1907 – 1915 لأينشتاين ، لم تلبث طويلا في أروقة وميادين العلم ، لأنها نقدت ، وبعض العلماء دحضها بعد عشرات السنين ، أي لم تصمد سوى عقود ، فكيف لمعتقد / ظهر منذ 14 قرنا ، أن يصمد أمام التغيرات الزمكانية والظروف المجتمعية ، ويقول كهانه أنه صالح لكل زمان ومكان ! .. ومن جانب اخر ، هل من العدل أن نقبل في القرن 21 نصا قرآنيا يقول ( إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ / 19 سورة آل عمران ) ، والعالم به أديان ومعتقدات ، سماوية وأرضية . وهل الآية التالية التي كانت تحث أتباع محمد على الغزو وتوعدهم بنساء في الجنة ( وَحُورٌ عِينٌ . كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ / سورة الواقعة 22 ، 23 ) ، ممكن أن تقبل الأن ! . وهل بالأمكان أن نؤمن بحديث ، دموي ، ينص على أسلمة البشرية ( وعَن ابن عمر ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : أُمِرْتُ أَن أُقاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَن لا إِلهَ إِلاَّ اللَّه وأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، ويُقِيمُوا الصَّلاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ، فَإِذا فَعَلوا ذلكَ ، عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وأَمْوَالَهم إِلاَّ بحَقِّ الإِسلامِ ، وحِسابُهُمْ عَلى اللَّهِ ، مُتفقٌ عليه ) . وهل هلوسة زواج الرسول من مريم العذراء ام المسيح و .. هل يقال هكذا حديث عن خاتم الأنبياء ، قال النبي : ” يا عائشة إن الله زوجني مريم بنت عمران وآسيا بنت مزاحم في الجنة ” . وفي معجم الطبراني الكبير عن سعد بن جنادة قال الرسول ” إن الله زوجني في الجنة مريم بنت عمران وامرأة فرعون و أخت موسى ” .. وغير ذلك من مفاهيم السبي والغزو وملك اليمين والجزية وقطع الروؤس وقطع يد السارق والرجم ، والقائمة تطول . كلها مرويات لا يقبلها العقل ويرفضها المنطق ، ولكنها طغت في حقبة الدعوة المحمدية ، لجهالة العقل المجتمعي .
أضاءة : أ – أن التغيرات في الوضع المجتمعي ، كالأنتقال من حياة البداوة والتنقل الى التحضر ، والتركز في المدن ، وأنتشار الوعي والأدراك لدى المجتمعات ، أضافة الى التعلم وأنتشار القراءة والكتابة والتثقف ، مع التغييرات الزمكانية .. كل هذا لن يجعل ما كنا نؤمن به أو نصدقه سابقا ، أن نعترف به الأن ! ، وهكذا الأسلام بنصوصه وسنن وأحاديث رسوله ، التى مضى عليها 14 قرنا ، كذاك العلم أيضا ، ليس من نظرية تبقى ثابتة طول الزمن . أذن ليس من مطلق تام ، كل أمر ماض للتغيير ، وكل موضوع قابل للنقد ، هذه هي الحياة الدنيا . فكيف الأمر مع ما سردت من نصوص ومرويات في رابعا أعلاه.
ب – ولكن بعض النصوص والسنن والممارسات ، ثبتت وطبقت وتكررت الى الأن ، بالرغم من مرور 14 قرنا عليها ، وهي ما تطبقه المنظمات الأرهابية الأسلامية / القاعدة وداعش وأخواتها ، من قتل وصلب وحرق وسبي وجزية وقتل المخالف .. وأرى أن هذا يعود الى تجهيل وتسطيح عقل المسلم ، وحشوه بماضوية الأسلام ، المعبأءة بثقافة القتل وألغاء الأخر .
ج – أن المجتمعات التي لن تجدد وتغربل موروثها ، لا يمكنها أن تواكب المستقبل ، لأن عجلة الحياة تنطلق دوما الى الأمام ، والثابتون في مواقعهم بأفكارهم ومعتقداتهم الماضوية ، كالراكدون في مستنقعات الرمال المتحركة ، كلما حاولوا الخلاص ، أنغرزوا نحو القاع .
خاتمة : أن العلماء وأهل الأختصاص ، هم من يؤكدون أو يطورون أو ينقدون أو يدحضون النظريات والقوانين .. أما الرؤية المجتمعية فهم من يؤمنون أو ينفرون أو يشككون أو يرفضون ، بما كتب في النصوص العقائدية ومجمل الموروث .